بعد عقد من الزمن ... رئيس موريتانيا إلى الجزائر في زيارة دولة ...الانتظارات والتوقعات !!!

ثلاثاء, 28/12/2021 - 09:10

نوافذ (نواكشوط ) ـــ بدأ الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني صباح أمس الاثنين زيارة دولة إلى الجزائر ، بدعوة من نظيره عبد المجيد تبون ، وهي الزيارة الأولى لرئيس موريتاني للجزائر بعد عقد من الزمن ، حيث كانت آخر زيارة للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في ديسمبر / كانون الأول 2011م ، قبل أن تتدهور العلاقات بين البلدين ، ويتطور ذلك إلى تبادل العاصمتين طرد ممثلين دبلوماسيين، للمرة الأولى .

زيارة ولد الغزواني الأولى للجزائر بعد انتخابه بالغة الأهمية ، في توقيتها ، وطبيعتها ، ومدتها ، وتعلق عليها آمال كبيرة بالنسبة للطرفين وللمحيط العربي والإفريقي .

في شكلها التقليدي تأتي هذه الزيارة في إطار "تقوية العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بما يخدم البلدين الشقيقين" وتستمر 3 أيام ، ستكون فيها ملفات مهمة وأخرى ساخنة على طاولة الرئيسين.

قراءة خاطفة للائحة الوفد المرافق للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تكشف أهمية الزيارة ، وربما استثنائيتها في الشكل والمضمون ، فالرئيس غزواني يرافقه  وفد وزاري يتقدمه وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، إسماعيل ولد الشيخ، إلى جانب وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي آمال بنت الشيخ عبد الله ، ووزيري التشغيل والنقل ، هذا إلى جانب وفد من رجال الأعمال برئاسة مجمد زين العابدين ولد الشيخ أحمد رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين، وفي اليوم الثالث من أيام الزيارة ينتظر وصول وفد برلماني موريتاني إلى الجزائر بدعوة رسمية من البرلمان الجزائري، وسيستقبل من طرف السيد محمد هاني رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالمجلس الشعبي الوطني ، على أن يكون برنامجه حافلا باللقاءات حيث سيلتقي بمعالي السيد إبراهيم بوغالي رئيس المجلس الشعبي الوطني ، ومع رئيس مجلس الأمة صالح قوديل ، ومع عدد من الوزراء بينهم وزير النقل بكاي عسيى ووزير التجارة وترقية الصادرات السيد كمال رزيق ، ووزير الصيد البحري ، ووزير الصناعة ، كما سيزور الوفد البرلماني عددا من المدن بينها مدينة وهران ومدينة سيدي بولعباس .

زيارة غزواني للجزائر تأتي بعد أسبوعين من تسريع وتيرة إنجاز المعبر الحدودي الذي يربط محافظة تندوف (أقصى جنوبي غرب الجزائر) بمنطقة الزويرات الموريتانية،والذي يمثل بوابة الجزائر البرية للتجارة نحو غرب إفريقيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

وفي سياق بلغت فيه  التبادلات التجارية الجزائرية الموريتانية عبر هذا المعبر خلال سنة 2021 حوالي 3 ملايين يورو.

ملفات مهمة وأخرى حساسة

الزيارة في توقيتها ومدتها ذات أهداف متعددة ، وينتظر أن تطرح فيها ملفات معقدة ، وحساسة ، وربما ملغومة ، فهي تأتي في سياق الحديث عن وساطة موريتانية بين الجزائر والمغرب لم تؤكدها أو تنفها أي من العواصم الثلاث . .

الوساطة الملغومة

في جو من التوجس والحذر المغلف بالدبلوماسية ، من غير المستبعد أن تحمل زيارة الرئيس الموريتاني للجزائر مبادرة لتلطيف الأجواء بينها والمغرب ، وذلك ضمن سعي الرئيس الموريتاني  لتفعيل وتنشيط الاتحاد المغاربي .

فقبيل هذه الزيارة قال الغزواني في مقابلة صحفية مع مجلة الاقتصاد والأعمال اللبنانية، إنه "لا يمكن تصور حجم الكلفة التي تدفعها شعوب المنطقة من جراء عدم قيام اتحاد مغاربي قوي وفعال ومتكامل".

