علمت ببالغ الأسى والحزن بوفاة المغفور له بإذن الله أستاذي وزميلي وصديقي اعل ولد عبد الله، تغمده الله برحمته واسكنه فسيح جناته والهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون .
وبهذه المناسبة الأليمة أردت أن أتناول جانبا من حياة هذا الرجل الفاضل.
لقد عرفت الراحل عن قرب في تسعينيات القرن الماضي حين التحقت بالوكالة الموريتانية للأنباء متدربا وكان حينها مديرا للأخبار فكان مدير يومية "الشعب" محمد الحافظ ولد محم ينيط بي مهمة برمجة المواد المخصصة للنشر، فيمازحني الراحل ويطلق علي لقب المساعد" آدجون" لدرجة أن المدير العام كان يناديني في بعض الأحيان بها.
كان مواظبا على الصلاة في المسجد ولا يتخلف عن الجماعة ولم أراه يوما من الأيام يصلي بالتيمم حيث أنني سافرت معه عديد المرات وهنا يعرف الرجل الرجل.
فهو وطني في مقام العشق للوطن الحر الموحد المستقل، عملت معه فكنا نلتقي في مقر العمل وفي بيته حيث ننجز المطلوب في جو يطبعه الالتزام بالواجب وصفاء القلوب والبساطة في تعامل آمر ومأمور إذ لا احد يستطيع أن يميز بين الاثنين في التعامل.
كيف لي - من بعيد - تأبين زميل و صديق مثل اعل ولد عبد الله !؟، فأصعب النصوص - في ظني - هي التأبين والرثاء، رغم أن أروع نصوص التاريخ، هي النصوص التي انفجرت في لحظات حزينة.
ما بين اللحظتين، اللقاء والوداع الأخير، أصبحت الحالة المبهمة، قابلة للتعليل ، فقد اكتشفت بعض أسباب التوافق والانسجام والقدرة على التميز والوضوح والحماس وصفاء المعدن والإخلاص والحس الوطني وصلابة المواقف والفروسية والتواضع عند الراحل.
لقد استضافني مراراً في بيته رغم الفوارق العمرية والرتبة المهنية فلم أجد إلا أننا بنفس العمر والمرتبة المهنية، فاشهد انه كان عقلاً مفتحاً، ومهنيا ضليعاً وودوداً مع الناس كافة.
إن ما عرف عن سيرته، باعتباره صحفيا مقتدرا ، ليس كافيا لرسم ملامح شخصيته ولا يكفي لإبراز مكانته في قلوب أصدقاءه وزملاءه ، وأغلب الظن أنه استمد مكانته الفريدة، من جوانب إنسانية بحتة ، تنبعث من المنبت والقيم والخصال والمواقف .
منذ سنوات، أجبرتنا الظروف ؛ على التباعد المكاني حيث تقاعد الراحل من الخدمة، لكنني تابعته من بعيد وهو يدافع عن الوطن وحق المواطن.
ومنذ فترة فجعنا بتعرضه لوعكة صحية، في وقت عصيب، ورغم أنني على يقين من أن ( لا أحد يرحل قبل أوانه ) فقد تمنيته حيا اليوم ليواصل مسيرته في وطن يحبه وخدمه بإخلاص واحترام.
لكن تذكروا، أن الناس؛ لا تدفن في التراب غير أثمن الأشياء ( الكنوز ورفات الأحبة ) أما الإرث العظيم للأسلاف فيبقي، يبعث على الفخر ويحصن الأجيال الجديدة من الوقوع في مواطن الزلل.
فيا أبناءه وتلاميذه ومحبيه، تمسكوا بإرثه، ليس إرث الدراهم والدنانير، بل الباقيات الصالحات، خصاله وقيمه ومسلكه.
رحم الله اعل ولد عبد الله واسكنه فسيح جناته.
محمد الأمين محمد محمود
صحفي بالوكالة الموريتانية للأنباء.