البــــراكـــــنــــة : خــــريف بطـــعــــم الكـــارثـــة !!!"
أنزل الله الغيث على ولاية البراكنة بعد طول انتظار فخرج نبات أرضها بإذن ربه ...وأصبحت مخضرة يستمتع بمناظرها الجميلة الهاربون من مستنقعات عاصمتنا ، وباعوضها "المهاجر" ...لكن ما لا يدركه كثير من "لخرافة " كما يسميهم سكان المنطقة هو أن الخريف هذه السنة له وقع خاص على البركنيين ، فهو خريف بطعم الكارثة ...خريف أتى بعدما قضى الجفاف على مآت الآلاف من رؤس الماشية بالولاية ، وترك ذويها دون معز ، يستمعون إلى حديث رئيس الحزب الحاكم وطلباته لمن يملك كاميرا أن يصور له عشر بقرات ماتت بسبب الجفاف ليتأكد أن الأمر ليس مزايدة ...
هذه المناظر الجميلة وهذا الربيع في بلد لا يعرف أهله عن فصل الربيع إلا اسمه ، لا يجد له سائس المواشي "أحمد " طعما بعد ما تركه الجفاف معدما وقضى على بقره الذي كان يهبه للوافدين من نواكشوط لحلبه والاستفادة من منافعه كل سنة ، لكنهم هذه السنة جاءو ولم يجد ما يقدمه لهم بعدما قضى الجفاف على بقراته "التلاد " ...
أحمد يقف وهو ينظر إلى جثث بقراته ويذكر بالأسماء تلك العائلات التي كان صغارها وكبارها ينتظرون كل صباح ومساء اللبن الساخن دون من ولا أذى ...
ليس أحمد أول المتضررين من الجفاف الماحق ولا آخرهم ، فشواهد هذا الجفاف واضحة للعيان لكل من يعبر طريق الأمل التي تشق ولاية البراكنة ، فعلى جنبات الطريق ستلاحقك جثث الماشية إبلا وبقرا وغنما وربما تستنشق رائحتها مكرها لا بطلا ...
صور كثيرة التقطناها ونحن نجوب ولاية البراكنة الواحدة منها تحمل أكثر من خمسة عشر من البقر الذي قضى على جنبات الطريق بفعل كارثة الجفاف ، دون أن يجد المواطن البسيط مواسيا له فيه ولو بشطر كلمة ، صور ينتظر سكان المنطقة أن تثبت لولد محم حجم الكارثة وأنها ليست مزايدة حتى يجود بما في يده وحزبه بعدما جاد لهم البركنيون ببطاقات تصويتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية وبنسب مرتفعة ....
رغم الكارثة ...البراكنة منتزه الموريتانيين المفضل
الشيء الوحيد الذي لم يتغير في ولاية البراكنة بعد كارثة الجفاف التي ضربتها هذه السنة ، هو الطبيعة الجاذبة ووجوه أهلها المستبشرة بالقادمين من نواحي موريتانيا للاستراحة والاستجمام ، ومناطقها التي يحج إليها الوافدون دون سواها للاستمتاع بالثلاثي الطارد للهم والحزن "الماء والخضراء ..." ، فمن "لكرارة ، والتامورت الخظرة" جنوبا ، إلى" لمخرة واطويلة واكريمي وآمريشة " شمالا تملأ عينك السيارات الفارهة التي تغص بالمتنزهين ، وتزيد في أحايين كثيرة على حمولتها العادية لتضمن وصول أكبر عدد من السياح إلى مناطقهم السياحية المجانية ...
هي إذن فرصة لا تقدر بثمن بالنسبة للوافدين ...وربما تكون كذلك لمن آووا ونصروا من سكان المنطقة ...لكن هذه الالتفاتة الكريمة من لدن سكان نواكشوط إلى لبراكنة يجب أن تتكرر في كل فصول السنة خاصة في فصل الصيف ليشاركوا "الأنصار " الضراء بعدما أشركوهم في السراء ...
نقلا عن صفحة الإعلامي عبد المجيد ولد إبراهيم