هل تجهض مصانع دقيق السمك حلم التصنيع بموريتانيا ؟

أربعاء, 29/12/2021 - 13:59

شكلت الأرقام الصادمة التي نشرها موقع “المؤشر الاقتصادي” صباح الأحد والتي أثارت زوبعة قوية في الرأي العام بأن 65% من الكميات المفرغة من الأسماك في موريتانيا تذهب إلى طحين السمك وهو مايناهز 600 الف طنا من الأسماك في سنتي 2018 إلى 2020.

حجم الكميات المفرغة ذهب أغلبه إلى الطحين في بلد يمتلك أغنى الشواطئ في العالم ، وأعد عشرات الاستراتيجيات حول الصيد لكنه وبعد 61سنة مازالت ثروته توجه في أغلبها للطحين لكي تصدر إلى أروبا وأمريكا في شكل أسمدة زراعية وأطعمة للخنازير في أغرب مفارقة من نوعها شعب يعاني سوء التغذية وتنخر في جسمه البطالة وثروته تقدم للحيوانات أطعمة.

رفعت السلطات في العقد الماضي شعار مواجهة مصانع دقيق ،وأعلنت عن خطوات تصعيدية حولها وتحركت وزارة البيئة والرئاسة والمجتمع المدني لكن المصانع كسبت الرهان واستطاعت أن تلحق هزيمة مدوية بالجميع وتعلن عن تحقيق انتصار عريض حيث خ فتت الأصوات واختفت رغم حجم تبعات المصانع وتزايد التراخيص لها حتى تحولت نواذيبو إلى شبه امبراطورية ب50 مصنعا في المدينة.

لم يعرف لحد الساعة السبب في عدم تحييد خطر المصانع التي تواصل مجزرة طحين للثروة السمكية و اقترابها من طحن مليون طن من السمك وهو ما يعني ضمنيا وفق التقرير المنشور عن الخبراء اذا استمر الوضع على هذا النحو أن يتم طحين كل اسماك الصيد السطحي الذي في الغالب مايعزف أنصار الطحين أنه سمك مهاجر وبالتالي لا نخسر شيئا اذا تم طحنه بدل تركه يهاجر وهي نفس السيمفونية التي ظل أباطرة الطحين يكررونها مع كل صيحات ضد ما يقومون به.

تحرك الجميع واكتوى بألوان من المعاناة جراء عذابات الروائح النتنة للمصانع والتي يصفها أصحابها بروايح المليارات ويتنكتون على الصحفيين في نقدها معتبرين أن من لا يشمها لن يشم الدولار غير مهتمين بما يعانيه سكان مدينة وشعب بأكمله.

في كل المشاورات التي تجري حول الصيد تبرز الأصوات المناوئة للمصانع ، فيما ينبري أصحابها في تبرير نفعها حيث يعتبرون انها استثمارات بالمليارات ومن غير المنطقي نقلها بهذا الشكل ، ويرون في الهجوم عليها نوعا من عدم الانضاف فهم شيدوا طريق “البونتيه”وقاموا بمشروع التشجير للمدينة إضافة إلى العمل الخيري في توزيعات مجانية وبناء مساجد وتشغيل أيدي عاملة إضافة إلى احترام دفاتر الالتزامات والتخفيف من حدة الروائح في السنوات الأخيرة.

غير ان الفيديو الأخير الذي تم تداوله ويظهر آلاف الأطنان والدماء تسيل شكل صفعة قوية للمصانع ، وقدم صورة سوداوية عنها للرأي وساهم في إرباك الحكومة بشكل كبير في ظل دعوات للتحرك من قبل الرئيس مباشرة لاتخاذ موقف صريح إزاء ما يجري.

وكان الأغرب في الأمر أنه على بعد أقل من 10 أيام على اسدال الستار على الأيام التشاورية والتي تم فيها الإجماع على اقتصار الطحين على النفايات بدل الأسماك وهي الخطوة التي نص عليها دفتر الالتزامات ، ورغم أن جهات الرقابة عديدة في نواذيبو إلا أن السؤال المطروح ماهو السر في استمرار تغول المصانع ؟ أين القوانين ؟ أين الدولة ؟ هل الجميع عاجز؟

إلى الآن تبقى المصانع بحكم كونها شيدت وتغلغلت في المدينة على نحو غير مسبوق فهل يستطيع وزير الصيد وقفها عند حدها؟ والزامها بما في دفتر الالتزامات ؟ ام انها قادرة بقلب الطاولة عليه وتكرار سيناريو سلفه السابق الذي أقر سلسلة خطوات بحق المصانع لم يعمر بعدها في الوزارة طويلا وطمرت في دهاليز الوزارة لتكون في الأرشيف ؟

لقد بدأت روائح المصانع تعود بقوة وقرأ البعض فيها رسالة تحدي للسلطات والوزير ومجرد تذكير بأن ما ورد في التوصيات قد لا يختلف عن سابقيه وليس سوى حبر ورق وستكون الأيام كفيلة بإظهار الحقيقة فكيف ستكون النتيجة؟ ومن سيفوز؟وهل تطيح المصانع بالوزير أم ان ملامح الإصلاح ستعصف بأباطرة موكا؟