المشاعر الجياشة التي عبر عنها الموريتانيون بجميع أطيافهم وبكل الأشكال المتاحة إثر الحادث الأليم الذي أودى بحياة اثنين اتفق الجميع أنهم من خيرة شباب هذا البلد تستدعي منا التفكير مليا لاستخلاص مجموعة من الدروس والعبر أظن من المفيد استحضارها في هذه اللحظات الحزينة.
الدرس الأول: أننا جميعا نبحر في نفس السفينة رؤساء ومرؤوسين، موالاة ومعارضة، فقراء وأغنياء وما السيارة التي انقلبت بالفقيدين ورفيقيهما إلا نموذجا مصغرا للسفينة الكبيرة التي تقلنا جمعيا وعلينا بالتالي الحفاظ عليها والسير بها في الطرق السالكة وتفادي الإصطدام بالأمواج العاتية حتى تبحر بسلام وتوصلنا إلى بر الأمان.
وإذا كانت مشاعر الحزن توحدنا بهذه الطريقة فما بالك بمشاعر الفرح التي ستعم الجميع عندما ترسو السفينة بسلام.
الدرس الثاني: أنه يجب أن تكون هذه الفاجعة مناسبة لتذكر الآلاف من المواطنين الذين تزهق أرواحهم كل سنة بسبب حوادث السير والذين لا يتم ذكرهم ولا تذكرهم إلا من قبل ذويهم ولا يعزي فيهم أو يواسي في فقدانهم سوى من كان ذا صلة وثيقة بهم. وخير وسيلة لتذكرهم تكون بالعمل على تهيأة طرقنا البرية والحضرية والسهر على صيانتها وتزويدها بالإشارات المرورية وإشارات السلامة الضرورية والمعدات والتجهيزات اللازمة للتدخل حال وقوع الحوادث كمراكز الطوارئ وسيارات الإسعاف والفرق الطبية التي ينبغي أن تنتشر على طول الطرق بشكل يسمح بالتدخل بالسرعة المطلوبة عند وقوع الحوادث.
الدرس الثالث: أن لحظة الإنكسار قد تشكل مناسبة لإعادة الحسابات واتخاذ القرارات الصائبة لما نشعر به خلالها من ضعف وحاجة إلى الآخرين حتى ولو لمجرد التعبير عن إحساسهم بمرارة ما نمر به.
الدرس الرابع: أننا جميعا نحب بعضنا ولا نريد لبعضنا البعض سوى الخير وأن خلافاتنا ليست وليدة كراهية وإنما ناتجة عن اختلاف في الرؤى والتقديرات وهي ظاهرة صحية علينا استثمار هذه اللحظة لتوطيدها وتفهمها وتقبلها كما هي بدل محاولة تحريفها.
دداه عبد الله