لقد آن الأوان لرفع الوصاية عن المستعمرات " موريتانيا أنموذجا " / السيد ولد صمب أنجاي
تعيش موريتانيا على وقع نتائج تحقيق اللجنة البرلمانية ؛ فى عشرية النهب والسلب ؛ التى طالت جميع مناحي الحياة السوسيو _ إقتصادية والثقافية الاكسيولوجية ؛ والتى لها تأثير مباشر على حياة شعبنا ؛ التواق إلى كل ما من شأنه أن يحسن من وضعه ؛ تعليميا ؛ وصحيا ؛ وأمنيا حتى .
لقد أدت اللجنة البرلمانية عملها بشكل موضوعي وحيادي ؛ دونما تأثيرات من السلطة التنفيذية ؛ وهو ما يشي بأننا أصبحنا نمتلك مؤسسات ذات مصداقية واستقلالية لا مثيل لها فى شبه المنطقة الإفريقية ؛ وهذا لعمري شيء نحسد عليه ؛ وما كان ليتحقق ؛ لولا الإرادة السياسية التى عملت وتعمل فى المضي قدما ؛ للفصل بين هذه السلط الثلاث ( التنفيذية _ التشريعية _ والقضائية ) ؛ مما انعكس بشكل إيجابي على عمل اللجنة البرلمانية ؛ التى نكن لها الإحترام والتقدير على عملها النبيل الشريف ؛ المعبر عن المطالب الشعبية والإرادة الجماهيرية ؛ المتمثلة فى محاكمة عادلة لناهبي الثروة الوطنية مع استرجاع ما نهبته أيادي الفساد والمفسدين ؛ الملطخة والمخضبة بتبديد المال العام؛ ودوس قيم شعب صبور جسور ؛ تحمل المرض والأسى والمسغبة ردحا من الزمن؛ لكنه ظل يكابد و ينتظر رحمة رب رحيم ؛ لا ينام ولا يعجزه شيء ؛ فجاء الفرج على حين غرة بزوال ملك من جثم على صدور الشعب اثنا عشر عاما ؛ سامهم العذاب والنكال حتى الثمالة ؛ إنها إحدى دعوات المظلومين التى تحمل على الغمام ؛ وليس بينها وبين الله حجاب؛ فسبحانك من اله عادل ؛ توتي الملك من تشاء وتنزعه ممن تشاء .
هكذا يكون التحقيق العادل مع من لم يخطر بباله يوما مفهوم العدالة؛ غير التنكيل والضرب بقوة لكل من يخالفه الرأي وعندها يتهاوى ملك الجلاد ؛ جلاد الشعب ؛ جلاد الخصوم المختلفين معه ؛ ليركن إلى محكمة الحساب والمحاسبة ويساق إلى محكمة الجرائم الاقتصادية والمالية ؛ ليخلو وجهه أمامها ؛ فلا المال الذي جمعه على ظهور الشعب الموريتاني يمنعه من المثول أمامها ؛ ولاحاشيته التى كانت تؤويه و اليد التى يبطش بها ؛ ورجله التى يمشي بها ؛ وعقله الذي يفكر به لتمنعه من المساءلة شيئا ؛ ولا محاموه الذين يغدق عليهم بمليارات الدولارات من أموال هذا الشعب المطحون ؛ تستطيع أن تحول بينه والمحاكمة أو المساءلة ؛ فلقد ولى زمن الوصاية ؛ وموريتانيا دولة مستقلة وذات سيادة ؛ وتمتلك مؤسسات دستورية قوية ؛ لا يمكن اختراقها ولاحتى الوصاية عليها من أي كان ؛ كما أن الشعب الموريتاني لم يعد ذلك القطيع من الأغنام والشعوب المدجنة ؛ بحبوب الهلوسة وعبادة السلطان ؛ حتى تنصاع وتخضع وتأتمر بالخارج ؛ أو تنتظر الحلول المعلبة والإملاءات الخارجية ؛ إنه بعيد من كل هذا ؛ ولا شك أن من أوصلهم إلى الأراضي الشنقيطية مستغيثا بهم ؛ فقد خاب مسعاه ولن يجديه نفعا ؛ غير استرجاع أموال الشعب الموريتاني ؛ والتبتل في محراب التوبة وطلب العفو من الشعب ؛ المرهف بأنين وضجيج الجياع وأناة المرضى ؛ وكر وفر الباحثين عن لقمة العيش لسد رمقهم ؛ الذي ليس بامكانهم الحصول عليه ؛ الا بشق الأنفس وبعد أن ينهكهم التعب؛ وتبدو على محياهم الشاحبة ؛ الأمراض المزمنة وضيق المقام وسوء الأحوال؛ التى سببها النهب والسلب لثروة البلد .
