تحتفل تونس هذا اليوم 20 مارس، بالذكرى 63 للاستقلال وكلّها اعتزاز وفخر بالانجازات التي تحققت طيلة هذه الفترة، ومخلّدة لذكرى الاجيال التي ناضلت من اجله ومن اجل بناء الدولة العصرية، التي تعتمد بالاساس على بناء المؤسسات، والعمل على استتباب الامن والاستقرار والوحدة الوطنية والسّلم الاجتماعي وسيادة القانون وترسيخ قواعد الديمقراطية والنهوض بحقوق الانسان وتمكين المرأة، والتقدّم المعرفي والتكنولوجي. وقد تعزّزت هذه المبادئ خاصّة منذ سنة 2011، على اثر اندلاع ثورة سلمية تطالب بالحرية والكرامة، استطاعت ان تؤسس الى مرحلة جديدة.
فبالرغم من التحديات والصعوبات الاقتصادية والامنية والسياق الاقليمي والدولي الصعب، تعمل تونس بخطى حثيثة وثابتة على استكمال بناء الجمهورية الثانية، من تجلياتها وضع دستورا جديدا سنة 2014، يكرّس مبادئ الدولة المدنية ويضمن سيادة القانون والمساوات الكاملة بين المواطنين. كم تمّ تنظيم عديد الانتخابات الحرة والشفافة بشهادة كل المنظمات الاقليمية والدولية ذات الاهتمام، وآخرها الانتخابات البلدية، سنة 2018، التي تعزز مقومات الحوكمة على المستوى المحلي.
معتمدة على ارثها الاصلاحي والحضاري وتصالحها مع هويتها العربية الاسلامية وتفتحها على قيم الحداثة، فان تونس تعتبر واحدة من احسن التجارب الديمقراطية تطورا في المنطقة، مما بوؤها مكانة وتميّز على المستوى الدولي، وتمّ تكريم الرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس بجائزة نوبل للسلام لسنة 2015، وهو تكريم يتوجه في الحقيقة الى منظمات المجتمع المدني،والشعب التونسي بأكمله ويؤكد احترام المجتمع الدولي وتقديره للتجربة التونسية.
فعلى المستوى الاقليمي تعمل تونس مع بقية دول الجوار والقوى الدولية، على ايجاد حل تفاوضي برعاية الامم المتحدة للازمة الليبية، والتي اصبحت تؤرق كل شعوب المنطقة واصبحت مسرحا للصراعات الدولية. كما تعمل تونس مع بقية الدول الاعضاء ومن بينهم موريتانيا، على تنشيط وتفعيل مؤسسات اتحاد المغارب العربي، والمساهمة في تحقيق تطلعات الشعوب المغاربية الى مزيد من التقدّم والتعاون والتكامل والاندماج. وتونس متمسكة بهذا الخيار الحضاري والاستراتيجي وتعي اهميته لدفع اقتصاديات وضمان شروط الامن والاستقرار في المنطقة. وهي مثابرة في جهودها من أجل دفع علاقات التعاون الثنائي وتعزيزها مع البلدان المغاربية.
أما على المستوى العربي، تعمل تونس على تفعيل كل المبادرات التي تهدف الى احياء التضامن العربي وتفعيل العمل العربي المشترك، والمساهمة في التوصّل الى حلول سياسية تنهي الصراعات العربية والاوضاع الانسانية المتردية التي يعانيها الاشقاء في عديد المناطق، من فقدان للامن وشروط الحياة الكريمة واللائقة ومعاناة آفة الارهاب والصّراعات المسلحة والتشرد. وفي هذا الاطار تستضيف تونس نهاية هذا الشهر الحالي (مارس 2019) القمّة العربية في دورتها الثلاثين.
وعلى المستوى الدولي، تساهم تونس بكلّ جهودها في حل المسائل الدولية والتأثير في التوجهات الكبرى على الساحة الدولية، وعلى رأسها "مسألة الارهاب" الذي اصبح ظاهرة دولية عابرة للقارات، اضافة الى المساهمة في كل جهد دولي يخدم السلم والامن والاستقرار والتنمية والتعاون الدولي ونصرة القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وفي هذا السياق تقدّمت تونس لعضوية مجاس الامن الدولي للفترة 2020-2021، وستستضيف السنة القادمة 2020 قمّة الفرنكوفونية.
أما على المستوى العلاقات التونسية الموريتانية، فقد تمّ تتويج هذه العلاقات، خلال سنة 2018، بانعقاد الدورة 18 للجنة العليا المشتركة التونسية الموريتانية، برئاسة السيدين رئيس الحكومة التونسي، والوزير الاول الموريتاني، والتي افضت الى امضاء 20 اتفاقية وبرنامج عمل في جميع الميادين. كما اجتمعت خلال سنة 2018 بتونس ونواكشوط، عديد اللجان القطاعية، اضافة الى التشاور الثنائي بين اعلى هرم السلطة في البلدين عن طريق المبعوثين الخاصّين، وقيام اعضاء حكومة البلدين بتبادل الزيارات، واللقاءات خلال المنتديات الاقليمية والدولية.
الســـفــيـــر
عبدالقادر الساحلي