اجتمع مجلس الوزراء اليوم الأربعاء بالقصر الرئاسي في انواكشوط، تحت رئاسة محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية.
ويعتبر الاجتماع الأول للمجلس بعد خطاب رئيس الجمهورية أمام الجالية الموريتانية بإسبانيا والذي أطلق عليه مراقبون خطاب (المصارحة)؛ والذي أكد فيه رئيس الجمهورية أنه مختلف عن ما عهدناه في السياسة والحكم ، مختلف في نهجه ، في سكوته وكلامه ، مختلف في مقارباته للأمور العامة ، مختلف في سياسة الحكم و"الكلام" .
وإذا كانت أول خطوة في اتجاه العلاج هي تشخيص الداء ، والاعتراف به ، والصدق مع الذات ، فإن رئيس الجمهورية في خطاب (المصارحة ) خطا خطوات كبيرة في اتجاه تشخيص الداء وهذا ما لم نألفه من رؤساىنا ولا سياسيينا للأسف ، ولذلك فاجأنا رئيس الجمهورية حين تجاوزنا بصدقه في مقاربته للواقع ، لكننا نسينا أن الصدق منجاة ، وأن العرب تقول "إن الرائد لا يكذب أهله " .
تجاوز رئيس الجمهورية في خطاب المصارحة بعفوية نادرة اللغة الخشبية التي عهدناها من سياسيينا ليؤكد لنا الحقيقة المرة التي أثبتتها مؤشرات الأمم المتحدة وهي أننا بلد فقير ، لكن ذلك ليس نهاية التاريخ ، فالآفاق واعدة ، والفقر ليس قدرا بكل تأكيد .
كان على أصحاب الحملات المضادة أن يدركوا "أن الأماني والأحلام تضليل " ، وأن يعترفوا بحسنة اعتراف إحساس رئيس الجمهورية بما يعانيه شعبه ، واحترامه لعقول مواطنيه وهو يخاطبهم ويحاور نخبة منهم ، لا يريد لها أن تكون طوباوية في طرحها ، فالمطالب ستتحقق لكن بعقلانية ، والخطابات الرسمية ليست دائما ذات أغراض سياسية وانتخابية ، والاطلاع على حال المواطن يقتضي تفاعلا معها دون طلاء ، والاستماع لها دون انزعاج .
المكابر هو من فاجأه خطاب الرئيس في إسبانيا ، لأنه خطاب تصدقه الوقائع ، وتشهد له التصنيفات الأممية ، وهو فوق هذا وذاك خطاب شكل قطيعة مع سياسة خداع "الذات " التي آمن بها سياسيونا ردحا من الزمن ، وجعلتهم "يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم " ، يمدحون واقعا يلعنونه في بيوتهم كل حين ، وكأنهم بذلك يكرسون سياسة الرجل الذي كان يُجهز عند كل انقلاب بيانين أحدهما معارض والآخر مؤيد ليضمن لنفسه البقاء في سفينة من "يخادعون أنفسهم " .
اليوم ندرك سر الذهول والانبهار الذي أصاب كل سياسيينا من من حظوا بلقاء الرئيس ، وخرجوا وهم يثنون عليه ، فيما لم يزد على أنه كان صريحا معهم ، صادقا في قوله ، واقعيا في طرحه ، محترما لعقول مخاطبيه ،.
إن على منتقدي خطاب الرئيس في مدريد أن يأكلوا ألسنتهم ، ويعترفوا له بالفضل في كشف الحقيقة التي حجبها النفاق عنا سنوات عديدة ...
عودوا إلى أنفسكم ...ودعوكم من سياسة النعامة فدولتكم فقيرة لكن الفقر ليس قدرا والله "لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " !!!!