قال الرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة إنه يطلب من الجزائريين "المسامحة والمعذرة والصفح عن كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلمة أو بفعل".
ودعا بوتفليقة في رسالته وصفها بأنها الأخيرة، الجزائريين إلى أن يظلوا "موفين الاحتفاء والتبجيل لمن قضوا نحبهم ولمن ينتظرون من صناع معجزة تحريرنا الوطني، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا".
وجاء في نص الرسالة التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية: "أغادر الساحة السياسية وأنا غير حزين ولا خائف على مستقبل بلادنا، بل أنا على ثقة بأنكم ستواصلون مع قيادتكم الجديدة مسيرة الإصلاح والبذل والعطاء".
وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة و السلام على أشرف ال مرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين
أخواتي و إخواني الأعزاء
وأنا أغادر سدة المسؤولية وجب علي ألا أنهي مساري الرئاسي من دون أن أوافيكم بكتابي الأخير هذا وغايتي منه ألا أبرح المشهد السياسي الوطني على تناء بيننا يحرمني من التماس الصفح ممن قصرت في حقهم من أبناء وطني وبناته من حيث لا أدري رغم بالغ حرصي على أن أكون خادما لكل الجزائريين والجزائريات بلا تمييز أو استثناء.
الآن قد أنهيت عهدتي الرابعة أغادر سدة المسؤولية وأنا أستحضر ما تعاونا عليه بإخلاص وتفان فأضفنا لبنات إلى صرح وطننا وحققنا ما جعلنا نبلغ بعض ما كنا نتوق إليه من عزة وكرامة بفضل كل من ساعدني من بناته وأبنائه البررة.
عما قريب سيكون للجزائر رئيس جديد أرجو أن يعينه الله على مواصلة تحقيق آمال وطموحات بناتها وأبنائها الأباة اعتمادا على صدق إخلاصهم وأكيد عزمهم على المشاركة الجادة الحسية الملموسة من الآن فصاعدا في مواصلة بناء بلادهم بالتشمير على سواعدهم وبسداد أفكارهم ويقظتهم المواطنية.
أجل، رغم الظروف المحتقنة، منذ 22 فبراير الماضي، أحمد الله على أني ما زلت كلي أمل أن المسيرة الوطنية لن تتوقف وسيأتي من سيواصل قيادتها نحو آفاق التقدم والازدهار موليا، وهذا رجائي، رعاية خاصة لتمكين فئتي الشباب والنساء من الوصول إلى الوظائف السياسية والبرلمانية والإدارية، ذلك أن ثقتي كبيرة في قدرتهما على المساهمة في مغالبة ما يواجه الوطن من تحديات وفي بناء مستقبله.
أخواتي، إخواني،
إن كوني أصبحت اليوم واحدا من عامة المواطنين لا يمنعني من حق الافتخار بإسهامي في دخول الجزائر في القرن الحادي والعشرين وهي في حال أفضل من الذي كانت عليه من ذي قبل، ومن حق التنويه بما تحقق للشعب الجزائري الذي شرفني برئاسته، مدة عشرين سنة، من تقدم مشهود في جميع المجالات.
لما كان لكل أجل كتاب، أخاطبكم مودعا وليس من السهل علي التعبير عن حقيقة مشاعري نحوكم وصدق إحساسي تجاهكم، ذلك أن في جوانحي مشاعر وأحاسيس لا أستطيع الإفصاح عنها وكلماتي قاصرة عن مكافأة ما لقيته من الغالبية العظمى منكم من أياد بيضاء ومن دلائل المحبة و التكريم.
لقد تطوعت لرئاسة بلادنا استكمالا لتلك المهام التي أعانني الله على الاضطلاع بها منذ أن انخرطت جنديا في جيش التحرير الوطني المجيد إلى المرحلة الأولى ما بعد الاستقلال وفاء لعهد شهدائنا الأبرار وسلخت مما كتب لي الله أن أعيشه إلى حد الآن عشرين سنة في خدمتكم والله يعلم أنني كنت صادقا ومخلصا، مرت أيام وسنوات كانت تارة عجاف وتارة سنوات رغد، سنوات مضت وخلفت ما خلفت مما أرضاكم ومما لم يرضكم من أعمالي غير المعصومة من الخطأ والزلل.
ولما كان دوام الحال من المحال، وهذه هي سنة الحياة، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا لقضائه مردا وتحويلا، أغادر الساحة السياسية وأنا غير حزين ولا خائف على مستقبل بلادنا، بل أنا على ثقة بأنكم ستواصلون مع قيادتكم الجديدة مسيرة الإصلاح والبذل والعطاء على الوجه الذي يجلب لبلادنا المزيد من الرفاه والأمن بفضل ما لمسته لدى شبابنا، قلب أمتنا النابض، من توثب وإقدام وطموح وتفاؤل.
أخواتي، إخواني،
كنتم خير الإخوة والأخوات وخير الأعوان وخير الرفاق وقضيت معكم وبين ظهرانكم أخصب سنوات عطائي لبلادنا. ولن يعني لزوم بيتي بعد اليوم قطع وشائج المحبة والوصال بيننا ولن يعني رمي ذكرياتي معكم في مهب النسيان وقد كنتم وستبقون تسكنون أبدا في سويداء قلبي.
أشكركم جميعا على أغلى ما غنمت من رئاستي لبلادنا من مشاعر الفخر والاعتزاز التي أنعمتم بها علي وكانت حافزي على خدمتكم في حال عافيتي وحتى في حال اعتلالي.
أطلب منكم وأنا بشر غير منزه عن الخطأ، المسامحة والمعذرة والصفح عن كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلمة أو بفعل. وأطلب منكم أن تظلوا موفين الاحتفاء والتبجيل لمن قضوا نحبهم ولمن ينتظرون من صناع معجزة تحريرنا الوطني وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تكونوا في مستوى مسؤولية صون أمانة شهدائنا الأبرار.
"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا". صدق الله العظيم.
المجد والخلود لشهدائنا