لِمْجِ فِي الْعِيدْ..(فُسْحَة)..
من الأدبيات المرتبطة بالعيد في حياة الموريتانيين: "لِمْجِ فِي الْعِيدْ"، حيث توجب القواعد الاجتماعية الصارمة الحضور في المكان الذي على الرجل أن يحضر فيه، ويستوي أمام تلك القواعد الشباب والكهول، ويسمونه "التّعْيَاد"..
يكفي دلالة على مدى ضرورة لِمْجِ فِي الْعِيدْ، وخطورة التخلف عنه، ملاحظة مستوى التَّأوه والتحسر في قول صاحب الْگَاف الشهير:
يَلَّالَكْ يَحَدْ فَطْرَكْ :: رَاهُ شَرْگْ أفْمَالْ
وُفْبُوتِلِمِيتْ حَصْرَكْ :: تَتْگَارْ أرَحَّالْ
ومعرفة مستوى التضامن الرجالي العارم الذي لقيه صاحب الگاف بمجرد تداول الرواة له في المدينة، إذ أرسل إليه الأديب الكريم الصالح محمد ولد محمد اليدالي رحمه الله عند سماع گافه، وقال له كلمة تعدها نساء ذلك الجيل من أجمل كلمات "اتْنَسْوِ" التي سمعنها: "مَالَاهِي يَحصْرَكْ أرَحَّالْ"، اشتراهُ وأغلظ الثمن، وأتَمَّ كلمته: انْطْلَصْ أُلَا تخْنَگْ الْعِيدْ..
عَلِمَ إمام الكرماء الشيخ سليمان ولد الشيخ سيدي رحمه الله بالگاف، فأدرك الرجل قبل أن يغادر بتلميت، وتفاصيلُ الأخبار بعد ذلك حَشُ..
لِمْجِ فِي الْعِيدْ له أوقات متفاضلة، فمختارُ وقته من قَبْلِ يوم "أرَفْ" (اسم اليوم الذي قبل يوم العيد وأجهل معنى الكلمة) إلى ما قبل اشتمال ظُلمة ليله، وكلما تقدم وقت القدوم عن يوم "أَرَفْ" كانت الدلالات الرومانسية أكبر، والعكس صحيح، والقدوم ليلة العيد إلى صباحه يسمى "أخْنِيگْ الْعِيدْ، ومن زواله إلى اليوم الموالي يسمى "نَوشْ الْعِيدْ"، وليس بعد ذلك شيء من العيد ولا من الرومانسية..
ذات عيد في بتلميت سَجَّل الوالد محمد ولد المصطفى (السَّيف) رحمه الله حالة لِمْجِ فِي الْعِيدْ بالنسبة لبعض رِجْلِ أَهَلْ لخْيَامْ، فقال:
رِجْلِينَ فَلْعِيدْ أَبْتَفْصِيلْ :: أَمْجِيهْ أَخْلَكْ فِيهْ الطَّاوِيــــلْ
فــِيهْ الْمَاجَ، وَمْرُ ثَقِيلْ :: وَخْبَـــارُمَاهِ مَحْتَــــــــــــاجَ
أُفِيهْ الْمَاجَ يَكُونْ اللَّيْلْ :: وَلْجَ فَاتْ الظَّـــــوْ أَتْفَـــــــاجَ
أُبَعْدَنْ مَاجَ فِيهْ اسْمَاعِيلْ :: أُوُلْ أَهْلُ كَاعْ أَعْكَبْ مَاجَ..
ربما خفت صرامة تلك القواعد مع الحياة الجديدة، ويأتي هذا العيد في ظل الإجراءات الاحترازية المرتبطة بمواجهة تفشي وباء كورونا، وقد منعت كثيرا من الرجال من لِمْجِ فِي الْعِيدْ، ولهم في تلك الإجراءات أعذار..
عيدكم مبارك..
اللهم ارفع عنا البلاء والوباء..
أ. ع. المصطفى