الحديث عن اتفاق سياسي يتم بموجبه الحاق أعضاء جدد بلجنة تسيير اللجنة المستقلة للانتخابات لن يتم دون خرق للقانون كما هي العادة بمناسبة كل تشكيل لهذه اللجنة. انطلاقا من أن لجنة التسيير القائمة ،رغم أن تعيين أعضائها تم خارج المسطرة القانونية، قد حازت الصفة فعليا ؛ بعد أن أشرفت على انتخابات بلدية وجهوية وتشريعية ترتب على نتائجها من الآثار القانونية ما يفرض التسليم بتحصين الجهة التى أشرفت عليها أمام كل طعن، ويعطيها وجودا فعليا وقانونيا غير قابل للنقاش. بالمقابل ، فإن ما يستدعى النقاش فعلا قبل أن يكون واقعا ، هو التشكلة الجديدة للجنة التي يتفاوض بشأنها حاليا خارج دائرة القانون بل وعلى حسابه؛ ومن عدة زوايا: 1-التفاوض يجرى بين "وزارة الداخلية" و"جهات معارضة " حول "اللجنة" التي يفترض أنها جهاز تسيير اللجنة الموصوفة اسما بالاستقلالية: " اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات " ما يجهز على القدر الحاصل والمؤمل من استقلالية تلك اللجنة. 2-تغييب مؤسسة المعارضة عن المشاركة في التفاوض القائم، والحديث عن عدد أربعة (4) أعضاء بعدد "المترشحين للترشح للرئاسة " من المعارضين أومن ترشحهم تشكيلات معارضة، هما بداية الدوس على القانون؛ فمؤسسة المعارضة هى التى أعطاها القانون الصفة التمثيلية للمعارضة. و"الترشح للترشح" لا يعطى صفة يرتب عليها القانون أثرا، وهو ليس محصورا على "مترشحين للترشح" دون غيرهم. وفوق ذلك كله، ليس من الوارد أن تعدل المؤسسات المشرفة على الاقتراع على أساس تمثيل المترشحين للرئاسة، فكيف بمجرد "مترشحين للترشح"! 3-لن يتم استبدال الأعضاء الحاليين إلا بمساومة وترضية، على حساب المال العام وهيبة الدولة. 4-وسيتم خارج المسطرة المحددة لاختيار أعضاء اللجنة كما حددتها (المادة 5) من المرسوم 2018-055 الصادر بتاريخ 28 مارس 2018 المحدد لإجراءات تعيين أعضاء لجنة التسيير وانتخاب رئيس ونائب رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، التي يسند وفقها اختيار المرشحين لعضوية اللجنة إلى لجنة تسمى "لجنة التعيين"، ويعول ضمن مسطرتها على لجنة تسمى "اللجنة الفرعية للتقييم " لتقييم مدى توفر المؤهلات المطلوبة بحسب (المادة 4) من ذلك القانون في المرشحين لعضوية اللجنة. 5-ستضعف عملية الاستبدال استقلالية أعضاء لجنة التسيير؛ تلك الاستقلالية التى تتأسس على ما جاء فى (المادة 6 / جديدة)، القانون النظامي رقم 2012-027 الصادر بتاريخ 12 إبريل 2012 المتعلق بإنشاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، المعدل، التي نصت على:" ... يعين أعضاء لجنة التسيير لمأمورية مدتها خمس سنوات غير قابلة للتجديد..." مقدمة بذلك مرتكزين أساسين للاستقلالية: -غياب الخوف: بفعل التحصين من العزل لتحديد مدة المأمورية؛ - وعدم الطمع: لاستحالة التمديد. 6-حيث يمكن أن يتأخر إنضاج الاتفاق بشأن إعادة تشكيل اللجنة إلى حين الوصول لتفاهمات مرضية للفرقاء وداخل كل فريق على حدة، ولأنه ينتظر صدور مرسوم استدعاء الهيأة الناخبة ثالث يومين من اليوم، فإن إعمال الاتفاق بعد صدور المرسوم سيمثل خرقا صارخا للنص المنظم للجنة، الذي يمنع تغييرها إذا صدر ذلك المرسوم، حتى ولو انقضت مدة مأموريتها:"...غير أنه في حال انتهاء مأموريتهم بعد صدور مرسوم استدعاء الناخبين فلن يجري استبدالهم إلا بعد إعلان نتائج الانتخابات المعنية." (المادة 6 / جديدة)، القانون النظامي رقم 2012-027، أعلاه. في تاريخ كل لجان تسيير اللجنة المستقلة للانتخابات خرقت النصوص المنظمة لها ترضية لفريق معارض وأحيانا لكل المعارضة جميعها، وأسندت رئاستها لمعارضين صرحاء أو مستقلين عن السلطة على أقل تقدير، لكن لعنة خرق القانون التي صاحبت تشكيلها كل مرة حالت دون تحقق المتوخى من إسناد الإشراف على الانتخابات لها كلجنة مستقلة؛ حتى أصبحت اللجنة نفسها عنوانا للأزمة السياسية والقانونية التى تتهدد البلد.
من صفحة الأستاذ الجامعي والمحامي يعقوب السيف