"كانت تدعوني للضحك الممزوج بالسخرية والإعجاب في نفس الوقت، قبل أن يستهويني محمولها، وتستهويني ايقاعاتها" .. هكذا يروي قائد "فرقة الجلفه" ملابسات تأسيس أول فرقة فنية شبابية في المذرذرة.
أطربت "الجلفه" السكان، وجمعتهم على صعيد واحد، مستمعين باهتمام واعجاب لأداء الفرقة.
خلال السنة الماضية .. كثر الحديث عن فرقة "الجلفه" في المذرذرة، وأصبحت السهرات التي تنظمها الفرقة وجهة تتجه إليها فئات عريضة من المجتمع ..
فرقة مكتملة رغم البساطة والتواضع .. "عازف"، أو "غمّاز" بلغة أهل "الجلفة"، طبال، وراقصون، وفوق كل ذلك قائد للفرقة يوجّهها، ويعدّ برنامج أنشطتها.
شكو "القائد" من غياب الدعم، ويؤكد أن الفرقة رغم "ما يحاك ضدها من مؤامرات ومحاولات وقيعة بين أفرادها"، فرقة موجودة ومؤثّرة .. "ويسأل الناس عنها".
وعن خلفيات تأسيس الفرقة .. يقول "القائد" محمد سالم ولد علي في حديث شيق لموقع المذرذرة اليوم:
"قبل فترة حضرت حفل زفاف في المذرذرة، حيث وصل أحد المنعشين من تكند، ومعه "جلفة"، وطلب منا المساعدة في العزف عليها.
في البداية، استغرقت في الضحك استغرابا وتعجبا، إلا أنها مع ذلك أثارت فضولي ..
فسألته عن الطريقة التي صنعها بها .. وقد أخبرني بكل التفاصيل".
ويقول ولد علي "ظلت الفكرة تراودني .. وفي أحد مساءات المذرذرة، عدت إلى البيت وأخذت "جلفة" ومساميرا، وبعد عدة محاولات تمكّنت من صنع "جلفة" بالمعايير التي رأيت عند "التكنداوي"، وكان معي الهلال ولد محمود وهو الذي يعزف عليها .. وقد قام بتثبيت العصب بالطريقة المناسبة".
ويضيف القائد ..
"بعد تصنيع "الجلفة"، برزت مشكلة أخرى لم تكن في الحسبان، إذ كيف سيتم ربطها بمكبّر صوت ؟؟
وفي هذه توجهت إلى عبد الله ولد حامد، وطلبت منه مساعدتنا في تثبيت مكبّر صوت في المكان المناسب، وتمكّنا من تركيب المكبّر الذي هو في الحقيقة هدية من الحجة بنت جدو، وقد قمنا بتشغيل مكروفونين .. أحدهما اشتريته ب 300 أوقية، والآخر أهدي لي".
بعد تحديات التصنيع .. تحديات الإدارة والتسويق
بعد تجاوز مشاكل "التصنيع" .. بدأت مشاكل "الإدارة" .. حيث بدأت الفرقة في ترتيب بيتها الداخلي، لاختيار عناصر مؤهلة لأداء المهمة .. على حد تعبير القائد.
وفي زمن وجيز، أصبحت هناك "جلفة" متكاملة .. "القائد" محمد سالم ولد علي، و"الغماز" الهلال ولد محود، ومريم وأمها يهديها، ذائعة الصيت في هذا الميدان، المداح المختار ولد سالم فال، والعيد، ومحمد ولد اشمخو "آمن"، ومحمد "صاحب الشرفه"، والعيد ولد هند الله، "اكنانه".
رتبت الفرقة أوراقها، وتجلدت بتعاويذ كثيرة، لإنجاح أول حفل تقيمه في المذرذرة.
نظّم الحفل في أحد منازل المذرذرة، وكانت المفاجأة كبيرة، يقول "القائد" محمد سالم ولد علي، لقد كان الحضور كبيرا ومحفّزا على المواصلة.
تمكّنت الفرقة من اجتياز أول إختبار فني بنجاح، واستطاعت حشد ما شاء الله لها أن تحشد من سكان المذرذرة.
لكن تجربتها كانت على المحك، حين شاركت بعد ذلك بفترة وجيزة في مسابقة فنية نظّمت في شهر رمضان المبارك، وهنا كان الرهان الكبير .. أن تشارك الفرقة وتكسب ثقة النقاد والحضور.
وفي هذه تمكّنت الفرقة من التميّز ولفتتت انتباه المشاركين والحضور، وحصد جوائز في مجموعها تصل 30,000 أوقية تامة تامة ..
مبلغ ضئيل نسبيا، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة للفرقة، فهذه أول تجربة جماهيرية رسمية، وهذا أول اعتراف ضمني بمواهب الفرقة في بداية المشوار.
صعوبات على الطريق
رغم ما حظيت به من زخم وسط المدينة، واعجاب بين المتابعين، فإن فرقة الجلفة تعيش اليوم مخاض مرحلة جديدة، في ظل غياب أي دعم يذكر .. على حد تعبير قائد الفرقة.
فقد توقف عمل الفرقة بسبب تلك الصعوبات، صعوبات يعزيها القائد إلى أن "الغمّاز مشّيشر" "وقد استمع الى من يؤلّبونه علي، ويحرضونه على العصيان، لكنه بدأ يعود لرشده".
ويضيف القائد محمد سالم ولد علي .. "كل التجهيزات كانت بحوزتي، وتشغيلها مسألة وقت ليس إلا، لكن مؤخرا وقع ما لم يكن في الحسبان، فقد جاء صديقي الذي علّمني من تكند، وأخذ التجهيزات الصوتية اعارة ثم اختفى، وكان هذا هو السبب الأكبر لتأخّر أنشطتنا، وسأغادر قريبا الى تكند لأخذها منه، واستئناف الأنشطة".