تعرفت العاصمة نواكشوط على الجريمة السياسية باكرا، قبل أن تنتقل إلى الجريمة الفوضوية التي لا تزال تعيشها إلى اليوم، وفي تاريخ نواكشوط وهي تكمل عقدها الستين قصص متعددة لجرائم ومحاكمات وأحداث غريبة أخذت مساحة هائلة من الاهتمام والتأُثير في مستقبل البلد
الجريمة والمحاكمات السياسية
اغتيال عمدة أطار : في سنة 1961 دوت رصاصة بعد المساء بعد صلاة المغرب في حي لكصر، وراح ضحيتها عمدة أطار عبد الله بن عبيد، وتذهب روايات ذات مصادر رسمية إلى أن القاتل ينتمي إلى ولاية الترارزة وأنه كان مجندا من جيش التحرير التابع للملكة المغربية والمعارض لاستقلال موريتانيا، وقد تمكن الجاني من النجاة بجلده، ويتحدث بعض قدماء نواكشوط عند اشتباه السكان يومها في رجل يمتطي جملا نزل في حي لكصر ساعات قليلة قبل الجريمة.
اعتقل الأمن الناشئ عنصرا آخر في منظمة جيش التحرير وهو محمد ولد عبد القادر ولد العاتيق الذي تم سجنه طيلة أربع سنوات قبل أن ينال حكما بالبراءة سنة 1965
عمارة النعمة : نفذ فدائيون تابعون لجيش التحرير عملية عسكرية استهدفت القيادة العسكرية في النعمة وأدت إلى قتل أشخاص وتمت محاكمة المتهمين في نواكشوط وأمام محكمة عسكرية برئاسة الضابط معاوية ولد الطايع فحكمت على اثنين منهم بالإعدام والسجن المؤبد لثالث، وتم دفن القتلى شمالي نواكشوط قبل أن تكتشف قبورهم قبل سنتين، ومن بين الذين تم إعدامهم الشريف أماعلي ولد الحبيب والشيخ ولد الفاظل، لاحقا تحدث الدكتور سيد أعمر ولد شيخنا عن شخص آخر من سكان الحوض الغربي يقيم حاليا في دولة أوربية مؤكدا أنه هو من نفذ عملية الاعتداء ضد الحامية العسكرية وأدت إلى مقتل ثلاثة فرنسيين وجرح 13 آخرين
محاكمة قادة الكوماندوز 1981 : أحيل ضباط وجنود إلى القضاء العسكري عقب فشل محاولة الانقلاب العسكري المعروف بكوماندوز 16/ مارس 1981، وصدرت على ثلاثة من قادة المحاولة أحكام بالإعدام وهم العقيد محمد ولد عبد القادر المعروف بكادير، والعقيد أحمد سالم ولد سيدي، والمقدم مصطفى سك وتم تنفيذ الإعدام على المعنيين وإخفاء قبورهم في المنطقة العسكرية في نواكشوط، قبل أن يتم الكشف عنها قبل سنوات قليلة.
محاكمة قادة الحر : سنة 1981 في مدينة روصو، وذلك بعد احتجاجات واسعة في العاصمة نواكشوط بسبب حالة استرقاق وقد صدرت ضد المعتقلين ومن بينهم بوبكر ولد مسعود وبيجل ولد هميد وآخرون أحكام مخففة بالسجن مع وقف التنفيذ، قبل أن تتوجه الدولة يومها إلى إصدار قانون يلغي الرق ويجرم ممارساته، ويقترح تعويض الأسياد.
محاكمات البعثيين سنة 1983 : حكم القضاء على مجموعات كبيرة من السجناء البعثيين والناصريين بأحكام متعددة ويمكن اعتبار محاكمات البعثيين هي الأوسع من حيث عدد المتهمين وسنوات السجن المحكوم بها عليهم، حيث تمت محاكمة 125 بعثيا من المدنيين سنة 1983 قبل أن تعاد الكرة سنة 1988 ضد عدد كبير يشمل مدنيين وعسكريين، إضافة إلى محاكمة ثالثة سنة 1989، وقد رافقت المحاكمات المذكورة إقالاتواسعة وطرد مئات البعثيين من الوظائف الحكومية
محاكمة الضباط الزنوج : سنة 1987 بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري وصدرت ضد ثلاثة منهم من بينهم صال عبد القدوس وسيدي با وتم تنفيذها ضدهم، قبل أن يتوسع الأمر إلى إعدامات أخرى واسعة خارج نطاق القانون من بينها إعدام 27 ضابطا زنجيا خارج نطاق القانون سنة 1990
محاكمة اشبيه ولد الشيخ ماء العينين : سنة 2001 بتهم تتعلق بالمخدرات وتم الحكم عليه بسنتين نافذتين قضاهما في السجن قبل أن يفرج عنه، وسط غضب واسع من أنصاره الذين رأوا في سجنه انتقاما سياسيا من الرئيس ولد الطايع بعد أن قرر ولد الشيخ ماء العينين الترشح ضده في رئاسيات 1997
محاكمة فرسان التغيير : سنة 2004 في مقاطعة واد الناقة وقد استمرت جلسات المحاكمة عدة أشهر قبل أن تصدر عنها أحكام بالمؤبد والأشغال الشاقة ضد زعيمي المحاولة الانقلابية صالح ولد حننا وعبد الرحمن ولد ميني إضافة إلى أحكام أخرى متفاوتة بالسجن على بقية الموقوفين زيادة على أحكام غيابية ضد عدد من متهمي المحاولة، وقد رافقت المحاكمات تصفيات واسعة جدا وخصوصا ضد موظفي وأطر قبيلة أولاد الناصر التي ينتمي إليها الرائد صالح ولد حننا
محاكمة قيادات إيرا سنة 2015 : بعد مسيرة حاشدة في روصو، وتم بموجبها الحكم على رئيس حركة إيرا بيرام ولد الداه ولد اعبيدي ونائبه السابق إبراهيم ولد بلال بالسجن سنتين نافذتين قضاهما في سجن ألاك.
وإلى جانب المحاكمات السياسية، شهدت نواكشوط حوادث وجرائم كبيرة شغلت الرأي العام لسنوات، وهي موضوع الحلقة القادمة
المصدر - RIMAFRIC