انطلقت بالعاصمة المصرية القاهرة فعاليات الاجتماع الخامس لمسؤولي إذاعات القرآن الكريم تحت شعار "دور إذاعات القرآن الكريم في نشر الوسطية والتسامح" .
وشهد حفل الافتتاح تبادل الخطب بين كل من مدير إذاعة القرآن الكريم بمصر ونائب شيخ الأزهر ومدير اتحاد الإذاعات الإسلامية محمدو سالم ولد بوكه ومفتي جمهورية مصر العربية .
وتستمر أشغال المؤتمر يومين وترعاه الهيئة الوطنية للإعلام بمبنى الماسبيرو ، ويشارك فيه مسؤولن عن إذاعات القرآن الكريم في عدد من الدول العربية والإسلامية .
وقد مثل إذاعة موريتانيا في هذا المؤتمر المكلف بمهمة بالإذاعة الدكتور محمد ولد عابدين .
وقدم ولد عابدين ورقة في المؤتمر عن دور إذاعات القرآن الكريم في نشر الوسطية والتسامح (إذاعة القرآن الكريم في موريتانيا أنموذجا)
جاء فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي السيد المدير العام لاتحاد الإذاعات الإسلامية
السيد رئيس الهيئة الوطنية للإعلام بجمهورية مصر العربية
السادة الإخوة الأفاضل، مسؤولي إذاعات القرآن الكريم بالعالم الإسلامي
الإخوة الحضور الكريم .. كل باسمه وجميل وسمه
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اسمحمو لي في مستهل هذه المداخلة المتواضعة أن أسدي جزيل الشكر وعظيم الامتنان للهيئات المنظمة لهذا اللقاء المبارك الذي يلتئم "بقاهرة المعز" على أديم أرض الكنانة الطيبة .
لقد وفق المنظمون غاية التوفيق في اختيار موضوع الملتقى في هذا الظرف الدقيق من تاريخ أمتنا الإسلامية ، إذ الحاجة ماسة إلى نهوض إذاعات القرآن الكريم بدورها الريادي حتى تصبح فضاء رحبا لنشر قيم الوسطية والتسامح وترسيخ مبادئ الرحمة والمحبة من خلال تأصيل الفهم وتوصيل العلم وإشاعة السلم ، وتقديم الإسلام العظيم في صورته الحضارية الناصعة النابعة من الكتاب والسنة وفهوم علماء الأمة التي تعكس شمولية الخطاب الإسلامي واعتداله وسماحته بغية تصحيح المفاهيم الملتبسة وتحصين الشباب المسلم.
وفي هذا السياق تتنزل تجربة إذاعة القرآن الكريم في الجمهورية الإسلامية الموريتانية التي تم إنشاؤها فاتح رمضان سنة 1431هـ الموافق للأربعاء 11 اغسطس 2010م ، وتهدف بالدرجة الأولى إلى تدريس القرآن الكريم والعلوم الخادمة له من حديث وفقه وسيرة ولغة ، فهي تشكل منبرا إعلاميا ناصعا وتجربة رائدة تسعى إلى إحياء ونشر حضارة المحظرة الشنقيطية بعراقتها ومنهجها العلمي الأصيل وتراثها المعرفي الرصين ، وتسهم في رفد وإثراء هذه القناة عشرات من الشخصيات العلمية المرجعية المتخصصة في مختلف العلوم الشرعية من خلال مسطرة برامجية تتغيا جملة من الأهداف من أهمها:
- نشر الخطاب الإسلامي الوسطي المعتدل ، عن طريق المدرسة العلمية ؛ مدرسة الوحي والتنزيل ، فهي فضاء لعلماء النص والدليل.
- إشاعة وإذاعة التعاليم الصحيحة للدين الإسلامي الحنيف بين جمهور المتلقين والمستمعين.
- اعتماد المنهج التعليمي التربوي الدعوي وتوظيف وسائط الاتصال المسموعة والمرئية لتوصيله .
- الاهتمام بالعلم والعلماء والقراء ؛ حفظة كتاب الله العزيز .
- نشر القيم الإسلامية الأصيلة ؛ قيم العدل والتسامح والمساواة والسلام والوئام والتعاضد والتضامن.
- إحياء علوم الدين والاحتفاء بكنوز التراث العلمي المحظري وتقديمه في أسلوب جديد ومنهج معاصر.
