كتب القاضي هارون ولد إديقبي
تحدثت الليلة الماضية عن الشيخة مريم بنت الرجل الهُمَام ممادي جاختى المحبة المنفقة العابدة ، و الليلة سأتحدث عن ولية متوارية خفية هي الشيخة صاحبة السبحة والمصحف مريم بنت محمدِن ولد داداهْ، مَّنَّاهْ علما.
إن الغوص في سجايا هذه المرأة السخية العابدة القرآنية يستدعي الانبهار عند الامعان في سير المدمنين على قراءة المصحف المتمتعين بمقام الذكر به الذي هو منزلة المطمئنين: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»، وهو مقام عجيب..عند القوم...
لقد حازت الشيخة مِّنّّاهْ قصب السبق في المكرمات كلها فألقى الله مجبتها بين خلقه ورفعها الى مقام المحسنين...كانت مريم بنت محمدن رحمها الله و هي سليلة الاماجد أهل داداه و حفيدة الشيخ سيديا باب أبنة الولية الكاملة حفصة بنت الشيخ سيديا التي لا يمكن وصفها بعبارات مرتبكة..عاكفة على صناعة مجدها بنفسها...إنه الذكر الجميل الذي أرْبَى على على المحامد كلها...أ أقول كانت و كانت لن أحصيَ الذي قدْ كانت من كانٍ هناك وكانِ...كما يقول غاية الحفاظ لمرابط محمد سالم ولد عدُّد.
يكفي إن أمها من باقيات بركات الشيخ سيدي باب وصفية ولي الله الكامل ...الشيخ يعقوب.
لن أنسى وفاتها في قائلة نهار صائف حزين ..هَرعَت في ساكنة بوتلميت من تلاله و وهاده تستظل بالشِّيحِ القَيْصُوم من حر ذلك اليوم الحزين المُرْزِئْ.. وبين ناظري الشيخ يعقوب يمشي على الرمضاء حافيا يبشر الناس بفرح أهل بقيع البعلاتية بقدوم هذه الولية الصالحة...حفصة المكرمات وكعبة النهايات..أرضعت ابنتها مريم لَبَانها صافيا محلى بخصال الاكرمين من بر و صدق و محبة للخير وقراءة للقرآن ودوام الاستذكار والتفكر والتذكر ..وصدقة السر قبل بزوغ فلق الصبح...
لقد رأت تلك الخصال عن قرب فنشأت في محراب أمها الفاضلة تلازمها ملازمة الحافر للحافر ملازمة الآل[السراب] للأرض الظمآى والفيافي الجوعى التي تلهبها سافيَّات...أَوَادي...بآمشتيل.
لقد كانت مريم مِّنَّاهْ أما للناس أجمعين تجلس جِلسة الصالحات القانتات الراكعات الساجدات القارءات المحسنات.
إن الاحسان مقام عبادة الله وعلامته قبول يُجبل الله عليه الاحبة الأبْعَدين قبل الأقربين.
هذا القريب المتحدث يُدرك فيما استقرَّ في خلده الصغير من ذكرى لقاءاته القصيرة الطفولية الماتعة إكرام هذه السيدة وعبادتها وحسن سمتها وطيب أخلاقها وصدق محبتها... كلما وقعت انظارها عليه وهو الصغير الذي كان يقله والده المنعم الى الكعبة العالية على التلِّ العالي الساحْلي: عِلب أهل داداه هناك حيث الحب التلقائي انهم إخوان الصفا، حيث يتقاسم الاصفياء ارتباطاتهم الممتزجة بطعم الحياة المشتركة و المصير الواحد.
هناك رأى الطفل صورة مختزلة للوحة من الاشياء الفاضلة ستبدأ في التشكل عندما ترسم الكلمات أشْكُلها بمهارة ...تلك الكلمات المفاتيح التي ظلت تخترق مسامعه إلى الذهن الواعي ...لتَسْتَحِيل الى لوحة خلاصتها التعلق بالله...والعمل الدؤوب ليوم الرحيل.
