افتتحت البارحة بمدينة ألاك عاصمة ولاية البراكنة النسخة الثانية من مهرجان ألاك للثقافة والفنون تحت رئاسة وزيرة الثقافة والصناعة هند بنت عينين وبحضور والي ولاية البراكنة وعدد من رؤساء المصالح الجهوية بها ، إلى جانب جمهور من سكان المدينة .
مهرجان بنكهة السياسة
المهرجان كان مناسبة سياسية بامتياز حيث كتب المنظمون على لا فتاته الرئيسية أنه في خدمة الحوار الشامل من أجل مستقبل البلد ، وهي الفكرة التي حرص المتحدثون الرسميون في كلماتهم على التركيز عليها وإن اختلفت طريقة تعبيرهم عن ذلك .
نسخة المهرجان الثانية لم تسلم كذلك من التطبيل للرئيس والنيل من المعارضة ، حيث حرص بعض المتدخلين على أن يكون مدح الرئيس لازمة كلامه التي بها يبدأ وينتهي ، بل وتمنى آخرون أن يحكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز البلد أكثر من خمسين سنة أي عشر مأموريات بدل الثلاث التي تمت المطالبة بها سابقا .
غضب الطبيعة
الطبيعة في ألاك اختارت أن تكون في صفوف مقاطعي المهرجان والغاضبين عليه ، فكان مساء المهرجان مساء سيطرت فيه العواصف المطرية التي نكست مقاعد المنصة الرسمية وعبثت بخيام العروض المضروبة في ساحة المهرجان ، بينما تميز ليل المهرجان باحتفالية كبيرة نظمها الخفافيش أو "لخنافيس " كما نسميهم في الدارجة ، غطوا فيها السماء والأرض فاخضرت بهم الأرض وتزينت به السماء وأجبروا الحضور على استنشاق روائحهم المميزة .
احتفالية "الخفافيش " على هامش مهرجان ألاك أزعجت الحضور وحولت المهرجان إلى مهرجان للخفافيش الذين أجبروا الوزيرة هند بنت عينين على أن تخصص لهم جزءا من خطابها الرسمي الذي قالت فيه نهايته إن "هذ من لخنافيس يخلع " .
الوزيرة العروس
تفاعل الوزيرة هند بنت عينين مع احتفالية "لخنافيس " جعلها تتخيل أنها عروسا زفت لزوجها في ليلتها الأولى فغطت وجهها ورأسها وبدت في انسجام تام مع والي الولاية الذي جلس منها حيث يجلس العروس من عروسه وأظهر كثيرا من الحميمية بينه وبينها ، تتخلله بين الفينة والأخرى ضحكات لا تناسب مقام العروسين وتذهب بهيبة المسؤولين ، ما دفع كثيرا من الحضور إلى الحيرة وتحويل وجهة انتباههم إلى حلم المسؤولين الكبار فما كان للقادم في عرف أهل المنطقة أن يبتعد كثيرا عن الوقار .
مقاعد خاوية على عروشها
البداية الباردة للنسخة الثانية من مهرجان ألاك جعلته يفقد كثيرا من جمهوره حتى من الرسميين في اللحظات الأولى لانطلاقه حيث بدت مقاعد الصف الأمامي خاوية على عروشها بعد لحظات من انطلاق المهرجان ، ولم يستطع بقية الرسميين الصبر حتى نهاية السهرة بل استأذنوا في وسطها ...لتنتهي الحفلة بعد ساعات ونصف تقريبا من انطلاقها .
الثقافة الغائب المنتظر
وحدها الثقافة لم يكن لها حضور في ليلة مهرجان ألاك الأولى ، فلا إنشادات شعرية ترقى إلى المستوى ...ولا أداء مسرحي يخطف الأضواء ...ولا حديث عن التاريخ الذي تعتبر مدينة ألاك مهدا له في بلادنا ...
غياب الثقافة جعل بعض مثقفي المدينة يقول في حديث مع "نوافذ " إن الثقافة تم اغتصابها وانتهاك حريمها ، وأفقدتها جلبة السياسيين أي معنى ...متمنيا أن ينتهي التلاعب بإرث مدينة ألاك التاريخي والثقافي وأن ينتبه مثقفوها إلى أن مناسبة باهتة كهذه ستسلبهم الكثير من الهيبة التي يستحقون وبها يحيون ...فلا معنى ــ يضيف محدثنا ــ لمهرجان لثقافة وفنون ألاك دون ذكر لمحظرتي الكحلاء والصفراء ، ودون تعريج على المدارس الروحية التي هذبت سلوك المنطقة ، ودون مرور ببداية تشكل حلم الدولة الموريتانية المعاصرة والذي كانت مدينة ألاك أما له ، ولا زال من بين أبنائها الأحياء من كان شاهدا عليه وإن كانت هنالك إرادة تريد أن تطعن في شهادته .
جدير بالذكر أن الليلة الأولى للمهرجان لم يحضرها أي من سياسيي المنطقة من ذوي الحجم الثقيل ما يكشف أن أهل السياسة ليسوا مجمعين على دعم المهرجان بل إن بعضهم يطعن في شرعيته تماما كما يطعن رواد الثقافة والأدب .