أنا وديمي …
أتذكر أن أول لقاء مباشر ومطول بيني وبين الراحلة ديمي بين آب كان في مدينة طنجة بالمملكة المغربية…
كنت أدرس في الرباط، ولكنني كنت في بعض عطلات الأسبوع أسافر الى طنجة حيث شقيقي السفير باباه سيدي عبد الله.
كانت ديمي يومها تأخذ قسطا من الراحة هناك، وكانت تقيم -قبل أن تستقل لاحقا -في بيت باباه الذي كان رئيس تحرير في إذاعة ميدي 1 …
تعرفتُ على ديمي آنئذ، سيدة لا تقل أخلاقها جمالا ورقة عن صوتها، كانت شخصا عفويا، متشبعا بقيم الكرم والفضل والأنفة..
كان منزل باباه قبلة لعديد الطلبة الموريتانيين المقيمين في طنجة ولن أنسى ما شاهدته بأم عيني مرات متعددة من دس النقود في جيوب بعض الطلبة، كأنها تحاول أن لا يلحظ أحد تصرفها ذاك..
كانت تعطي بغير حساب.. وكانت تتحدث دائما عن ظروف الطلبة وضرورة مساعدتهم رغم أنها لا تعرف أغلبهم ولم أسمعها تسأل عن قبائلهم …
كانت تربطها علاقة أبوية بالمرحوم محمد فال ولد هدار والذي زارها أيضا في طنجة فاجتمع بذلك عقد الأريحية والفن والطرافة …
أتذكر أنني يومها حصلت على شهادة الدراسات العليا المعمقة من جامعة محمد الخامس فأصرت رحمها الله على الاحتفاء بالحدث من خلال تنظيم مأدبة وتسجيل شريط موسيقي.. يومها رفض الأخ باباه واعتبر ذلك تكليفا وتعبا..
أتذكر مرة أننا سافرنا من طنجة الى الرباط حيث سأبقى هناك بينما يتابعون رحلتهم الى الدار البيضاء وكانت معنا في السيارة الشخصية صحبة محمد فال، وعندما أدير مسجل السيارة انبعث صوت الخليفة وهو يشدو من شريط الكنتاوية، فلاحظت تأثرها ودموعها التي لم تستطع إخفاءها، وأتبعت الموقف بعاصفة من الترحم والدعاء..
ديمي كانت شخصيا أريحيا وعفويا.. ذات مرة طلبت من باباه على سبيل الدعابة أن يذكر اسمها في نشرة الأخبار في اذاعة ميدي 1 فقال لها : لك ذلك، فقط استمعي ..
وبما أنه محرر النشرة أيضا فقد تعمد وجود جملة ( على أديم تلك الأرض) مبرزا بطريقة إنشادية كلمة (ديم) وقد أسعدها ذلك كثيرا رحمها الله..
دامت علاقتي بها بعد ذلك وكانت تقدرني وترتاح لممازحتي كثيرا…
ديمي لم تكن مجرد فنانة أسعدتنا بصوتها، بل كانت أيقونة من الشيم والقيم النبيلة..
رحمها الله تعالى… اليوم ذكرى رحيلها ….
الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله