السجين السلفي الفار ترك سبع رسائل لمن يحسن القراءة "تحليل "

سبت, 02/01/2016 - 13:37
السجين الفارالسالك ولد الشيخ

ترك السجين السلفي المحكوم عليه بالإعدام السالك ولد الشيخ بعد فراره من السجن المركزي بنواكشوط ليلة أعياد الميلاد العديد من الرسائل غير المشفرة بحاجة إلى من يحسن قراءتها .

الراية والبيعة

رسالتان خطيرتان تركهما ولد الشيخ في زنزانته هما راية التنظيم الجهادي الذي ينتمي إليه ، ومذكرة كتب عليها اسم "خالد أبو العباس " وهو اسم للمختار بلمختار الملقب ببلعور ، ولا تعني كتابة الاسم سوى تعلق السجين بصاحبه ومبايعته له ، كما قد يكون رسالة تركها بأمر من القاعدة كتأكيد للوجود  .

التجهيز للرحلة

الرسالة الثالثة والتي لم يستطع الحرس القائم على السجن قراءتها طيلة الأسبوع الأخير من إقامة السجين بالسجن هي تجهيزه للرحلة حيث استطاع تسريب جميع أمتعته خارج السجن ، وقضا الدين الذي عليه لزملائه ، وانخرط في ممارسة الرياضة لعدة أسابيع لأن عملية الفرار ربما تتطلب مجهودا عضليا ، وهي أمور كان ينبغي أن تلفت انتباه الحرس إليه ، فكيف لسجين محكوم عليه بالإعدام وينتمي لتنظيمات مسلحة  أن يقضي وبصورة مفاجئة جميع ديونه دون أن يكون يهم بشيء ما ، إما الانتحار أو الفرار ، وكلها أمور يجب على الحرس أن ينتبه لها  .

القبعة والقميص

قبعة حرسي وقميصه تركهما ولد الشيخ أيضا في زنزانته لتكون رسالة رابعة للحرسيين ولكل الموريتانيين فهل كان السجين يحضر للفرار بزي حرسي ، أم أنه بالفعل حصل على بعض ملابس الحرسيين وخرج بها وترك بقايا منها لتكون معالم للجريمة ، كلها سيناريوهات مطروحة ، مع الإشارة إلى أن اللباس العسكري هدفه ليس تأمين الفرار من السجن فقط وإنما تسهيل عملية الخروج من الأراضي الموريتانية أو الحركة داخلها  .

رسالة الوقت

سبع ساعات وخمس وثلاثون دقيقة قضاها السجين الفار دون أن ينتبه الحرسيون لفراره ، وهو رقم بغض النظر عن ما تحمله  السبع من أسرار فإنه يدل على مدى الإهمال والتهاون الذي يسود داخل السجن ، فكيف لسجين بهذه الدرجة من الخطورة أن يغيب عن أنظار حراسه لمدة سبع دقائق فكيف يغيب لمدة سبع ساعات وزيادة ، إنها رسالة تركها السجين الفار ليقول ربما للسجناء إنهم طلقاء مع وقف التنفيذ ، فباستطاعة كل منهم أن يمر بسلام دون أن ترقبه عيون الحرس "النائمة " .

بل إن الحرسيين لم ينتبهوا لعملية الفرار إلا بعد خوف زملاء السجين عليه واستبطائهم لخروجه من غرفته .

الأبواب الثلاثة

استطاع السجين الفار أن يخرج من باب غرفته دون أن يلفت الانتباه ، وتجاوز الباب الثاني دون أن يشعر أحد ، وخرج من الباب الأمامي للسجن على حين غفلة من الحرسيين ، وهو ما أفرغ كل هذه الأبواب والنقاط من معناها ، فما الحاجة إلى باب غرفة أو زنزانة مغلقة لا يمنع صاحبه من الفرار ، وما الحاجة إلى باب عام يخرج منه السجناء بحرية ، وما الحاجة إلى بوابين لا يوقفون أحدا ولا يلفت نظرهم أي شيء ، إنها ثغرة أمنية تحتاج إلى التفكير في سدها .

سبع رسائل تركها السجين السلفي  السالك ولد الشيخ وراء ظهره لنقرأها بتمعن ، ونفهم دلالتها فهل نحسن التهجي أم أننا ما زلنا أميين كما كنا أول مرة ؟

رسائل ينبغي أن نخرج منها بمسلمة تقول إننا نعاني خللا أمنيا بارزا في سجننا المركزي وهو خلل لن نتغلب عليه إلا بإجراءات حاسمة وعاجلة يكون من بينها تفعيل دور نقاط التفتيش داخل السجن ، واكتتاب مخبرين من بين السجناء يبلغون عن تحركات سجناء بهذه الخطورة ، وتبديل عناصر وأفراد الحرس سنويا ، فما بعد السنة إلا التعود والألفة ، وهي ألفة تنفي مقتضيات الحذر .

كما أنه ينبغي أن يكون من  بين هذه الإجراءات  إجراء آخر يتمثل في تفتيش أسبوعي لزنزانات وعنابر السجناء للبحث عن ثلاثي السلاح والمخدرات والهواتف ، كما يجب أن تتم مراقبة سلوك السجناء ، فضلا عن ضرورة أن يقوم  مكتب الاستخبارات في أركان الحرس بتنظيم زيارات مفاجئة للسجن لتفتيشه ومراقبته .

ولن يكون لهذه الإجراءات فائدة ما لم يفعل مبدأ العقوبة والمكافأة فهذا النوع من الأخطاء يجب أن لا يمر دون تحديد المسؤول عنه ومعاقبته .

فضلا عن هذه فإن رسائل السجين السبع تجعلنا أمام فرضيتين ، فرضية أن تكون القاعدة وراء تهريبه وإذا صدقت هذه الفرضية فإنها ستكون قد خططت قبل تهريبه لتأمين طريق مروره إليها من موريتانيا ، وبالتالي ستكلفه لا شك بمهمات أكثر من المهمات التي سبق وأن كلفته بها خاصة أنه ظل وفيا لها داخل السجن ، وترجم هذا الوفاء في رفض الدخول في الحوار ، وتصريحه بين الفينة والأخرى عن تعلقه بمنهج القاعدة .

الفرضية الثانية أن يكون ولد الشيخ فر بنفسه وإذا صدقت هذه الفرضية فإن عملية القبض عليه ستكون أسهل لكن على أجهزة الأمن أن تأخذ حيطتها أثناء البحث عنه ، وحيطتها لحظة القبض عليه ، فلا يستبعد أن يكون حاملا لحزام ناسف يحصن به نفسه .

يذكر أن ولد الشيخ أحد عناصر كوماندوس أرسلته القاعدة شهر فبراير 2011 لتنفيذ تفجيرات في العاصمة نواكشوط، وذلك باستخدام سيارتين مفخختين وسيارة ثالثة مهمتها الدعم اللوجيستي.   

وتمكن الجيش الموريتاني بقيادة كتيبة الحرس الرئاسي من التصدي للعملية وتفجير إحدى السيارات على مشارف العاصمة نواكشوط، والعثور على السيارة الثانية جنوب البلاد وتحديداً في منطقة مقاطعة اركيز.

وجرت مواجهات عنيفة بين الأمن الموريتاني وعناصر من القاعدة خلال مطاردات في الغابات التي تقع على ضفة نهر السنغال في الجنوب الموريتاني، وانتهت المواجهات آنذاك بمقتل أربعة عناصر من القاعدة وإصابة 11 جندياً وضابطين ومقتل دركي .

تصفح أيضا...