بسهولة يردد البعض هذه العبارة في محالة لتسويق معلومات مفادها أن الحريات محاربة من قبل هذا النظام دون التمييز بين الحرية التي يكفلها القانون، وحماية حقوق الأشخاص التي يكفلها القانون أيضا.
حسنا لنعود إلى الوراء قليلا لاستنطاق الأيام الخوالي وما شهدته موريتانيا في الفترة الماضية من تجريح وسب يتنافى مع الحرية التي تنتهي بالمساس بحرية الآخر، ويؤكد القاعدة المعروفة (الحرية المطلقة مفسدة مطلقة)، حيث بدأ التعريض بالأشخاص ووصفهم بما لا يلق مع استهداف الرئيس الأسبق المرحوم سيدي ولد الشيخ عبد الله من خلال "اسكتشات" بثها التلفزيون الرسمي تُعَرض بالرجل وتصفه بالجنون إبان الانقلاب على نظامه (عاطي راس لخلة، لاه يجن بيه عزت الرئاسة، وانت ماتيت رئيس، فاصل فحجاب).. وغيرها من العبارات التي لا تليق؛ والتي قيل حينها إن الرئيس السابق كانت تصيبه بهستيريا ضحك عجيبة!
كانت هذه البداية فقط؛ توالى بعد ذلك التجريح والسب وتمت تغذيةُ النعرات بين مكونات المجتمع الواحد، وصار من الطبيعي والمألوف سب العلماء الأجلاء، وقادة الرأي والعامة في المنابر الإعلامية، وانتشرت العبارات العنصرية في الأسواق والشوارع وبات وصف الأشخاص بأشد عبارات السوء عادة يومية، كل ذلك على مرأى ومسمع من السلطات العامة في البلاد التي تراقب شرارة الصراع البيني وهي تزداد دون تحريك ساكن.
نعم لم يحفظ الحاكم حينها حقوق الأفراد والجماعات ولم يصن أعراضهم رغم أن القاعدة تقول: "حفظ الموجود أولى من طلب المفقود" وبدل البحث عن حرية زائفة كان الأولى حفظ المجتمع من العبارات العنصرية التي تم التأسيس لها خلال العشرية الماضية وانتشرت بين جميع مكونات المجتمع إمعانا في التفرقة، وقديما قيل: "فرق تسد".
وصل المجتمع إلى درجة من الاحتقان منذرة بخطر انفجار قد يقع في أي لحظة ما يجعل معالجة الخلل القائم ضرورة يجب القيام بها بصورة مستعجلة لصون الحقوق ونشر الأخوة بين أطراف الجسد الواحد الذين يستحقون على الدولة معاملتهم بالمساواة وحفظ أموالهم وأعراضهم تنفيذا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم...).
وما يحدث الآن فهو معالجة أزمة أخلاقية تعيشها البلاد منذ أكثر من عشر سنين، أزمة صنعتها إرادة السياسيين وعززتها أقلام الحقوقيين وكتابات المدونين..
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلقل خيرا أو ليصمت".
*الشيخان ولد سيدي صحفي مراسل دولي*