لم تكن مريم إمرأة عادية فقد أختارت ان تدخل الجنة و من أبوابها الثمانية فسبقت ارادته الله لتحقق الافعال معاني لا إله الا الله وفي حديث:[ من قال: أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه......، أدخله اللهُ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ الثَّمانيةِ شاء. كما في صحيح مسلم].
فصومها مريم تدخل من باب الريان، و بصبرها على العبادة من باب الصابرين، وبدوام تصدقها في السر من باب المصدقين، وباستغفارها وتوبتها من باب المستغرفين، وبمجاهدتها من باب الجهاد، ولانها كانت تصلي الضحى ستلج من باب الضحى... و لانها تصل الارحام بالبر اليهم بيدها الطويلة الممتدء بالعطاء دون استعطاء ستدخل من باب الصلة، علامة كل ذلك تواريها بالعبادة والاحسان والصدقة و التوبة و والصلة و البر و الاستغفار و العكوف على فعل الخيرات.
ما من سجية الا حازتها بالشهرة والاكتفاء واستحقتها هذه السيدة القرآنية قوة وفعلا.....
لقد كانت ملازمتها للمصحف وقراءة القرآن آناء الليل واطراف النهار ميزة هذه العابدة التي لا يختلف اثنان عليها... بالاضافة الى صدعها بالحق و صدقها في القول والعمل وملازمتها لوالدتها حتى انتقلت الى ربها راضية مرضية لتكمل مريم المسار...لا يختلف أذُونٌ و لا صَمُوخٌ على برها لوالدتها.
لقد كان جزاء الله لهذه المرأة أن اراها الله في ذريتها الصالحة العابدة من البرور ما لا يوصف ومقامات الدنيا مقامات القيامة ..إختر أي الدارين تختار... فبارك لها في عقبها حتى رأت بركته قبل الرحيل ، وهل لميمونة بنت أحمد المختار مثيل او مثيلة إذا وضعت في موازين المدنية اليوم ستجدها سيدة تعلقت بالعبادة والاحسان والبر و التقوى ومساعدة المرضى والثكلى والارامل .. وتربعت على عرش مهني طبي مكين حتى تقاعدت بوخْيَرت التي ورثتها كابرا عن كابر ...وعليها فقس...الفاعلين أرباب الصدور.. إنهم من أثر تلك المراة الصالحة إمِّناه... والاثر دال على المؤثِّر...من رأى الدكتور ميمونة تمشي على استحياء وبفخر في ردْهات المستشفى الكبير كاسية عليها من الله نور وضياء وهي التي تعلمت الطب في أرقى الجامعات الغربية يعرف أن معدنها نفيس وأن وراءها أمرأة عظيمة جعلت منها امراة عظيمة ناجحة مستقيمة فاستحقت لقب الرَّجْلَة ومعلوم أن الرّجلة من فصيح ابن فارس اورده في الصحاح واستشهد عليه بما في الاثر وكانت عائشة "رجْلة الرأي" رضي الله عنها. كانت افعالها افعال الرجال رغم الجَنْدَرِيّة الرخيصة.
سادتي إن الله رزق مريم محبة وملازمة الصالحات كبنات محمد حرمة ، وجدتنا وأختها المنعمة الصابرة المحتسبة هيْنَّه بنت الخبوزي و عند هينَّ وامباركه اعلين يحسن الوقوف في غير هذا المقام...الذي تكفي فيه الصحبة والحبة لولية الله حفصة بنت باب ، ولانها تحبهم وتجلهم ..كان الحديث عذبا رقراقا منسابا عن مَّنَّاه...لان شمس المحب ليس تغيب كما قال الامام الحلاج رضي الله عنه.
سلام على مريم في العالمين ورجم الله المؤمنين أجمعين.
رحم اللشيخة مريم بنت محمدن ولد داداه وبارك في عقبها ونفعنا ببركتها وبركة والديها ..وأجزل لنا زلها العطاء ورفع عنا بطيب ذكرها البلى والبلاء انه سميع مجيب آمين.