إن من يحاول اليوم النيل من استقلالية قضائنا ونظمنا ؛ القانونية وتدويل قضيايا الفساد بمفهومه الفضفاض ؛ كمن يحاول الاستغاثة بالسراب ؛ الذي يخاله الظمآن ماء ؛ حتى إذا جاءه وجده سرابا بقيعة ؛ فكذلك من تسول له نفسه الأمارة بالسوء ؛ للاستقواء بالخارج والتدخل الأجنبي ؛ فى شؤوننا الداخلية سيخيب مسعاه ؛ خاصة من كانوا بالأمس القريب معروفين بالعبث بالرموز الوطنية ؛ وتغيير الدستور ووأد التجربة الديمقراطية فى مهدها ؛ اغشت 2008 م ؛ عن طريق الانقلاب على الشرعية ومحوها فى العمق بمساحيق الأحذية الخشنة للعسكري الانقلابي ؛ وتبرير ذلك باسم مفاهيم مغلوطة مثل " إعادة التصحيح " و " التغيير البناء " ؛ فكيف بمن ينقلب على الشرعية أن يكون مصلحا ؛ ومن يخون العهد أن يعد رجل بناء وتصحيح ؟ ؛ إنها مفارقة وخدعة بررها الانقلابي ؛ ليمرر أجندته المبيتة فى لاشعوره المسكون بحب السلطة ؛ وباركتها الكتيبة البرلمانية والبازيب ( basep ) ؛ اللتان حكم بهما البلاد والعباد ؛ طيلة إثني عشر عاما ؛ بقبضة حديدية ؛ تميزت بتصفية واضحة للمعارضين والخصوم السياسيين ؛ حتى لحظة خروجه من السلطة عنوة ؛ بعدما كان يسعى مع حاشيته وزبانيته لمأمورية ثالثة ؛ التى تحطمت خيوطها الأولى على صخر الرفض والغضب الشعبي .
أفلا يستوعب أبناء وحفدة الغزاة الفرنسيين الدروس من الماضي ؛ ويتذكروا المعارك والمقاومة الشرسة أثناء فترة الاستعمار؛ و بعدما كبدهم أبطال مقاومتنا الأشاوس ؛ خسائر فادحة وكبيرة في الأرواح ؛ لاسترجاع مجدنا وتاريخنا عنوة ؛ لنصبح بعدها دولة مستقلة تسير من الداخل بفضل الله ؛ وصمود أبطالنا الذين تصدوا للغزاة الفرنسيين في ساحة الوغى بصدور عارية ؛ دفاعا عن الحوزة الترابية والوطن ؛ لنقولها مدوية نهارا جهارا ؛ إن زمن الوصاية والتدخل فى الشؤون الداخلية على المستعمرة و القارة العجوز " افريقيا " _ وخاصة موريتانيا _ قد ولى إلى غير رجعة ؛ ولن يعكر صفو سير مؤسساتنا الدستورية ومسطرة قوانيننا ونظمنا.
والسلام على من اتبع الهدى ونهى النفس الأمارة بالسوء عن الغوى
كيفة بتاريخ : 23 / 08 / 2020