كتب الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله
عطفا على نقاش سابق حول أدب الأطفال وعلاقة الطفل الموريتاني بالحكاية الشعبية، مقابل ثقافة المسلسلات والأفلام ..
ينبغي التذكير بأن فترة حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع شهدت اهتماما ملحوظا بنشر وجمع الثقافة الموريتانية وخاصة منها الثقافة غير المادية ..
في عهد معاوية تم تأسيس لجنة وطنية لجمع ونشر الثقافة الشعبية وقد اختيرت لها نخبة من الأدباء والكتاب المعروفين..
وقد تمكنت هذه اللجنة من جمع مدونة كبيرة من الحكايات والأمثال والحكم الشعبية وقد صدرت في ثلاثة كتب :
- الحكايات والأساطير الشعبية الموريتانية ( حكايات الحيوان)
- الحكايات والأساطير الشعبية الموريتانية ( حكايات الإنسان)
- الأمثال والحكم الشعبية الموريتانية
والحق أن مستوى الجهد المبذول في هذه الكتب الثلاثة لا يمكن تقدير حجمه قياسا على القيمة العلمية والفنية لها.
لقد سيرت اللجنة باحثين الى مختلف مناطق البلاد وجهاتها ومهمتها هي تسجيل الحكايات والأمثال على أشرطة عادية ( لم يكن متاحا وقتها غير الأشرطة )…
وتمت غربلة هذه الحكايات وحذف المكرر منها ..
وهكذا تم جمع 842 حكاية، ألغيت منها 443 نصا واعتمدت 399 نصا هي التي شكلت المدونة المعتمدة..
فجاءت حكايات الحيوان في 236 حكاية، وحكايات الانسان 156 حكاية ..
كل هذا بعد عملية غربلة شاقة وطويلة اعتمدت فيها معايير دقيقة وروعيت فيها الأبعاد العلمية والفنية…
وكانت طريقة اخراج الكتب أن تتم كتابة الحكاية بالحسانية ثم نشر ترجمتها الى العربية تحتها مباشرة..
في هذه الكتب حضرت جهات موريتانيا جميعا وكانت اللجنة تحرص على نسبة الحكاية لجهتها أو ولايتها أو مقاطعتها وذلك في الهامش…
إن المقدمة التي استهلت بها اللجنة الجزء الاول من هذه الكتب كفيلة بالوقوف على صعوبة هذا العمل وثراء بلادنا ثقافيا ..
كما أنها كفيلة بتأكيد القناعة بأن الارادة السياسية تصنع المعجزات وخاصة في المجال الثقافي ..
في عهد ولد الطايع كذلك صدر كتاب ( الوسيط في الأدب الموريتاني الحديث) وقد كتب على صفحته الأولى بأنه على نفقة رئاسة الجمهورية ..
وفي هذه الفترة بدأت بعض المؤسسات الثقافية العربية اكتشاف موريتانيا ثقافيا، حيث أصدر مركز دراسات الوحدة العربية كتاب : ( موريتانيا، الثقافة والدولة والمجتمع) وهو كتاب أسندت مهمة تحريره لأكاديميين موريتانيين من مختلف التخصصات الانسانية..
كما خصصت دار الآداب البيروتية ملفا من أحد أعداد مجلتها ( الآداب) للأدب الموريتاني واحتفت برائعة موسى ولد ابنو( مدينة الرياح) الصادرة عن نفس الدار ..
وفي تلك الفترة خصص عدد من (كتاب في جريدة) للأدب الموريتاني …
ومهما قيل أو ذُكر سيظل عمل اللجنة الوطنية لجمع ونشر الثقافة الشعبية أهم عمل ثقافي،جماعي موريتاني الى يومنا هذا .. خاصة أنه أنجز في فترة لا تتوفر فيها الامكانات التقنية والالكترونية المتاحة في أيامنا هذه..
لقد كان عمل رجال يخطون بأناملهم على الورق أو يسجلون الحديث على الشرائط…