طالعت كغيري من حجاج الأعماق والآفاق خبر لقاء رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني ببعثة الحج الرسمية ومن قيل إنهم ممثلون عن الحجاج الموريتانيين؛ في اجتماع قالت وكالة الأنباء الموريتانية إنه يهدف (إلى تقييم الظروف التي أدى فيها حجاجنا الميامين ركن الحج هذا العام، والجهود التي بذلتها البعثة لوضع الحجاج في ظروف تسمح لهم بأداء مناسك الحج).
وانطلاقا من معايشتي اليومية للحجاج، واتصالي المباشر بكثير منهم كان السؤال الأبرز بالنسبة لي ولهم هو على أي أساس تم اختيار ممثلين للحجاج في اجتماع لم يسمعوا عنه إلا بعد نشره في الوكالة الرسمية؟
وكيف يتم تقييم خدمات الحجيج من قبل من لم يعيشوا ما عاشوه بفعل اختلاف ظروف أداء المناسك؟
ثم كيف يتم تقييم خدمة شبه معدومة كتلك التي قدمت لحجيجنا من قبل البعثة الرسمية؟
إن الإجابة على كل هذه التساؤلات تبدأ من قراءة أسماء من وقع عليهم الاختيار لتمثيل الحجاج الموريتانيين في اجتماع لم يسمعوا عنه قبل وقوعه؛ وهي القراءة التي تثير سؤالا أكبر وهو لمصلحة من تحجب ظروف حج مواطنينا عن رئيس الجمهورية؟
فخامة الرئيس هل حدثوكم عن ما عاناه الحجاج الموريتانيون في سبيل إكمال إجراءات حجهم؟ هل حدثوكم عن معارك التأشيرات التي خلفت العديد من حجاجنا بعدما دفعوا من عرق جبينهم تكاليف مضاعفة لرحلة حجهم؟ هل حدثوكم عن المضاربات التي أوصلت تذكرة الحج لنحو ستة ملايين أوقية؟ هل أنبأوكم عن أكثر من عشر ساعات قضاها الحجيج في مطار نواكشوط في انتظار اكتمال إجراءات لم تستغرق أكثر من عشر دقائق في مطار المدينة المنورة ؟ هل أخبروكم عن صلاة عدد من الحجاج في الطائرة دون وضوء ولا تيمم لأنهم لم يجدوا من يرشدهم رغم وجود محججين على نفقة الخزينة العامة تحت عنوان (المرشدين)، هل حدثوكم عن تلك السيدة التي وقفت أمام الروضة الشريفة وهي تناجي الله قائلة أمام آلاف البشر (يا وني أل الكعبة)فقط لأنها لم تجد من يقدم لها المعلومة الصحيحة في المكان والزمان الصحيحين ؟ هل أخبروك عن قصة المعاش وما أدراك ما المعاش؟ هل حدثوك عن تدافعهم أمام الروضة الشريفة وعن صدهم عن حياض المعاش كما تطرد غرائب الإبل ؟ هل حدثوكم عن بعد إقامة الحجيج الرسمي من المسجد الحرام بنحو ثلاثة كلم مع عدم وجود وسائل نقل إليه؛ غير رحلة يتيمة تنظم الثالثة فجرا، ما حرم الكثير من حجاجنا من أداء الصلوات الخمس في المسجد الحرام رغم أن الصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة في غيره ؟
هل أخبروكم سيدي الرئيس أن نسبة كبيرة من حجاجنا الميامين ربما ضاع حجها لأنها لم تؤد ركنا من أركانه لجهل أو لدهشة قادم لم يعرف من أن يبدأ طوافه مثلا؛ وأين ومتى ينتهي سعيه؟ وما ميقات الوقوف بعرفة (الركن)؛ وكل ذلك بإمكانه تجنبه لو تحقق له ما تحقق لنظرائه في البلدان الإسلامية من إرشاد وتوجيه؟
هل حدثوكم عن طوابيرهم الطويلة في مخيم منى لشحن هاتف؟ هل أخبروك أن حجيجنا كان الحجيج الوحيد الذي ترك العلامة له علامة فحتى مركزهم في المخيمات العربية ضنوا عليه بلافتة تحمل اسم بلادهم أو علمها (الصور موجودة)؟ هل أخبروك أن نساءنا في الحج لم يكن (عمائم أجواد) بعدما تفطرت أقدامهن وانتفخت من كثرة السير عليها؛ وتصدعت رؤوسهن بسبب الجلوس في العراء تحت شمس حارقة متفق على خطورة ضرباتها(مخيم عرفة مثلا)؟
هل حدثوكم سيدي الرئيس أن السوار المميز لحجاجنا كان الاستثناء الذي يثبت قاعدة الفوضوية التي طبعت تنظيم الحج لهذه السنة فهو السوار الوحيد الذي لا يحمل رقم جواز سفر صاحبه عكس ما عليه الحال عند غيرنا من الحجاج؟ هل أخبروكم أن ما حققته دبلوماسية الشاي من نجاح في التعريف ببلدنا يفوق أضعافا مضاعفة ما حققته بعثاتنا الدبلوماسية التي ننفق عليها أرقاما فلكية ومع ذلك تعجز في بلد كالمملكة العربية السعودية التي أضاء آفاقها نور علمائنا أن تضع حدا للسؤال الحائر (من موريتانيا؟ وين تقع موريتانيا؟).
سيدي الرئيس إن ما شهدته نسخة الحج للعام 1443 من فظائع يشيب له الولدان، فلو كان البحر مدادا لكلماتي لنفد قبل أن أحصي تلك الفظائع؟ ولو كتب للعلامة محمد يحي الولاتي أن يعايشها لكتب أضعاف ما كتبه عن رحلته الحجازية.
فظائع متفق أنها تكررت في مواسم سابقة ولم يتم التغلب عليها فقط لأنه تم طلاؤها باجتماع مماثل لذلك الاجتماع الذي عقدتموه أمس؛ لكني واثق من فطنتكم وإيمانكم والمؤمن لا يلدغ في جحر واحد مرتين .
من صفحة الأستاذ عبد المجيد ولد إبراهيم بالفيس بوك