تعلِيقُ صلاة الجمعة..
لنا أن نحزن ونغتم، ونحن نشهد يوم جمعة بلا شعيرة صلاة الجمعة، لكنه الفرار من قضاء الله إلى قضاء الله، وتدبير أملته ظروف قدرها الله، وما شاء فعل..
وَمَا أَنَا رَاضٍ مِنْ زَمَانِي بِمَا تَرَى :: وَلَكِنَّنِي رَاضٍ بِمَا حَكَمَ الدَّهْـُر..
فالواجب التقيد به، واللجوء إلى الله بالتوبة والاستغفار والدعاء أن يرفع البلاء والوباء عن عباده، وأن يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم..
لا تُسَير الأزمات بالعواطف، إنما تسير بالعقول العالمة، اقرأوا ما كتبه علماء السلف الصالح عن الطواعين لاستخلاص العبر..
تاريخيا توقفت صلاة الجمعة مرات في حواضر الإسلام بسبب الأوبئة، والفتن، وكفاني الزميل مصطفى ولد زين مؤونة رصد أمثلة من ذلك..
وتوقفت اليوم في حواضر الإسلام الكبرى التي ظل أهلها يصلون الجمعة لقرون وأجيال، وذلك بسبب هذا الوباء رفعه الله..
تذكروا أن الجيل الذي قبلنا من الآباء والأجداد في معظم أرجاء هذه البلاد لم يكونوا يصلون الجمعة، وأن علماءنا لم يكن لهم اعتناء بأحكامها، لأنهم لم يروها واجبة، فلا يقل القائل منكم: "لأول مرة في موريتانيا لا تصلى الجمعة"، وهذه الأرض حديثة عهد بالجمعة..
تذكروا قول العلامة محمد مولود آدَّ رحمه الله في الكفاف:
مُبَيِّنًا لِمَا به الْفَتْوَى تَعُمْ :: لِأمْرِ الأشْياخِ بِأثْرَة الأهَمْ
لَا مَا اسْتَبَدَّ بِبِلَادٍ نٓائِية :: كَالجُمُعَات وشِرَاء الأَهْوِيه..
بتلميت مدينتي التي أعرف: أسسها الشيخ سيدي الكبير رحمه الله عام 1243 هجرية، 1827 ميلادية، وبنى أول دار بها في هذا التاريخ، واشتهرت، وكان لها دور كبير في تاريخ موريتانيا اللاحق، وكانت لفترة عاصمة إدارية لجزء كبير من البلاد، وبنى بها الشيخ سيدي سبعين مسجدا، وأول جمعة جمعت بها كانت في أغشت 1960 بالتزامن مع خروج الحاكم الفرنسي منها، وترافق ذلك مع جدل علمي كبير بين علماء المنطقة من معارض وموافق، وسال بسببه حبر كثير..
إِلَى سنوات التسعينيات لم يكن سكان أغلب القرى المحيطة بالمدينة يصلون الجمعة، وتباينت فتاوي العلماء بخصوص ذلك، وأثار نقاشا علميا كبيرا، حتى أستقر الأمر على صلاتها..
تذكروا متى أقيمت الجمعة في نواكشوط، وما رافق ذلك من جدل، ولا تنسوا أنه يوجد إلى الآن من فقهائنا من لا يرى وجوبها على أهل هذه البلاد..
اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء، ومكن لنا ديننا الذي ارتضيت لنا..
حسبنا الله ونعم الوكيل..
وكيل الجمهورية بنواكشوط الغربية القاضي أحمد ولد المصطفى