قال الأستاذ الجامعي والباحث في القانون يعقوب ولد السيف إن العبودية في موريتانيا ليست فقط موجودة بل موجودة ويتم إنتاجها بشكل يومي .
واعتبر ولد السيف في مقابلة له ضمن برنامج ضيف وحوار ــ سننشرها كاملة لاحقا ــ إن الخدمة المنزلية نوع من العبودية ، فليس هنالك خدم منازل إلا من الأرقاء السابقين ، والخدمة المنزلية تتقاطع مع العبودية في أن مهام الخادم غير محددة ، أي عمل يقوم به ويقوم به لكل من في المنزل ، معناه أن العبودية تنتج في كل يوم .
وأضاف الأستاذ بجامعة نواكشوط أن ما قيم به من جهود في محاربة الظاهرة يهدف إلى تسجيل النقاط بين السياسيين ولم يحدث أثرا كبيرا في الواقع ما يعني أن النقاش حول وجودها كالنقاش حول وجود الشمس ــ على حد تعبيره ــ .
وفي رد على سؤال للصحفي المحاور عن ما إذا كان ضالعا في اقتراف جريمة العبودية في بيته قال ولد السيف : طبعا لأن المجتمع الذي أنا أعيش فيه نظام البيظان وهو نظام بائد إذا لم يتم إلغاؤه لا يمكن ان نتخلص من العبودية ، فهو نظام قائم على مؤسسة وانقسام طولي ، بحيث ان كل قبيلة فيها سادة ، وغارمين ، وتابعين ، وعبيد ، فحين تقول بيظان معناه قبائل ، حين تقول قبائل معناه فيها سادة وعبيد ، إذن بقاء النظام نفسه كاف للتدليل على أننا لا زلنا نراوح مكاننا .
وأكد أن البيظان كنظام مثله مثل الإقطاع إذا لم يفكك ويتم تجاوزه لا مجال للحديث عن التحديث ، ولا عن الدولة ، لأن المنظومة القيمية لهذا النظام مناقضة للدولة ، فنحن حتى الآن نجاحنا في الاندماج القومي كم نسبته تراجعت كان هنالك تقاطع بين الشرائح والأعراق بفعل التفسير الديني الخاطئ الذي يقول بأن بإمكان السيد أن يأتي أمته دون طقوس .
واعتبر ولد السيف أن فقهاءنا يفصلون الدين حسب الحاجة ويخضعونه لهوى السلطة فعندما كانت المشكلة الأساسية في مواجهة العبودية هي الخوف من ردة فعل السادة جاء قانون إلغاء الرق سنة 1981م وطرح فكرة التعويض بمباركة من الفقهاء ، على اعتبار أن هذا مسألة شرعية وكان البحث عن ممول يمول تحرير العبيد ، الآن تم التجريم بما يفيد تجاوز الإلغاء ، وتحدث الفقهاء وتسابقوا على المنابر للتذكير بأن الاسلام بريء من هذه الظاهرة ، ألا يظهر هذا حجم تبعية الدين للدنيوي ، بمعنى أنه التفصيل حسب الحاجة ، ألم يقل فقهاؤنا سنة 1981م أن إلغاء الرق يحتاج إلى تعويض السادة لأنهم يملكون الرقاب ، ألم يقولوا سنة 2015م بأن لا حاجة لذلك ما الذي تغير ؟
وخلص الباحث إلى أن نظام البيظان كنظام اجتماعي مثله مثل النظام الإقطاعي بالتالي ما دام قائما لا مجال للحديث عن الدولة ، لأن بنياته مناقضة لبناء الدولة ، ولذلك تجد أنه في الذكرى الخامسة والخمسين للاستقلال نتحدث عن القبيلة نتحدث عن الجهة كما لم نتحدث عنها من قبل ما مرد ذلك ؟ هو تفسير لفشل في تحقيق اندماج وطني لأن العلاقات حتى على مستوى السادة تحكمها العلاقات التقليدية ، فكيف بفئة العبيد والأرقاء السابقين وغيرهم من الفئات الغارمة .
وعن رؤيته لكيفة تحقيق الاندماج ؟ قال إنه إنما يتم تفكيك نظام البيظان على مستوى الفكر والواقع ، مشددا على خطورة الحديث في البرامج التراثية عن اتهيدين وشكر الأمراء ..والأمير سلطته منبثقة من الهيمنة على من هم تحته ...متسائلا لما ذا لا نقبل بإتلاف هذا النوع من التراث كما قبلنا إحراق الكتب الفقهية لأنه الفقه المالكي تم تجاوزه في العبودية وأصبح مضحكا ــ حسب تعبيره ــ