وأضاف "نحن ندرك الصعوبات التي تواجه هذا الحلم، ونأسف للعقبات التي تقف في طريقه، كما نحن قلقون من عوامل التوتر التي تظهر من حين لآخر، ونعبر بشكل دائم عن أن بلادنا يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في استعادة اللحمة بين البلدان المغاربية، وقد ظلت مواقفنا تصب في هذا الاتجاه دائما".

اقتصاد المنافع المتبادلة

منذ سنة 2019م، شهدت العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وموريتانيا ديناميكية جديدة خصوصاً بعد أن تقرر الاعتماد على معابر حدودية للتبادل التجاري.

وباتت موريتانيا في الأعوام الأخيرة بوابة الجزائر نحو أسواق غرب أفريقيا في إطار خططها الاقتصادية لتنويع مداخليها وزيادة حجم صادراتها خارج نطاق المحروقات..

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انعقدت أول دورة للجنة الثنائية الحدودية بين البلدين، برئاسة وزيري داخلية البلدين.

ويسعى البلدان من خلال هذه اللجنة إلى تعزيز فرص الاستثمار وإقامة مشاريع شراكة في المناطق الحدودية لفك العزلة عنها، ورفع المبادلات التجارية والاقتصادية، وكذا لتسهيل تنقل الأشخاص.

علاوة على تأمين الحدود المشتركة ومحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والهجرة غير الشرعية، وفق تصريحات لوزير الداخلية الجزائرية كمال بلجود..

وتحولت نواكشوط في الأعوام الأخيرة إلى عمق استراتيجي اقتصادي بالنسبة للجزائر، وسط ارتفاع تاريخي في حجم الصادرات الجزائرية نحو موريتانيا بنسبة 100 %، فيما بلغت حصة منتجات الجزائر من إجمالي الواردات الموريتانية من البلدان الإفريقية نحو 20% عام 2020
واستنادا إلى إحصائيات المديرية العامة للجمارك الموريتانية، فإنّ الصادرات الجزائرية بلغت 8.7 ملايين دولار خلال الثلث الأخير من نفس العام 2020، وهو بالتأكيد ما زاد أو تضاعف خلال هذه السنة ما أهل الجزائر لأن تكون  الممون الأفريقي الثاني لنواكشوط.
.

الإرهاب ...التحدي الأبرز المشترك

من الملفات المتعددة التي تنتظر زيارة الرئيس الموريتاني إلى الجزائر الوضع في منطقتي المغرب العربي والساحل، وكذا الأزمة في ليبيا بعد قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية.

وكذا القمة العربية المقبلة التي ستحتضنها الجزائر في مارس/أذار المقبل، خاصة وأنها تبحث عن نجاحها عبر مساعي "القمة الجامعة" كما ذكر الرئيس الجزائري في وقت سابق.

وهنالك من يتحدث حتى عن  "إنشاء تكتل إقليمي جديد" يرتكز على "التكامل الاقتصادي والتنسيق الأمني"، وهي المقاربة الجزائرية الجديدة التي وجدت "ترحيباً وقبولاً" لدى الجارة الشرقية تونس، عقب الزيارة الأخيرة للرئيس عبد المجيد تبون.

إلا أن  التحديات الأمنية المشتركة، خاصة في دولة مالي التي لها حدود مشتركة مع الجزائر وموريتانيا، تعتبر أوفر الملفات حظا وسط توقعات برفع مستوى التنسيق الأمني لمواجهة التهديدات الإرهابية المتنامية بمنطقة الساحل.

ويرتبط البلدان بحدود برية كبيرة تصل إلى 460 كيلومتر، ويؤكد مسؤولها بأنها مساحة مُتحكم فيها من التهديدات الإرهابية.

إلا أن الجزائر ونواكشوط من دول الساحل التي لها حدود شاسعة مع دولة مالي التي تشهد منذ أكثر من عقد كامل توترات أمنية وسياسية، دفعت البلدان المغاربيان للدفع بقوات عسكرية لحماية حدودهما من خطر التهديد الإرهابي.