ومن أجل تنفيذ محكم وفعال لهذه الأهداف أطلقت إذاعة القرآن الكريم مسطرة برامجية شاملة تضم عشرات العناوين في مختلف مجالات العلوم الشرعية المشار إليها آنفا ، فضلا عن تنظيم ندوات علمية شهرية تتناول جميع المواضيع التي تتصدر اهتمام الأمة المسلمة في حياتها الراهنة ، وتشارك في إثرائها وتأصيلها قامات علمية كبيرة وطاقات فكرية متميزة ، منتهجة سنة الحوار والإقناع بالحكمة والحجة والموعظة الحسنة .
وتنظم إذاعة القرآن الكريم مسابقة سنوية كبرى لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك تشهد إقبالا كبيرا من حفظة كتاب الله العزيز من الشباب الموريتاني في جميع ربوع الوطن ، يتم خلالها تكريم الفائزين الأوائل في جميع فروع المسابقة ، مما يخلق حافزا للمشاركين والمتسابقين في كل دورات هذه المسابقة القرآنية السنوية الكبرى .
وتوفد إذاعة القرآن الكريم رحلات إنتاجية واستكشافية إلى جميع ولايات الوطن لإسماع أصوات حفظة كتاب الله العزيز وإتاحة الفرصة لشيوخ المحاظر والكتاتيب النائية لتقديم عطائهم العلمي عبر هذه القناة المتخصصة .
وتواكب إذاعة القرآن الكريم شهر رمضان المبارك بإحياء خاص ، تطلق فيه مسطرة برامجية جديدة كل سنة تستجيب لحاجات الجمهور والمستمعين في التعليم والإرشاد والإفتاء ، عبر محاضرات يومية تبث من المساجد وسهرات إذاعية مباشرة تتناول جميع المواضيع الفقهية الهادفة إلى تعليم المستمعين أحكام الفرائض الخمس مع التركيز على الصوم في هذا الشهر الفضيل.
ويجدر التنويه إلى أن إذاعة القرآن الكريم المسموعة لها نسخة مرئية تسمى (قناة المحظرة) هي توأم لها تتقاسمان نفس المحتويات العلمية والمساطر البرامجية والمناهج والأهداف العامة .
وقد أطلقت إذاعة القرآن الكريم مؤخرابالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي أحد عشر كرسيا علميايتم بثها على القناتين المرئية والمسموعة ، وتضم هذه الكراسي سلسلة محاضرات لعلماء متخصصين في المجالات المعرفية المحددة للكراسي وهي :
- كرسيالقرآتوالتجويد
- كرسيالتفسيروالبيان
- كرسيالحديثوالمصطلح
- كرسيالقواعدوالمقاصد
- كرسيالأصولوالمنطق
- كرسيالفقه "خليلوشواهده":
- كرسيالسيرةوالرقائق
- كرسيالتربيةوالأخلاق
- كرسيالنحووالصرف
- كرسيالوعظوالإرشاد
- كرسياللغةوالأدب
- أيها الإخوة الأفاضل
إننا نأمل من خلال هذا الاجتماع المبارك أن نثري تجربتنا المتواضعة عن طريق تفعيل الشراكة والتعاون والتبادل بين إذاعات القرآن الكريم في العالم الإسلامي ، ونقترح في هذا السياق الخروج بتوصيات تدعم هذا الهدف منها على سبيل المثال:
- العمل على صياغة رؤية موحدة لإذاعات القرآن الكريم تنبع من تجارب مختلف البلدان المشاركة في مجال الإعلام القيمي الإسلامي خدمة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
- خلق آلية فعالة للتبادل البرامجي بين إذاعات القرآن الكريم
- إنتاج ندوات علمية تستضيف العلماء والمفكرين لتقديم رؤى وبرامج ناضجة في ضوء مرجعية نصوص الكتاب والسنة الموصلة للإجماع والمحذرة من الغلو والتطرف.
- تعزيز التنسيق والتعاون لتوظيف إذاعات القرآن الكريم في نشر ثقافة الوسطية والتسامح وتصحيح المفاهيم المغلوطة ومحاربة خطابات الكراهية والتطرف والعنف.
وختاما نتمنى أن يشكل هذا الاجتماع المبارك دفعا جديدا لتكثيف الجهود من أجل أن تسهم إذاعات القرآن الكريم في العالم الإسلامي بمزيد من العطاء وجودة الأداء في سبيل إشاعة وإذاعة قيم الإسلام السمحة بغية التصدي الحازم لتيارات الغلو والتطرف ، من خلال الاعتصام بالكتاب والسنة ، حفاظا على وحدة وتماسك الأمة مع إبراز الصورة الناصعة المشرقة للإسلام العظيم في شموليته واعتداله ووسطيته وتسامحه .
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
القاهرة : 23 – 24 أكتوبر 2019
د. محمد عابدين سيد ألمين