مائة يوم على معاناة الوزير الأول
كان الوزير الأول متواضعا ودقيقا عند تعيينه حين صرح أن رئيس الجمهورية طلب منه:" تنسيق العمل الحكومي " مع أن الدستور فى (المادة 42) جعل الوزير الأول هو من: "يحدد سياسة الحكومة تحت إشراف رئيس الجمهورية "
حتى تنسيق العمل الحكومي، بحكم واقع الحال، هو مهمة شبه مستحيلة لتضافر مجموعة من العوامل تجعل الأمر خارج سيطرة الوزير الأول:
1-الغبن فى ثقة الرئيس:
- ليس للوزير الأول من ظهير سياسي يستند عليه ويعطيه اعتبارا ومكانة داخل الفريق الحاكم، وحدها ثقة الرئيس هى التى جاءت به ووفرت له ثقة البرلمان، والجميع مدرك لذلك.
- فى ميزان ثقة الرئيس تحوز جهات عديدة ثقة تفوق ما يحظى به الوزير الأول؛ فمدير ديوان رئيس الجمهورية بحكم الصلة الحميمية مع الرئيس يتمتع ليس فقط بسمع الرئيس بل بعقله وعاطفته، ما يجعله عمليا حائزا على سلطات الرئيس، ومن ثم فى ذات موقع رئيس الجمهورية من الوزير الأول وباقي أعضاء الحكومة.
2-الخلل فى العلاقة مع أعضاء الحكومة:
-من أعضاء الحكومة من تم استوزارهم قبل تكليف الوزير الأول، وفى تجديد الرئيس لثقته فيهم ما يغنيهم عن التماس ثقة الوزير الأول (أحد أولئك تجاهل تماما توجيها من الوزير الأول بتنفيذ أحكام قضائية صدرت ضد وزارته، وتولى أحد مستشاريه الرد بشكل غير لائق على ذلك التوجيه. آخر منهم يقال إنه تساميا يسمي الوزير الأول ب "Le Petit").
- أغلب الأعضاء الجدد فى الحكومة وزراء وفدوا من وظائف أممية وبطلب من الرئيس ووفق وعد مسبق بإطلاق أيديهم فى قطاعاتهم (البترول والطاقة والمعادن-الاقتصاد) ما يجعلهم خارج سلطات الوزير الأول.
ويمكن أن يضاف لهؤلاء من وزراء الحكومة السابقة على اعتبار الاشتراك فى تأمين وظائف تفوق فى عوائدها ما تقدمه امتيازات عضو فى الحكومة الموريتانية (الصحة)
- الوزيرة -رئيسة الحزب السياسي المستوزرة بصفتها تلك.
-وزارتا الدفاع والخارجية لعلاقتهما المباشرة برئيس الجمهورية.
- وزير المالية الذي يعتبر فى العادة بمثابة وزير أول ثان أو منافس أحيانا، بالنظر لمركز قطاعه ومحوريته فى ضبط إيقاع الأداء الحكومي.
3-غياب السيادة حتى على الديوان:
- فالوزير الأول ليس من اختار مدير ديوانه رغم أنه خيار حاسم فى ضمان النجاح فى تنسيق العمل الحكومي
- فريق المستشارين والمكلفين بمهام؛ أي فريق عمل الوزير الأول ليس هو من اختارهم، وعلى الأرجح لم يشرك حتى فى اختيار أغلبهم.
أي تقويم لأداء الوزير الأول إثر انقضاء مائة يوم على حصول حكومته على ثقة البرلمان يغفل العوامل السابقة لن يكون موضوعيا ولا منصفا.
وحتى يطرأ تغيير جذري على تلك العوامل لن يكون لمنصب الوزير الأول من دور يذكر فى قطر العمل الحكومي، فتحقق ذلك يمر حتما بأطر الطاقم الحكومي على الانتظام خلف مزحل واحد.