بطبيعة الحال لو كنا في وطن يحترم نفسه ويقدر رواده لما كانت هنالك ادنى حاجة الى شخص مغمورو قليل الزاد ـ بمعنييها ـ مثلي ليكتب هذه السطور كثيرة الأخطاء مشتتة الأفكار ولكنها حتمية القوانين والنواميس الكونية التي لا تؤمن بالفراغ و تفضل عليه هشاشة اللصق والتطريز.
ولو كان هذا الوطن "المسلوب" عُرف عبر تاريخه القديم والحديث كمصدر لكوكبة من المتميزين "رياضيا" الذين حملوا اسمه خفاقا مع كل شعلة "اولومبياد" جابوا بها سهول وجبال العالم او لو عُرف بصناعاته الثقيلة والخفيفة التى اعتادت ان تلج كل بيت و كل كوخ في انحاء المعمورة او لو عُرف حتى بفانينيه العالمين و رسوماتهم و الحانهم التى ملكت القلوب وسيطرت على الوجدان... لكان جهلنا و تجاهلنا لولد اتلاميد او غيره من مصادر فخرنا طبيعيا و مبررا.
اما و الحال عكس ذالك فلا اجد مبررا لكل هذه الاستمرارية و التساؤلية المنفوخة تجاهلا ونكرانا للقامة العلمية المعرفية العالمية التي يجب ان تحظى بالكثير من العرفان بالجميل نظرا لإسهامها مع نخبة من ابناء جيلها و من سبقهم ومن عقبهم في التعريف بهذا القطر و هم السر وراء ماحصده من احترام وتقدير لم يحافظ عليه خَلَفُهم بسبب الجشع و الطمع.
كثرت الاسئلةعن الرجل مرة ننكت ونضحك و نقول بان اعلى شخص في الدولة حين سال عنه اجابه رئيس حكومته بانه ابن عم رئيس الحكومة "المخلوعة" و مرة اخرى نعيد السؤال مع نكهة فيسبوكية تغذيها موجة من الجهل الصاخب.
و لعل اهم سؤال تعلق بالموضوع هو هل تعرف سفارتنا في جمهورية مصر العربية اي شيئ عن محل دفن الرجل؟.
لن اقول لكم بان ولد اتلاميد هو فلان ابن فلان من القبيلة الفلانية درس على العالم الفلاني في المحظرة الفلانية فلا تهمني ترجمة الرجل فهي مبسوطة في الكتب ولن تُعجزالباحث عنها.
ولن اتعهد لكم بنشر مطولات قصائده الجميلة و الرقيقة وحتى "الخشنة" و لن اشارككم فتاويه و مؤلفاته ولن اعينكم في جمع ردوده على مناوئيه.
ولن اصف لكم رحلته الطويلة بحثا عن العلم و استزادة منه ونشرا له ولن احدثكم عن مهمته البحثية التى قادته الى اوروبا وعبرت به البحر بحثا عن نفائس الكتب و المؤلفات التي تفتقر اليها "الحضارة" الاسلامية يومها.
لن استعرض معكم اسهاماته النقدية و لا مشاركاته التحقيقية و لا نضجه التنقيحي الذي كان علامة مميزة لمن يودون الاستشهاد بنفائس الشعر او يتقنصون روائع و بدائع المعاني.
كل ذالك سيجد جذيله و لن اظلم الأقواس بل سأتركها علها تسقط يوما ما في يد من يحسن بريها.
قطعا سيجد و لد اتلاميد ـ مثل غيره ـ من ينفض الغبار عن اسهامات الرجل ويكمل العمل الجبار الذي قام به ابن الأمين الشنقيطي الذي حاول ان يُعَرف بابن اتلاميد وان يذكر جملة من اخباره موردا بعض رأي خصوم الرجل في كتابه القيم "الوسيط في تراجم ادباء شنقيط" و ان كانالبعض اخذ عليه "محاكمته" الغيابية للرجل والردود التفنيدية لأقواله وآرائه وقد وري الثرى و اصبح بباطن ارض مصر غير انه على الأقل ومع بعض التحامل عَرٌَف بالرجل وحاول سرد تجربته المشرقية كما فعل مع غلبية شعراء وعلماء شنقيط و تبقى المحاولة شرفا ينتظر شرفا اكبر ليزيحه.
و في انتظار لفتتة وطنية شاملة ومنصفة تعنى بموروث الرجل وتعطيه مع غيره من اضرابه المكانة المستحقة والقيمة الحقيقية سيظل من واجب المتصدرين للبحث و الكتابة التعريف بالكنوز الموريتانية التى اخفتها سنون القحط و دفنها التجاهل والجهل بقيمة العلم والعلماء فلا اقل من جامعة تحمل اسم الرجل او شارع او معهد او دفعة خرجين.
ولا اقل من بعض العناية والاهتمام به وباضرابه في العلم والتأليف من كتيبة المستشارين الثقافين الذي تكتظ بهم سفاراتنا في الخارج و يقضي اغلبهم جل اوقاته في تصيد الفرص التجارية.
فهل من لفتة؟
بقلم محمد بن محمودا