نوافذ (بتلميت ) ــ نظم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية مساء أمس مهرجانا بمدينة بتلميت ، كان الأقل حضورا و"فخامة " وزخما بين مهرجانات المدينة في الفترات الأخيرة ، فهل كان السر في غياب "الفخامة " ؟
(وجعلنا الليل لباسا )
المساء هو الوقت المناسب للمهرجانات الجماهيرية خاصة حين يكون المستهدف بها مقاطعة بحجم بتلميت في الكم والكيف ، غير أن غياب "الجماهيرية " في مهرجان الأمس ــ ربما ــ اضطر منظميه للاستتار بالليل ، حيث انتظر جمهور المهرجان ساعات حتى غربت الشمس ومن مغربها طلعت بعثة الحزب ولسان حالها يقول "وجعلنا الليل لباسا " ...
في غياب "الفخامة " لا مكان للوزراء
قبل ساعة من وصول بعثة الحزب إلى المنصة كان الجمهور على موعد مع معركة كر وفر بين المنظمين وكبار المسؤولين السابقين بالمقاطعة ، وذلك من أجل إخلاء المنصة الرسمية ، حيث طرد منها وزراء سابقون وولاة ، وأخلي مكانهم لتجلس فيه وزير الشؤون الاجتماعية متأبطة "حقيبتها اليدوية " وعن يسارها جلس رئيس البعثة محمد ولد بيها يقرأ كتابه ، منشدا قول شاعر المقاطعة الرمز :
اقرأ كتابة فالحياة سراب ....مالم يقدها في الدروب كتاب
ولم يبق له إلا أن يترنم على أنغام الأغنية الشهيرة "أهيه وأهيه أمل ...والذاك يوحل فاكتاب " .
في المهرجان استغل الأطفال
لم تعدم "الكاميرا " وهي تسرح في ساحة المهرجان قبل حلول الظلام أطفالا يتكممون بشعارات الحزب الحاكم ، في استغلال سياسي لبراءتهم إن لم نقل اغتصابا لها .
"الشيطان " يكمن في المنصة
للمنصة مع أطر بتلميت ألف حكاية وحكاية ...فالعارفون بمسيرة المدينة السياسية في العشرية الأخيرة يقولون إن شيطان أطرها يكمن في المنصة ، فقبل سنوات صفع أحدهم ابن عمه عليها في مهرجان حزبي مماثل ، واليوم يبدو أن النهج لم يتغير رغم ما كرسه فخامة رئيس الجمهورية من أخلقة للحياة السياسة ، وما دعا إليه من هدوء وسكينة في ممارستها ، فلم يكد أعضاء بعثة الحزب يجلسون في مقاعدهم حتى اشتعلت معركة الصعود علي المنصة التي طرد منها قبل قليل وزراء وأعيان من سكان المدنية ، هرج ومرج حول بوابة سلّم المنصة إلي حلبة يتصارع فيها ثيران السياسة ، صراع كشف أن إجماع بتلميت المعلن ظاهره فيه الهدنة وباطنه من قبل الصراع .
انتفاضة الفئات المهمشة
الصراع في مهرجان بتلميت لم يقتصر على المنصة بل تجاوزها إلى المداخلات ، فلم تكد المداخلات تبدأ حتىبدأ معها التململ ليبلغ ذروته بانتفاضة شاملة دشنها من سموا أنفسهم أبناء الطبقات المهمشة معلنين أنه لا مكان في المهرجان "للمعلمين ، ولا لحراطين " وأن الحديث فيه يقتصر على أبناء "الأسياد " ــ حسب تعبيرهم ــ .
واعتبر هؤلاء أنه من المخجل أن يكون ليس من بين عمد بلديات المقاطعة من ينتمي لشريحة "لحراطين أو شريحة لمعلمين " ، وأن تبسط تلك القاعدة ذيلها علي النواب ورؤساء الأقسام والفروع .
مجموعات أخرى كان لها نصيبها من الثورة ضد توزيع الكلام وترتيب المتدخلين ، حيث ثارت ثائرة سكان بلدية انتيشط بعد تأخير عمدتهم في لائحة المتدخلين ، وأكدوا أن ذلك التأخير أمر أبرم بليل ، فيما شكا بعض سكان بلدية علب ادرس من التهميش ، واقتحم تلاميذ الفخامة المنصة ليأخذوا زمام المبادرة رغم انزعاج وزير الشؤون الاجتماعية من صعود نشطائهم إلى المنصة ومحاولتها صدهم بالقوة إلا أن ميزان القوة لم يكن لصالحها .
الملاحظة التي يمكن الخروج بها من المهرجان "الليلي " ببتلميت هي أن لعبة السياسة في المقاطعة معقدة ، لا يكفي لخوضها المنصب السامي ولا الحسب الرفيع ، ولا المظهر ، بل لا بد لصاحبها أو "صاحبتها " من أسرار المهنة؛ حتى لا تصرخ في وجهه العامّة قائلة "دَسْنَه " .