بمناسبة الذكرى 55 لتأسيس قواتنا المسلحة، استحضرت جملة لطالما كررها والدي رحمه الله العقيد محمد ولد أب ولد عبدالقادر لما شاءت به الأقدار قبل 35’سنة أن يهاجر من بلده ليبدأ نوعا آخر من النضال و التضخيات في سبيل إنقاذ وطنه فكان يقول دائما :
"إن الطريق الوحيد لخلاص موريتانيا يمر حتما عبر عودة العسكريين إلى ثكناتهم"
لو تمعنا في تاريخ القوات المسلحة منذ تأسيسها لوجدنا أن حرب الصحراء كانت محورية في مسارها بل و بلا شك المحنة الوحيدة حتى الآن التي يمكن من خلالها تقويم أداء وإخلاص أفرادها مهما كانت رتبهم. ولعل تلك المحنة كانت فريدة من نوعها لأنه وبباسطة اندلعت الحرب على حين غرة فلم تكن موريتانيا قد تهيأت لحرب عصابات استنزافية و مدعومة من جهات أجنبية لا يستهان بها. فكان لابد من تقديم تضحيات جسام من أجل حماية حوزتنا الترابية والحفاظ على وحدة وأمن شعبنا.
فتميز من تميز وتواطأ من تواطأ و تقاعس من تقاعس و دفعت قواتنا من أرواح أبناءها الأبرار ولن أذكر الأسماء لأنها راسخة في ذاكرتنا. و مما يدعو للفخر أن هؤلاء الأبطال رحمهم الله ينحدرون من جميع مكونات الشعب فضربوا لنا بكفاحهم أسمى معاني الوحدة الوطنية. لكن من سوء الحظ تمكن أولئك المتواطؤون ومعهم المتقاعسون من زمام الأمور فتم التفريط في مصالح هذا الشعب و انكشفت أكبر مؤامرة قضت مع الأسف الشديد على كل من لديه وسمة شرف تارة بالحوادث المفتعلة وتارة عبر المحاكم المزيفة أو بالإقصاء الكامل.
فبقي جيشنا أسيرا بين أيدي من يريدون استخدامه لأغراضهم الشخصية والضيقة. وخلا لهم الجو ليستحوذوا بكل وقاحة على خيرات هذا البلد مدعين أنهم وفروا السلام وأنقذونا من عدو لا طاقة لنا به. والحقيقية أنهم ألقوا بنا في أحضان أعداء أكثر فتكا وهم الفقر و الجهل و التخلف. لقد فرطوا في الأرض و تقاعسوا عن حماية اللحمة الوطنية حتى كاد هذا الشعب أن يفقد هويته.
هذه هي المعضلة التي يجب حلها بكل شجاعة و مسؤولية حتى تستقيم عجلة الوئام والإستقرار الحقيقي . يجب الإعتراف بالتجاوزات ووضع الآليات لعدم تكرارها ثم الإقلاع عن الأخطاء وذلك بكبح جماح من يزجون بقواتنا المسلحة في غير مهامها. ما عدا ذلك فسنظل رهائن دوامة لا طائل منها و مستقبل مجهول و سنبقى في مؤخرة الأمم ننتظر مصيرا مهما طال سيكون وخيما لا قدر الله.
نتمنى وبلدنا يستعد لتخليد ذكرى 55 لاستقلاله وتأسيس قواته المسلحة أن يعي الجميع أن الوصول الى السلطة بطرق غير دستورية وكذا التشبث بها بطرق غير ديمقراطية هما الداء الذي يجب استئصاله وإن دولة القانون هي الكفيلة وحدها بتحقيق السلم الإجتماعي و النمو والإستقرار.
بقلم: اعل طالب عبدالقادر