كما كثف البلدان في السنوات الأخيرة تنسيقهما الأمني، خصوصاً بعد أن أعادت الجزائر تفعيل آلية جيوش المنطقة التي مقرها محافظة تمنراست جنوبي الجزائر، وتضم أيضا النيجر ومالي، وهي الآلية التي تبحث بشكل دوري دراسة وتقييم الحالة الأمنية في المنطقة وتبادل التحاليل بشأنها.

وتبقى منطقة شمال مالي من أكثر التهديدات والتحديات الأمنية التي تواجه الجزائر وموريتانيا، إذ تعد بؤرة لمختلف التنظيمات الإجرامية التابعة لتنظيمي "داعش" و"القاعدة" الإرهابييْن.

والشهر الماضي، اتفق البلدان على تكثيف التنسيق الأمني على مستوى الشريط الحدودي المشترك، وتقرر استحداث لجنة أمنية مشتركة تضم المصالح الأمنية للبلدين.

التعليم سيكون حاضرا في الزيارة 

لن تتوقف الملفات المطروحة على طاولة الرئيسين خلال زيارة الدولة هذه على الأبعاد الأمنية والاقتصادية ، ولا حتى الدبلوماسية ، بل ستتجاوزها إلى الأبعادالثقافية ، حيث أكدت مصادر خاصة لموقع "نوافذ " أن اجندات الزيارة ستشهد توقيع اتفاقيات مهمة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي ، بينها زيادة حصة موريتانيا في منح الطلاب ، وستكون من بين هذه الزيادة 40 مقعدا في الطب ، كما يتوقع أن تشهد الزيارة حلا لمشكل معادلة الشهادات .

ست ملفات بارزة

رغم تشعب الملفات وتعددها تبقى ست منها بارزة ، ومكتوبة بخط عريض في الأجندا الرئاسية للرئيسين الموريتاني والجزائري ، هذه الملفات هي :

"تعزيز العلاقات الثنائية"، "مستقبل الاتحاد المغاربي" و"الأزمة الليبية" و"الأوضاع في مالي" و"القمة العربية" المقررة بالجزائر نهاية مارس المقبل، والوساطة في الأزمة المغربية الجزائرية ، إضافة إلى العديد من الملفات الإقليمية والدولية.

فيما ستتصدر  حماية حدود البلدين من التنظيمات الإرهابية ومكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل أجندات القمة الأولى للرئيسين في ظل التوترات الأمنية والسياسية التي تشهدها باماكو.

وبالجملة ينتظر أن تسطر الدولتان عملا مشتركا قائما على اساس البعد التنموي من خلال التركيز تنمية المناطق الحدودية التي تشكل نقطة تواصل والتقاء للسياسات الجزائرية الموريتانية والعمل على ترقية التبادل التجاري والاقتصادي عبر المعبر الحدودي الذي سيشكل نقطة استراتيجية في دعم العمل الاقتصادي والامني المشترك بين الجزائر وموريتانيا.
 

كما أن هناك مجالات أخرى قابلة للتعاون الثنائي وتحمل مصالح حيوية ومربحة للطرفين، مثل تطوير قطاع الصيد البحري بالمحيط الأطلسي، والتنقيب عن المعادن والبحث العلمي والتعاون بين الجامعات، بحسب المتحدث.

 ويتضمن الطموح الدبلوماسي -وفق الرؤية الجزائرية- الوصول إلى السوق الموريتاني، والعبور إلى دول غرب أفريقيا المطلة على المحيط الأطلسي لأغراض التجارة والتعاون الاقتصادي، قبل بلوغ سوق منطقة "إكواس".

أمّا بالنسبة للرؤية الموريتانية فتستهدف الاستفادة من السوق الجزائرية والمساعدات المختلفة، خاصة فيما يتعلق بتطوير المناطق الحدودية وزيادة الحركة التجارية عبر المنافذ البرية.

وبناءً على ذلك، تسعى الجزائر لتطوير البنية التحتية، عبر شق خطوط السكك الحديدية، الطرق السريعة، المطارات الدولية، شبكة الاتصالات وتدفق الإنترنت، والخدمات العامة الأخرى التي تساعد على تطوير حركة الاستثمارات والتبادلات عبر الصحراء في خط مستقيم نحو غرب أفريقيا عبر موريتانيا.