قراءة فى كتاب رحلة حياة
ليس كتاب رحلة الحياة للعلامة الدكتور محمد المختار ولد إباه كتاب سيرة ذاتية عادية بقدر ما هو تتبع لمسار شخصية عصامية ذات طموح من الطراز الأول ..
الحياة فى نسق هذه الرحلة مخاطرة وطموح و الصعوبات مهما كبرت فعن طريق الصبر والمثابرة يمكن تجاوزها بكل أريحية ..
الفتى العلوي الطموح تطوح به الأقدار علوا ونزولا
من فلاح فى شمامة اركيز الى تاجر فاشل ..الى وظيفة عامة فى أدنى سلم الوظيفة العامة للتعليم يزواج بينها مع دراسة حرة من خلالها يحصد الشهادات الواحدة تلو الأخرى وفى كل مرة يترقى بجهد جهيد ويعلو فى المراتب حتى يكون أول حاصل على الدكتوراه والتبريز فى بلده ..
يدخل فى معترك السياسة لا رغبة فيها ولكنها الأقدار والمواقف تطوح به كل تطويح فيكون وزيرا فى أول حكومة لموريتانيا الحديثة ثم معارضا بارزا ثم مديرا عاما لللاذاعة والتلفزيون فى المملكة المغربية ..
ثم يعود للبلد فيتولى قيادة المنظومة التربوية الحديثة تنظيرا ومؤسسات ..
ثم يظل بين الضرتين يخدم العلم والامة كلما وجد فرصة سانحة لذلك ..
و يدخل السجن مرات فيزداد إيمانا مع إيمانه ويراه الناس سجينا ويرى نفسه حرا طليقا يناجي ربه ويرضى بقضائه وقدره ويدع الأيام تصنع ما تشاء ..!!
العلامة الدكتور محمد المختار ولد أباه يستغل وقته أحسن استغلال ولا يترك الفرصة للإستزادة والإنجاز وتلك خصلة يحتاجها الجيل الجديد بكل تأكيد ..
ظل العلم والتأليف مشغله الأساسي إذ لم يبتعد عن الكتاب فى كل مراحل حياته .. ولقد كانت إنجازاته فى مجال علوم اللغة وأصول الفقه والتفسير محل تقدير وإكبار من الجميع ..
مما يعجبني فى الكتاب مسحة التواضع الجم فلم يغمط أحدا حقه ولم يحاول تبخيس من حوله او من عرفهم
فكان يعطى لكل ذى حق حقه دون إفراط أو تفريط .
مما يعجبني كذلك تعدد مهاراته ومعارفه فهو طيار ماهر ولاعب شطرنج وخبير فى اللغات العربية والفرنسية والانجليزية بل إنه تعلم العبرية عندما وجد فرصة لذلك ..
يعطى العلامة الدكتور محمد المختار ولد أباه لنفسه حقها من الترويح فى بعض الأحيان ..
وله فى هذا سلف من العلماء الأماجد فهذا عبد الله ولد الحاج حمى الله الغلاوي يقول
طورا أخو جد وطورا عابث حتى كأني للأنام وارث
عجبت له - حياء - خلت رحلته هذه الطويلة من أية إشارة للأهل والولد إلا مرة واحدة عندما علم بشارة نجاح نجله الدكتور محمد سعيد حفظه الله .
خرجت بخلاصة أن هذه الرحلة تستحق القراءة وانها ليست من تلك السير التى تستحق المحو من الذاكرة ..
هذه سيرة عالم قدوة ضليع فى الشريعة والادب وسياسي محنك عصامي عظامي جمع بين الحداثة والعتاقة فى نفس أبية تأبى الضيم تضيف الى مجد السلف بناء سميكا من الأبدية والخلود ..
وعلى دربه يسير أصحاب الهمم !!
د.الشيخ ولد الزين ولد الامام
أستاذ اصول الفقه ومقاصد الشريعة بالمدرسة العليا للتعليم
عضو المجلس الاسلامي الاعلى سابقا