فتوة على فتوة..
خرجت من المكتبة الإسلامية، بكتاب "الروضة الندية من معاني القصيدة المولدية"، وهو عمل في غاية الروعة قام به الأستاذ الجليل الشيخ إسماعيل بن محمد يحي ابن أشفقنا الله، على مولدية الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي..
بدأت مطالعة الكتاب، وكان عدوا لدودا للمشاغل الدنيوية الكثيرة، فقد بزها وقتها.
الكتاب متميز شكلا ومضمونا..
. كان من الناحية الشكلية أنيق الطباعة، ملونها، متوسط الحجم والحرف..
. كان من الناحية المنهجية، متماسكا انتقل من المقدمات إلى النص إلى الروضة إلى الختام والمصادر والمراجع.
. كانت المادة مضبوطة لغويا بتمكن، تضبط الشكل عند الحاجة، وتستخدم أدوات الترقيم بحرفية.
. كان الأسلوب ماتعا، سلسا، منسجما، معتدلا، خاليا من المبالغات والإطناب، يتتبع المعاني بحاسة نقدية نادرة، ومعرفة لغوية مكينة لا يعزب عنها مثقال ذرة من حقول اللغة والأدب المختلفة.
. تعيش أجواء ليلة المولد في حضرة ربانية يداعب فيها قلم مبدع عصري بنت ليلة من أمهات قصائد المولد لشيخ عالم شاعر محب.
الأستاذ الشيخ إسماعيل عالم وباحث، نهل من معين المحضرة الصافي وبلغ مرحلة التفنن في علومها، ومع ذلك فهو خريج الفلسفة في الجامعة.
وذلك ما يظهر في عمله التحفة، تمكن المحضري من علوم اللغة والدين، وحلاوة أسلوب العصر، والبعد التأملي والتحليلي الفلسفي.
تجد في هذا العمل، حضورا لدواوين العرب والمحبين وأشعار الشناقطة، تجد علوم التفسير وروائع الحديث رواية ومصطلحا، تجد نكت السيرة والتاريخ، تجد الفقه وأصوله، تجد النحو والتصريف والإملاء والعروض، تجد حضورا لافتا للنقد الحديث والمنطق وفنون البلاغة..
إن هذا العمل "كوكتيل" ينبئك عن مستوى القائم به، وقد ساعده موضوعه، ولله در عمل أعان متناولَه بتميزه وعيار جودته.
كيف لا ؟ وهو عمل في المولد، نظمه شاعر محب عارف مشتاق، مثل الشيخ سيد محمد، إنه لعمري عسل مصفى لذة للمتناول.
ولو أعطى الخيار لوددت أن الرحلة لم تنته، رحلة قلم هذا الشيخ الشاب على جوهرة مديح ذلك الشيخ الشاعر، إنها مع فتوة على فتوة..
د. محمد سالم جدو (بدالي).