نوافذ (نواكشوط ) ــ الارتباك وتناثر الأوراق كان سيد الموقف في اللحظات التي أعقبت مغادرة الوزير الناطق باسم الحكومة سيدي محمد ولد محم وزارته أمس ، إثر تقديمه استقالته ، فكاتبة الوزير خرجت أو خرج من ينوبها من مكتبها وتركه مفتوحا دون العودة إليه حتى انتهى الدوام ، كبير معاوني الرجل ومدير تشريفاته بدا متأثرا بمغادرة الأسد لعرينه ، فنثر كنانته منتقيا أكثر ألفاظها تعبيرا عن التعلق بالرجل المغادر قائلا "ماه حاكرت بعد إلا امش عنها " .
بدا الجميع غير ملم بتفاصيل الاستقالة يسأل عنها الغريب الزائر ، إلا أن أحد عمال الوزارة ممن عايشوا لحظة الفراق تحدث أمام موفد نوافذ عنها قائلا إنها لم تكن متوقعة "فالرجل قفل إلى الوزارة بشكل طبيعي واعتيادي وبدأ في ممارسة مهامه دون تغيير ، إلا أنه ما إن أشارت عقارب الساعة إلى التاسعة حتى ظهر أن طارئا جديدا غيّر معادلة الرجل اليومية ، فبدأ يحزم أمتعه ، وطلب إحضار سيارته الشخصية ، وغادر دون وداع قائلا في كلمات قليلة : إنه سيخرج إلى مكان يرى فيه ذاته أكثر ، ملمحا إلى شيء من التهميش جعله يغادر دون سابق إنذار " ـ حسب تعبير العامل البسيط ــ
في محاولتهم لتفسير الاستقالة ؛ ذهب بعض أنصار الرجل داخل الوزارة ، إلى أنها لا تعدو كونها تهيئة له لقيادة الحكومة المقبلة ، وحتى بعد حديث مقربين منه عن احتجاجه على استدعاء الشرطة لحرمه بالاستقالة ، لم يبدُ الأمر مستساغا عند بعض عمال وزارته ، الذين رأوا أن سياسيا كبيرا بحجمه لا يمكن أن يمثل دور العاشق الولهان في مسلسل للمراهقين فقط ، مذكرين بأنه ليس الاستدعاء الأول لزوجته ، فلم لم يستقل قبل الآن ؟
ما هي إلا لحظات حتى تقاطر إلى الوزارة عدد كبير من أنصار الرجل وأتباعه ، الكل كان مندهشا، وغير مستوعب لصدمة المغادرة ، لكن تلك المسلمة لم تكن منطبقة على جميع عمال الوزارة ، فعدد غير قليل من أعوان الرجل ومساعديه، بينهم مستشارين ومكلفين بمهام هو من جاء بهم إلى الوزارة دون أن يكون لهم سابق عهد بالوظيفة حتى ، بدوا أكثر حرصا على استقبال خليفة ولد محم منهم على توديع ولي نعمتهم ، حيث اجتمع هؤلاء في أحد مكاتب الوزارة منتظرين الوزير الذي سيعين مكان وزيرهم ، ومترددين بين مقر إقامتهم الجديد ومكتب الوزير ، سائلين العمال هل جد جديد بخصوص تعيين الخليفة ؟، وحين سئل أحدهم لم لم يغادر إلى الوزير المستقيل حتى يعرف السبب الحقيقي منه ، رد قائلا "نحن الا ش من منيفرات ذاك ال ج انيفرول " ...عبارة حملت الكثير من اللاوفاء ، واعتبرها بعض من استمعوا إليها كفيلة بأن تكون رسالة موعظة لكل من يسدي معروفا إلى من ليس أهلا له .
أصحاب المواعيد مع الوزير المستقيل كان لهم نصيب من الدهشة ، ولعل أبرزهم تلك الفنانة المشهورة ، التي قفلت إلى الوزارة مع زوجها المشهور أيضا ، فدخلا إلى الكاتبة ، وحين لم يجداها ، سألا عنها ، فأخبرا باستقالة الوزير ، وتناثر الأوراق ، فبدت الدهشة عليهما ، قبل أن يلتفت الزوج إلى زوجته الفنانة قائلا : "موعدنا معه كان العاشرة كان عليه أن يؤخر الاستقالة إلى الثانية عشرة حتى نلتقي به " .
كواليس اللحظات التي أعقبت مغادرة ولد محم لوزارة الثقافة والصناعة مستقيلا ، تؤكد إجماع من عرفوه على أن التفسير الشخصي للاستقالة ليس مستساغا ، وتُظهر أنه لا يكفيك أن تكون وزيرا بمرسوم لتترك أثرا في من رافقتهم .