سبع ساعات ونصف قضاها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في اجتماعات مغلقة بالقصر الرئاسي مع الوفد المغاربي الذي زار العاصمة الموريتانية نواكشوط مؤخرا .
الوفد الذي حط في مطار نواكشوط دون إخبار مسبق وقابله الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بسرعة في يوم عطلة ، لم تتح استعجالية قضيته للطرف الموريتاني أن يرتب للقاء لتحضره نفس الشخصيات التي حضرت من الجانب المغربي وإنما اكتفت موريتانيا بحضور الرئيس ومدير الاستخبارات الخارجية ومدير ديوان الرئيس ، في حين ضم الوفد المغربي صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، والجنرال بو شعيب عروب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية، ومحمد ياسين المنصوري مدير الاستخبارات الخارجية، والسفير المغربي في نواكشوط عبد الرحمن بن عمر.
وبحسب ما توصلت به "نوافذ " من مصادر مطلعة فإن الاجتماع لم يتناول إذابة الجليد بين النظام الموريتاني والمغربي ولا استضافة المغرب لمعارضين موريتانيين بارزين لأن الأمر كان أهم من كل ذلك ، وما تتحدث عنه الصحافة من توتر العلاقة بين البلدين ما هو إلا فقاعات لا تدعمها الشواهد على الأرض ، فحجم الاستثمارات المغربية في موريتانيا اليوم يدحض كل مزاعم فتور العلاقة بين البلدين ــ حسب مصادرنا ــ
مصادرنا أكدت أن النقاش تناول في ما تناوله قضايا يصفها الطرفان بالمصيرية بينها قضية "لكويرة " وهي المنطقة الموريتانية التي تنازل عنها العسكريون الفارون من ساحة المعركة في حرب التحرير أو ما يعرف بحرب الصحراء ، والحدود الشمالية بين موريتانيا والمغرب ، وتطورات الوضع في الجزائر التي وصفته مصادرنا بالجار الجريح الذي دبت فيه الخلافات بين الجنرالات الكبار بعد ما أنهكه مرض الرئيس بوتفليقة .
كما تناولت المباحثات وفق "مصادرنا " مستقبل منطقة "قندهار " الحدودية ، والعلاقة بالبوليزاريو .
مراقبون يرون أن موريتانيا قد تكون نجحت في جر المغرب إلى الطاولة بإظهارها كثيرا من الود في وجوه الصحراويين ، ذلك الابن المارق على المغرب ــ بحسب وصف المغاربة ــ وبالتالي فإن المغرب يسعى إلى الحد من التقارب بين موريتانيا والصحراء ، وربما ينتهز فرصة انشغال الجزائر بوضعها الداخلي ليرسم خريطة طريقة لمستقبل القضية المثيرة في المنطقة .
على طاولة النقاش الموريتاني المغربي الأخير طرقت بقوة قضية "لكويرة " ، وبعكس ما تحدثت عنه صحيفة المساء المغربية من أن تمركز عدد من الجنود الموريتانيين في منطقة "لكويره" الحدودية مع المغرب، تسبب في توتر الرباط وأثار حفيظتها ، فإن مصادرنا أكدت أن المغرب لم يستبعد قبوله بالتنازل عن "لكويرة " لموريتانيا التي كانت تسيطر عليها قبل حرب التحرير 1975م ، وأكد أن خشيته ليست في نفوذ موريتانيا بــ "لكويرة " وإنما في طموحات البوليزاريو لجعلها عاصمة لما تسميه المغرب "الكيان المصطنع " ، وهو كيان متمرد تجب محاصرته والحرص على أن لا يجد منفذا له على البحر ، وبالتالي فإن المغرب قد تتنازل عن المنطقة لموريتانيا مقابل أشياء أخرى بينها إقامة نقاط حدودية مغربية في الشمال الموريتاني ما يعني قضاء فعليا على "البوليزاريو" وجعل الحدود حدودا موريتانية مغربية ومقابل قبول موريتانيا بهذا العرض فإن المغرب ستعمل على إزالة الألغام من المناطق الملغومة في الشمال الموريتاني وفي الشريط الحدودي بينها والمغرب أو الصحراء .
وقد يكون من نتائج تقدم هذه المساعي المغربية وجود تحليق مكثف للطيران المغربي في الحدود الشمالية لموريتانيا خلال الأيام والليالي الأخيرة وهو تحليق أصبح مثار حديث سكان الشمال الحائرين في أمره .
إذن قضايا حساسة ومثيرة تم نقاشها في هذا الاجتماع ــ بحسب مصادرنا ــ يينها "اكويرة " ، والحدود المغربية الموريتانية ، والصحراء ، والوضع في الجارة الجزائر ، ومنطقة قندهار ، ولم يعرف ما الذي قدمه المغرب لموريتانيا عدا عرضه التنازل عن "لكويرة " ونزع الألغام ، غير أن وجود نشاط استثماري كبير بموريتانيا لشركات مغربية قد يكون من الأمور التي قدمها المغرب لموريتانيا .
فهل ستزيل ملفات الاجتماع الأخير ألغام العلاقات المغربية الموريتانية أم أنها لا يعول عليها كثيرا ؟ ذلك ما قد تثبته الأيام المقبلة .