جلست سارة وهي ترتدي لباسها الشرعي الذي فرضه عليها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية طيلة فترة احتجازها، لتروي للجزيرة نت حكايتها بعد الإفراج عنها يوم الـ25 من الشهر الجاري.
لم تصدق أن اسمها سيكون من بين المفرج عنهن، ولكنها أيقنت ذلك بعد أن نادوا عليها عدة مرات "وقتها تأكدت أنني من بين اللواتي سيفرج عنهن".
وقالت السيدة "هذا اللباس لم يفارقني، التزمت به طيلة فترة احتجازي، وعندما كانوا يأخذوننا إلى المستشفى أو مجيء أحد مسؤولي التنظيم كان يطلب منا ارتداؤه" حتى في الحالات المرضية أو المستعجلة التي تستوجب نقل إحداهن إلى المستشفى.
وأضافت سارة "كان يأتي مقاتل من التنظيم بصحبة زوجته، إذ يمنع علينا الخروج لوحدنا".
قصة الخطف
وكان عناصر تنظيم الدولة قد شنوا هجوما واسعا فجر يوم 23 فبراير/شباط من العام الماضي، على القرى التي تقطنها الأقلية السريانية الآشورية ببلدة تل تمر، والتي تقع على بعد 45 كلم إلى الشمال الغربي من مدينة الحسكة (أقصى شمال سوريا).
وخطف مقاتلو التنظيم 234 شخصا من سكان تلك القرى، أُفرج عن غالبيتهم على تسع دفعات كانت آخرها قبل عدة أيام.
وبإحدى المرات، سألت سارة زوجة أحد المقاتلين والتي كان يبدو عليها أنها حامل بشهورها الأخيرة، عن سبب مجيئها رغم وضعها الصحي، فأجابت "يُمنع ركوب النساء في السيارة بدون محرم، وفي حال مخالفة القوانين يوضع زوجي في السجن، وبما أنكن محتجزات يطلب منه اصطحابي معه".
لكن على الرغم من شعورهن بالامتنان بعد الإفراج عنهن، ذكرت السيدة سارة أن مقاتلي التنظيم "كانوا يمنعوننا من استخدام أسمائنا الحقيقية".
وكشفت أن المقاتلين العرب كانوا يحذروهن من الجهاديين الأجانب "لأنهم يكرهون المسيحيين ويتمنون نحرهم".
وتتبع تل تمر ثلاثون قرية يدين قاطنوها السريانية الآشورية المسيحية، وسارة تنحدر من تل شاميرام، إحدى القرى التي تعرضت للهجوم وقتذاك.
وطبقا لبيان صادر عن مطرانية السريان الآشوريين بالحسكة، أفرج التنظيم عن 25 مسيحيا أول أيام عيد رأس السنة الميلادية، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلا أنهم لا يزالون يحتفظون بنحو 82 محتجزا.
معاملة حسنة
ومضت سارة إلى القول إن التنظيم كان يرسل إليهن كل 15 يوماً شيخاً يدعوهن للدخول إلى الدين الإسلامي. وتابعت "لم يجبرونا على اعتناق الإسلام، وكان يؤكدون لنا دائما أنه لا إكراه في الدين. ولم يطلب منا أحد أداء الصلاة، أو الذهاب إلى الجامع أو ممارسة الطقوس الإسلامية".
وبعد أربعة شهور من احتجازهن، قام مقاتلو التنظيم بنقلهن من منطقة الشدادي إلى مدينة الرقة (شمال سوريا) عاصمة خلافتهم التي أعلنوها في يونيو/ حزيران العام الماضي.
وذكرت السيدة أن أميرا بالتنظيم أكد لهن أنهن سيتلقين معاملة حسنة ومختلفة عن الآخرين لكونهن من أهل الكتاب.
وقام عناصر التنظيم بفرزهم وفق كل قرية، وفصلوا الرجال عن النساء، وبقي الأطفال دون سن العاشرة مع أمهاتهم، أما الباقون فوضعوا مع الرجال.
وعن كيفية إدارة التنظيم للمناطق التي يسيطر عليها، قالت سارة إنهن كن محتجزات بمكان أشبه ما يكون بالمجمع السكني الذي تم تحويله إلى سجن.
وأوضحت أنهن لم يغادرن المكان طيلة فترة احتجازهن، بينما أكدت أن النساء والفتيات لم يجبرهن أحد على الزواج أو خدمة المقاتلين.
أما عن الطعام، فقالت سارة "كانوا يقدمون لنا وجبات منتظمة تشمل الفطور والغداء والعشاء، كما كانوا يحضرون لنا لحم الدجاج مع الغداء مرتين في الأسبوع".
ولاحظت السيدة أن من كان يطهو لهن الطعام رجل إندونيسي الجنسية، وكان محتجزا لدى التنظيم لأسباب لا يعرفها أحد.
الجزيرة