فضائح نظام ولد عبد العزيز تتساقط على أمهات رؤوسنا كحبّات البَرَد.. غير أنها و إن أشبهتها في كثرتها و انتشارها، فما هي بالتي تشبهها في نقائها و بياضها و دفئها.. فمع كل إشراقة شمس تطالعنا فضيحة، تتبعها أختها عند الزوال، وتشيّعها أخرى عند الطَّفَل.. و كأن الرجل مخلوق أسطوري يبيض الفضائح و يفرخها. فضائح الفساد اتسع فتقها على الرّتق، فأصبح المختلسون أبطالَ الأمد السياسي و بدورَ فضائه.. فالوزير الأول، ذو التاريخ الحافل بالفساد و توزيع الامتيازات غير المستحقة على أقارب الرئيس و عقيلته و المقربين منهما، أشبه بخازن مغارة لصوص يوزع غلّتها على أفراد عائلتي كامورا و كوسانوسترا.
بعد فضيخة صناديق أكرا الغبية و غُمّة الرصاصة الصديقة لم تعد تقشعر جلودنا للدواهي.. فـ"لكل امريء من دهره ما تعوّد".. غير أن تهاطل الفضائح علينا في الأيام الأخيرة جعلت جلودنا تستعيد حساسيتها بعد أن نضجت فأبدلتنا الطبيعة جلودا غيرها. لا تكاد تُولّي جحافل يوم أيوَم من سنوات حكم الجنرال الأرعن العجاف، دون أن تكون هنالك قضية "مخدرات"، تكون نهايتها في آخر مطافها غامضة.. لا يمكن لعلامات الاستفهام و التعجب إلا أن تتراقص جرّاءها أمام ناظريك كإناث عفاريت. فلماذا أطلق سراح سيدي ولد هيدالة دون أن يحاكم.؟.. و ماهي ملابسات اعتقاله الأخير المثير للجدل.؟ .
ولماذا أُغلِق ملف اتهام أخيه بزرة بتجارة المخدرات حين أشار بأصابع اتهامه إلى ابن الرئيس البكر.؟..
و ماهي ملابسات علاقة مستشار الرئيس سيء الذكر احميده ولد اباه مع مجموعة "حسين كيغوز" المتهمة بالمتاجرة بالمخدرات، و مساعيه لإطلاق سراح الحاج أحمد.؟!..
و لماذا اتهمه ولد هيداله، أمام السلطات الأمنية، بالضلوع في تجارة المخدرات فلم تنتطح في الأمر شاتان.؟..
و هل من شر بعد نفي وزير الداخلية لتورط "مستشار الرئيس للتنصت على الهواتف" في تجارة المخدرات.؟.. حيث لا يُوصَف المحل بالشيء إلا إذا كان قابلاً لضده.. و كفى المسؤول السامي لؤماً أن يتهم، و إن افتراءً، بمثل تجارة المخدرات. فقصارى ما يمكن أن يوصف به المسؤول السامي حين يتهم بذلك أنه "ليس فوق الشبهات".. و لماذا الاحتفاظ بمسؤول مشبوه و كأن نساء البلاد عجرن أن يلدن مسؤولا نقي الأردان من الأدران.!
و أين بدر ابن عبد العزيز من هذه العصابة.. و هو الذي اتهمه قبلها شقيق سيدي ولد هيداله بالضلوع معه في تجارتها..؟..
وهل هنالك ما يربط بين ملف بزره و بدر الذي مات قبل أن يستهل صارخاً، مع ملف سيدي ولد هيداله و أخيه اعل الشيخ ؟..
و لماذا لم تطالب المعارضة نؤومُ الضحى، بالتحقيق في ملابسات ضلوع بدر إبن الرئيس عزيز و مستشاره احميده في تجارة المخدرات أو حماية تجّارها.؟..
و لماذا تفوّت عليها فرصة إحراج الديكتاتور عزيز بالمطالبة بتحقيق محايد في ضلوع مستشاره المتنفذ في ملف المخدرات.؟
فلا شيء سيحرج الجنرال أكثر من أن يكون على مستشاره الخاص أن ينفي عن نفسه مثل هذه التهمة: قد قيل ما قيل إن صدقاً و إن كذباً فما اعتذارك من قول إذا قيلا أراكم غدا مع فضيحة أخرى من فضائح "باب العزيزية".!