منذ الانقلاب على الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله و المعارضة تتناوب على ارتكاب الأخطاء القاتلة .
كانت البداية بحزب تكتل القوى الديمقراطية و ترحيبه الغير مبرر بالانقلاب .
ثم وقعت جميع قوى المعارضة الموريتانية في الفخ عندما قبلت بالحوار مع نظام العسكر في دكار ، و كانت نتيجة هذا الخطأ القاتل حصول نظام العسكر على بعض الشرعية الانتخابية ، و هو ما جعل المعارضة تعيش في حالة تخبط باستثناء حزب تواصل الذي اعترف بنتائج الانتخابات و رفع شعار " المعارضة الناصحة " و التي كانت محاولة فاشلة للسقوط في حضن النظام الحاكم .
كل هذه الأخطاء الغير مبررة و الساذجة من نخبة البلد السياسية جعلت المعارضة على وشك الموت لولا موجة الثورات التي ضربت العالم العربي دون استئذان و عندها عادت المعارضة إلى الواجهة من جديد عاقدة العزم على إسقاط النظام الذي كانت السبب في بقاءه حتى الآن ، و كان التكتل أكثر هذه الأحزاب إيماناً بضرورة التخلص من هذا النظام مدعوما بتواصل الذي استعان ب " أبي الحروف " من أجل أن تتحول معارضته " الناصحة " إلى معارضة " ناطحة " لكن المفاجأة هذه المرة جاءت هذه المرة من حزب التحالف الذي وقف بقوة ضد هذا الاتجاه و أصبح من المقربين من نظام العسكر يستغله في إظهار وجهه الديمقراطي المزيف ، و رغم محاولات المعارضة الجادة فشلت " ثورة العجائز " كما أطلق عليها الجنرال عزيز ، و أصبحت المعارضة في وضع لا تحسد عليه تخرج بين الفترة و الأخرى في مسيرات تؤكد قدرتها على الحشد الشعبي و تؤكد أيضاً فشلها الكبير في استغلال هذا الحشد للضغط على النظام .
ثم جاءت الانتخابات النيابية و البلدية و قررت أحزاب المعارضة المقاطعة باستثناء حزب تواصل الذي وجدها فرصة مواتية لاستغلال تضحيات رفاقه السياسية و استغلال الصعود القوي للأحزاب الإسلامية في بلدان الربيع العربي، و رغم أن النتيجة كانت جيدة جدا إلا أنها صبت في النهاية في مصلحة نظام العسكر و الذي أصبح أكثر قوة و يمتلك برلمانا تحتل فيه المعارضة مكاناً صغيراً لكنه يكفي لإظهار وجه النظام الديمقراطي أمام العالم .
بعد مهزلة الانتخابات النيابية و البلدية جاءت المهزلة الكبرى الانتخابات الرئاسية و كانت المفاجأة مدوية في وجه نظام العسكر حيث أعلنت جميع أحزاب المعارضة مقاطعتها للانتخابات - حتى مسعود بلخير الذي خرج لتوه من انتخابات مسبوقة بحوار و تعديل للدستور تم بالاتفاق معه - و ظهر بوضوح أن تيار المقاطعة كان على حق . و هو ما جعل نظام العسكر في وضع لم يتعود عليه منذ فشل انتخابات 6/6 و السبب هو فشله هذه المرة في الحصول على أية مساحيق تجميلية و هو الذي من المعروف أنه لا يستطيع أن يعيش بدونها . و هنا ظهر بيرام ولد الداه ، و هو شخصية حقوقية ذات مصداقية كبيرة في أوساط المجتمع الدولي و ترشح في مواجهة الجنرال .و بهذا الترشح حصل الجنرال على مسحوقه التجميلي و رغم النقد الذي تعرض له النظام الحاكم إلا أن أغلب الأوساط الدولية كانت راضية عن الانتخابات خصوصا أن بيرام ولد الداه اعترف بنتائجها و هو ما يؤكد أنها كانت شفافة في نظر هؤلاء .
إذن بضربة واحدة فقدت المعارضة كل أوراقها و النظام كشف أهم ورقة عنده و هي بيرام ولد الداه . بيرام ولد الداه الذي يوجد حاليا في السجن من أجل تنظيفه و لو مؤقتاً من تهمة العمالة لنظام العسكر .
اليوم تحاول المعارضة جاهدة تكرار خطيئتها الكبرى و هي الحوار مع نظام الجنرال مما يؤكد أنها فقدت كل قدرتها لمواجهة هذا النظام باستثناء حزب التكتل و الذي قرر تكفير ذنب وقوفه مع نظام العسكر ذات يوم مشؤوم .
في الختام أؤكد أن واقع موريتانيا اليوم شبيه إلى حد كبير بواقع بلدان الربيع العربي حيث كانت كل الدلائل تشير إلى أن النظام يسيطر على كل شيء قبل أن تسحقه أقدام المتظاهرين الذين فقدوا الثقة في النظام و في المعارضة معا . و هذا أكثر ما يخيفني .
شكراً للجميع على تكبد عناء قراءة هذه التدوينة و أهلا وسهلا بكل التعليقات و بكل الآراء .
نقلا عن صفحة المدون حمد ولد محمد