عرفت بلادنا فى السنوات الأخيرة حالة قوية من الشد والجذب لازالت مستمرة بين السلطة والمعارضة اخذت ابعادا معتددة،ومرت بمراحل معقدة تقوى وتضعف بقياس الحدث نفسه ،وظلت الحالة على هذا المستوى إلى أن برز خطاب إعلامي تميز بالإستقطاب الحاد،
تركت تداعياته حالة من القلق والإنفعال لدي كثير من المواطنيين خوفا علي أمن واستقرارالبلد الذي يتوق إلى مزيد من التطور الإقتصادى والإجتماعى وحتى السياسى وهو ما يتطلب الكثير من الصبر والأناة والتعقل والانفتاح والحكمة والحنكة،وهي مسؤولية مشتركة ينبغى أن تكون حاضرة فى ذهنية جميع الاطراف السياسية حاكمة كانت أومعارضة مدنية كانت أو أغلبية صامتة .
فالوضع الجيو سياسى المحيط بنا فى أكثر من جهة جنوبا وشمالا، وما قد يترتب عنه من تداعيات وتأثيرات مختلفة المظاهر،إضافة إلى الوضع الداخلى حتى وإن كانت هناك تباينات كثيرة فى تقييمه وتوصيفه من طبيعى إلى متأزم أو من مريح إلى مضطرب،يتطلب من كل المهتمين بالشأن العام مضاعة جهودهم لرفع التحديات والمخاطر التى قضت على الكيانات الأكثر قوة منا وعلى جميع المستويات، فمنطق القوة الذى بات يفرض نفسه على الدول الكبرى بفعل التحديات الأمنية الخطيرة سيحمل معه مفاهيم جديدة فى التعاطى مع الدول من نمطنا وستكون له تداعيات على دول بها مناطق هشاشة كبيرة بفعل أوضاعها الإقتصادية والإجتماعية وهو ما يتطلب منا مزيدا من الوعى والإلتفاف الوطنى والدخول وبشكل سريع فى ابتكار حلول وطنية لكل الاشكالات مهما بلغ سقفها من أي طرف من الاطراف.
فسرعة التطورات الأمنية الخطيرة وحالة الحراك المتنامية التي تعرفها المنطقة العربية والإفريقية وحتى فى مناطق الصحراء الكبرى من حولنا وما نتابعه عبر جميع الوسائط الإعلامية من نقل للفلتان الأمني ستكون له تأثيراته الاجتماعية والاقتصادية والامنية وهو ما يستدعى وعيا متناميا واستيعابا موضوعيا لاسبابه ولتداعياته بعيداعن الحسابات السياسيةالضيقة التي تتحكم فيها المصالح الآنية وتستبعد المصالح الاستراتيجية التى تفكر بمنطق الدولة واستكمراريتها.
إن وضعا كوضع بلدنا بما فيه من تعدد فكري وطبقي وعرقي وعشائري وجهوي وبمحدودية موارده وإمكانياته وشساعة حدوده حتى ولو كان فيه تطور ملاحظ فى جوانب حياتية كثيرة يجعلنا أقدر على المواكبة وأكثر استيعابا لمجريات الأحداث من حولنا، لكطن ذلك لن يكون متاحا مالم نقدم حلولا إجماعية و ديمقراطية من خلال توسيع دائرة المشاركة فى صناعة قرارها وما لم نقم بتكريس قيم المواطنة وتعزيز الحريات الفردية والجماعية مع تقديم خارطة توافقية للشكل والنمط الذى يجب أن تقوم عليه أسس اللعبة السياسية لضمان مشاركة الجميع لما يتيحه من تحفيز على النهوض بالمسؤولية ولأجل إستمرارالمكتسبات الديمقراطية والحقوقية وبناء دولة الشورى والمواطنة.
قد تختلف تقييمات ظرفيتنا السياسية الراهنة باختلاف الأجندات السياسية وباختلاف المراحل، إضافة إلى قوة التحولات التى نعرفها ، وقد أنتج كل ذلك معطيات وقراءات سياسية وفكرية تتطلب قدرة استيعاب معتبرة من أطراف عديدة متنوعة المطامح والمطامع،لكن الذي علي الجميع ان يستوعبه هو طبيعة المجتمع وظروفه وامكانياته وبنيته التربوية التقليدية وما يعترضه من تهديدات تتطلب تعزيز روح المبادرة من تقوية للنسيج الداخلي وتقريب وجهات النظر السياسية ودعم لاستمرارية الامن والاستقرار،والمساهمة في خلق جو هادئ من التوصل والتلاقي بين نخبة المجتمع وكل الفاعلين فيه ومن كل المكونات لدفعهم إلى تحمل مسؤوليتهم الجماعية فى الحفاط على بلدهم لكن أن استمرار التجاذب الساسى بالشكل القائم ومنذ سنوات إن ظل مستمرا وبوتيرة متصاعدة سيتيح الفرصة لخلق خطاب تحريضى بديل وسيقرأ الفاتحة على المؤسسات الساسية والمدنية إن هى عجزت عن القيام بدورها.