.. ومات شاعر بغداد.. بعيدا عن بغداد.. بعدما هجرته منها دبابات الكاوبوي القادمة من ما وراء البحار.. لتجهز على الحضارة.. لتنفس عن ثارات عمرها القرون لم تسقط بالتقادم..
مات والطائفية التي كانت قد ماتت.. حية في عنفوان شبابها..
مات والمغول يعيثون خلال العراق.. مات ولما يتحقق حلمه؛ حيث يقول:
دَمعٌ لبغداد.. دَمعٌ بالمَلايين ِ
مَن لى ببغداد أبكيها وتبكيني؟
مَن لى ببغداد؟.. روحى بَعدَها يَبسَتْ
وَصَوَّحتْ بَعدَها أبهى سناديني
عدْ بى إليها.. فقيرٌ بَعدَها وَجعي
فقيرَة ٌأحرُفى.. خرْسٌ دَواويني
قد عَرَّشَ الصَّمتُ فى بابى وَنافِذ َتي
وَعششَ الحُزنُ حتى فى رَوازيني
والشعرُ بغداد، والأوجاعُ أجمَعها
فانظرْ بأيِّ سهام ِالمَوتِ ترميني؟
مات وقد رماه سهم الموت في باريس.. ألا سقى الله أيام بغداد.. وعصر بغداد، حين كانت دار السلام دار السلام..
كل التعازي للمفتونين بفحولة الشعر.. بعنفوان المبادئ.. برجولة الحرف.. لكن عزاءنا أن الحروف لا تموت..
فاذهب عبد الواحد.. فقد رحلت، وكنت ما علمنا نقي الثوب من العمالة والخزي.. اذهب فهو طريق محتوم.. كل ما نعلم هو أننا حزينون جدا.. جدا..
نقلا عن صفحة الشاعر محمد ناجي أحمدو