لقد كان التعديل الوزراري الأخير تعبيرا جلياً لتراجع نفوذ الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد لغظف ( الذي عيّن بعد إقالته من الوزارة الأولي وزيرا أمينا عاما للحكومة) و الذي على حساب خلفه يحي ولد حدمين و عدوه السياسي، الذي يحتمي خلف مقربين من الرئيس عزيز من بينهم صهره محمد ولد امصبوع و خلية بنات شيخان و ابن خالته افيل ولد اللهاه، ولوبي الصفقات و السماسرة من أبناء عمومة الرئيس الذين يرون في ولد حدمين ظهيرا يوثق به في المعاملات المريبة. و قد تجسد انتصار ولد حدمين في خروج وزير الصحة السابق ولد جلفون، المحسوب على ولد حدمين، و الذي سبق أن تلكأ في التوقيع وثيقة صحية بالموافقة على إدخال حمولة باخرة من السيراليون لموريتانيا ثم شحنتها لدكار بعد أن رفضت الحكومة السنغالية رسوها على شاطئها خلال استشراء وباء الإيبولا فيها.. تلكأ ولد جلفون الذي طلب منه التوقيع دون فحص طبي لطاقم الباخرة في التوقيع على دخولهم موريتانيا ثم وافق بإلحاح من ولد حدمين الذي استنجد بالرئيس ليصدر بذلك أوامر للوزير المشاغب المحسوب على ولد محمد لغظف.. هكذا أيضا تتواتر روايات متطابقة على أن ولد جلفون في سورة غضب لأسر لبعض خلصائه أنه لن يتردد في ضرب ولد حدمين إذا ما عاود استفزازه. و يغادر الحكومة في تعديلها الجديد أحد المقربين جدا من ولد محمد لغظف با عثمان، الذي ظل صامدا لم تعصف الفضائح الكثيرة في قطاعه، و التي كان آخرها تسريب الباكلوريا.. كما كان ولد عبد العزيز قد عبّر لبعض مستشاريه المقربين من أن هذا "الكوري" اشتد بطره كثيرا حتى أصبح "يواعد البيظانيات".. و كان لا يخاطبه إلا بـ"صديق مولاي". و هكذا أيضا يغادر السلطة محسوب على آخر على ولد محمد لغظف هو مستشاره السابق، و وزير العدل اللاحق، ثم وزير الإسكان و العمران و الاستصلاح الترابي سيدي ولد الزين، الذي لك يعصف به اعترافه في مجلس الشيوخ بأنه تعرض لمحاولات رشوة، دون أن يتم اعتقال الراشي أو حتى الكشف عن هويته، على الأقل.. "وزراء مولاي ولد محمد لغظف" تساقطوا مثال أوراق الخريف، بعد أن هشّ عليهم ولد حدمين بعصى انتقامه، وبعد أن أبعد لمفوضية الأمن الغذائي محمد ولد أحمد سالم ولد محمد راره الذي كان من أشدهم وطأة عليه، بطل فضيحة رفض ولد حدمين تقريرا حرّره باللغة العربية. غير أن مما ينغص حلاوة الانتصار "الحدميني" هي عودة الرجل القوي ريسلكو ولد إيزيد بية بعد تمكنه من إبعاده مؤقتا عن مواطن القرار، والذي تعتبر عودته انتصارا لجناح "إيسلكو - ولد باهيه" على تحالف ولد حدمين مع خلية توت بنت الشيخان و خيرة و ولد محم. و قد لا يجانب الحقيقة من يصف وزير نقل ولد حدمين السابق بأنه ألد أعدائه و أكثرهم ضراوة. و هكذا أيضا كان من بين المغادرين حمادي ولد اميمو السفير السابق في أديس أبابا الذي لم يهنأ كثيرا بتعيينه وزير للخارجية. مما لم تنشكف بعد الأسباب الخفية لإقالته. و بعد أن صفّى وزير السماسرة و الصفقات الفاسدة يحي ولد حدمين خصومه من الحكومة، يدخلها البرفسور كان بوبكر الطبيب المؤتمن على ملف إصابة ولد عبد العزيز بطلق ناري في أمعائه، و الذي كانت فكرته في طريقة إجراء العملية المخالفة لرأي زميله ولد مكيه السببَ في إنقاذ حياة الرئيس.. كما أنه شقيق المدير السابقة للسجون أمنتا كان المدير الحالي لشركة المطارات. و المدير السابق لمستشفى الشيخ زايد و لمعهد امراض الكبد الوبائية الذي توقفت أشغاله بعد عجز "سنيم" عن الاستمرار في تمويله. و هكذا دخل إلى الحكومة سيدنا عالي ولد سيدي ولد الجيلاني، القاضي السابق في محكمة الحسابات، و عضو المكتب التنفيذي لنادي القضاة الموريتانيين و الموظف السابق في السفارة الموريتانية بالمغرب و شقيق مفتش السابق للأموال العمومية محمد آب ولد الجيلاني الذي أثار في فترته ملفات فاسدة كبيرة، خلقت عداوة بينه و بين رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو الذي كان حينها الأكثر حظوة في بلاط النظام، قبل يدب الخلاف إلى علاقتهما . كما من بين من دلفوا لبوابة الحكومة الجديدة محمد ولد كمب الخبير الاقتصادي، و الموظف السابق في آمسكتيب، الذي تولي حقيبة جديدة لوزارة منتدبة لدى وزارة المالية مكلفة بالميزانية. و لم تغب المحاصصة القبلية و الجهوية عن هذه التعديلات الوزارية فقد تم استبدال الدي ولد الزين بإبن مدينة القدية إسلم ولد سيدي المختار وزير التعليم الجديد الذي ينتمي لذات الجناح السياسي في المنطقة الذي ينتسب له ادي ولد الزين، و المناهض لرجل نظام ولد الطائع القوي الداه ولد عبد الجليل. اما سيدينا عالي ولد الجيلاني فيخلف إبن جهته المقال ولد جلفون، تماما كما يخلف ولد كمبو إبن تانورت النعاج بتكانت وزير الاقتصاد السابق سيد أحمد ولد الرايس، و يعوض البرفسور كان ابوبكر الفراغ العرفي الذي يخلفه خروج با عثمان من الحكومة. و قد يكون من موجز القول إن هذه التعديلات قد أضحكت ولد حدمين بانتصاره الصاعق على غريمه مولاي ولد محمد لغظف غير أنها أبكته حين أعادت إلى مجلس الوزراء عدوه اللدود إيسلكو ولد إيزيد، الذي يتقن عكس ولد محمد لغظف فن مناورة و تعكير مزاج غرمائه.