فتحت محكمة الدار البيضاء، أمس، ملف قضية مخالفة التشريع وحركة رؤوس الأموال مِن وإلى الخارج، تورط فيها طباخ بسفارة موريتانيا في الجزائر، كان بصدد تهريب مبلغ 250 ألف أورو، أي ما يعادل خمسة ملايير سنتيم، داخل علبتين من التمور وتحويلها عن طريق طالب جامعي موريتاني كان بصدد السفر، لتسليمها إلى شخص آخر بمطار موريتانيا الدولي، غير أن شرطة الحدود على مستوى مطار هواري بومدين كشفت عملية التهريب لتوقف المتورطين وتحيلهم على العدالة.
تعود ملابسات ووقائع قضية الحال إلى تاريخ 24 جويلية 2019، حين أوقفت شرطة الحدود على مستوى مطار هواري بومدين الدولي المتهم المدعو «م. مالك» الذي كان بصدد السفر إلى دولة موريتانيا وبحوزته علبتان من التمور، بداخلهما مبلغ مالي قدره 250 ألف أورو، أي ما يعادل 5 ملايير سنتيم، كان سيهربه إلى دولته، لتقوم شرطة الحدود بإحباط عملية تهريب العملة الصعبة والقبض على المتهم، حيث أسفرت التحريات المنجزة من قبل المصالح الأمنية عن وجود متهم آخر، وهو الرئيسي، يعمل طباخا بسفارة موريتانيا بالجزائر، ليتم توقيفه مباشرة، وبينت التحقيقات الأمنية أن هذا الأخير التقى بطالب بمطار الجزائر بعد أن علم بأنه من جنسية موريتانية وكان بصدد السفر، لقضاء عطلة الصيف رفقة عائلته بموريتانيا، حيث قام باقتناء علبتين من التمور بإحدى المحلات بمطار الجزائر، ووضع المبلغ المالي المهرب بداخلها وإعادة تغليفها بإحكام، كما دوّن رقم واسم الشخص الذي سيسلمه العلبتين بموريتانيا، غير أن شرطة الحدود كشفت تهريب العملة الصعبة، وقامت بإحباطها مع القبض على المتهمين وإحالتهما مباشرة على العدالة لمواجهة تهمة مخالفة التشريع وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج.
وفي تصريحات المتهم «م .مالك» بالجلسة، أكد أنه لم يكن على علم بأن البضاعة التي حجزتها شرطة الحدود بالمطار تحتوي على أموال مهربة وأنه كان يجب عليه التصريح بها أمام ادارة الجمارك، ورافع دفاعه على أن موكله غير مسبوق قضائيا وأنه طالب جامعي بجامعة الجزائر، كان متوجها إلى بلده من أجل قضاء العطلة الصيفية، غير أن توقيفه وإيداعه رهن الحبس المؤقت عن جرم لم يرتكبه جعل مستقبل دراسته في خطر، مشيرا إلى أنه يعاني من مرض الصرع، وبقاؤه في المؤسسة العقابية قد يؤدي إلى تدهور حالته الصحية، ملتمسا إفادته بالبراءة واسترداد جواز سفره المحجوز والهاتف النقال.
من جهته، اعترف المتهم الثاني منذ الوهلة الأولى بالوقائع المنسوبة إليه، ولم يحاول مراوغة المحكمة، وقال إنه تعرف على الطالب بمطار الجزائر، وبحكم أنهما يملكان جنسية واحدة استغل ذلك ليقوم بتهريب مبلغ 250 ألف أورو إلى بلده، مبررا فعلته بأنه كان بحاجة لذلك المبلغ المالي من أجل شراء قطعة أرض وبناء مسكن، أما دفاعه خلال تدخلها للمرافعة فأوضحت أن موكلها تحصل على تلك الأموال من عمله طباخا ببيت السفير الموريتاني بالجزائر منذ أربعين سنة، مشيرة إلى أن موكلها اعترف بتوريطه للطالب الجامعي، لأنه لم يغادر الجزائر منذ سنة 2006 وهو ما دفعه للقيام بذلك، وأوضحت الدفاع أن المتهم أخبرها بأنه نادم على فعلته، خاصة بعد علم السفير الذي يعمل بمنزله بما اقترفه، كما أنه ضيع كل الأموال التي تعب في تحصيلها منذ سنوات. من جهته، طلب الوكيل القضائي للخزينة العمومية الذي تأسس طرفا مدنيا تعويضا ماديا. واستنادا على المعطيات المقدمة بالجلسة، التمس وكيل الجمهورية توقيع عقوبة عامين حبسا نافذا وغرامة، وفق القانون، في حق الطالب، والتماس خمس سنوات حبسا نافذا وغرامة وفق القانون في حق المتهم الآخر، فيما قررت هيئة المحكمة تأجيل الفصل في القضية إلى جلسة لاحقة.
زهرة قلاتي للمحور