ثمان سنوات بالضبط مضت على تلك الليلة ، ليلة السبت 14/07/2007، حدث تم كل شيئ بسرعة، رغم سنواتي الاحدى عشر كنت أدرك أنك يا أبي ستغادر دنيانا ، أن روحك الزاكية ستصعد إلى بارئها وتتركتي وحيدة ، أعيش كل يوم مأساة الفقدان ...
رحلت روحك بهدوء ، حتى أننا في الغرفة لم نكد نشعر بالموت الذي أتى وأخذك ... أخرجوني بسرعة لكن قبل أن يحكموا اغلاق الباب رأيت أحدهم يغمض عينيك ، صورة مازالت بكل تفاصيلها ماثلة أمامي...
ببراءة طفلة كنت من المصلين عليك ، لأعيش مع خوف آخر أن لا تقبل صلاتهم بسبب جهلي حينها في الأحكام ، حتى سمعتهم يقولون أنهم صلو عليك بعدها،فاطمأننت قليلا... ومن براءة الطفولة أيضا أني نمت ليلتها ، نمت وجثمانك الطاهر لايبعد عني إلا أمتارا ولم أشهد خروجه ولا تشييعه... لأستيقظ على الاستعداد "للعرس" خيام بنيت و ذبائح وعشرات العاملين والمتطوعين لاحياء الأيام الثلاث ، أيام نوقش فيها كل شيئ، تجارة احداهن ورحلاتها في لاس بالماس، ورؤى الأخرى بالجان ، والكثيرمماكان يتبخر لي مع روائح العطور وزخرفات الملاحف، ومجالس الرجال بين تملق ذلك المسؤول
وتحليل تلك المسألة السياسيه، منظر أمي وهي تجلس في ركن قصي هو وحده ماكان يشبه الحداد ، وجهها ، حيرتها، زيها، هو فقط ماكان يذكرني بأبي...
حين انقطع صوت المعزين من حولي وانصرف كل إلى شأنه، وبقيت وحيدة في غرفتي، أخذت دفترا وقلم وكتبت عنك ولك ، كتبت صفحات دونت فيها رحلتي معك، عنونتها "ضحك الدموع" لكني لم أكملها ربما لأني أنا أيضا أخذت أتأقلم ، وأنسى وأتناسى، التجربة التي امتحن بها القدر مبكرا طفولتي، أحلامي، لكن كانت مشيئة الله أن يذهب أبي ليبقى مكانه رمزا، طالما نسبت له كل صور الكمال البشري، واستحييت منه في سري وعلني... رحمك الله وجمعنا معا في الفردوس الأعلى من الجنة
منال محمد هارون الشيخ سيديا