قاض موريتاني يكتب في تأبين ولد الزبير :فِي فَقِيِد الْمَدِيح والظَّرَافة والحسانية..

اثنين, 02/04/2018 - 09:10

نوافذ (نواكشوط ) -فِي فَقِيِد الْمَدِيح والظَّرَافة والحسانية..
قصير سفرٌ يأخذك من خيمة القماش البسيطة التي قضيت فيها عمرك، في الجانب الغربي، عند ملتقى بَكَّلْ مع الگود، إلى تربتك في البعلاتية الطاهرة، لكنه سفر بعيد ـ على قربٍ ـ عن الذين ألفوك وأحبوكَ في الوهد بين العلْبَيْن، ورددوا جملك الحسانية القصيرة البليغة بالفطرة، بلازمة وبراءة اختراع تستحيل على التقليد: "گَالْ أحْمَلْ الزبير"، كَـ "من جِيهَ"، وَ "المُنَاقَرَاتَ"..
سيغيب عن آذانهم ترنمك ذكرا ـ آخر الليل ـ بِـ كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، بذاك الصوت الشجي العذب، كما يغيب عنهم ذلك الملمح الوديع المسالم الذي لا يريد علوا في الأرض ولا فسادا..
سيغيب صوتك العذب بالمديح النبوي الذي تعلقته، وأتقنته، ولا يَذُوقُه معك مداح، حين تأخذ فيه، وتَهُزُّ عليه لمتك المرسلة..
سيغيب البكور بِـ إفشاء البسمة بين الناس جميعا، وبين الأطفال، ولن يعرفوا بعدك: "گَعْدَتْ النِّيرَبْ" ولا "حكتها"..
لكن ستخلد في تلك التعابير الموغلة في الدقة والظرافة والإيجاز، ذات البعد الإيگِيدِيِّ ـ حيث توصلك جذورك العريقة ـ التي تعبر بها عن غَايَتِكَ، وترسل بها رسائلك، وتختصر بها كثيرا من الأشياء، لمن يفهم لسان خَبَّابَة الرُّغْوَه كما أنزل..
ستخلدُ في جوابك لعدادي الإحصاء العام ذات يوم، لما تمادت بهم الأسئلة التي لا تهمك، حتى سألك السائل منهم: "اتْعَمْلُ گَازْ وَلَّ لحْمُومْ" فتجيبه: "ذُوكْ گاع مَاهُمْ هُومَ المشكلة أگبالْ المشكلة  ذَلِّ يندارْ أعليهمْ مَا أتْسَوْلُ عنُّ"..
ستخلد في إعرابك لقول الشاعر الفائت: "يَا موقد النار في قلبي.." يوم أغلظ فتيان عصر الطيور الجائزة لك إن أعربته، ولم يكن لك علم بالإعراب، فأعربته رفعا للتحدي بالعقل والفطرة البدوية السليمة: "يَا": عِيطَ "موقد النار" (أفْلَانْ) فسميت معينا يعرفونه، ومهنته في الواقع تلك..
لئن لم يرزقك الله من صلبك ولدا يعزى فِيك، ويحزن عليك، ويدعو لك، فقد عوضك عن ذلك بِـ آلاف من الأبناء "الروحيين" هم اليوم حزانى عليك، يعزون فِيك يدعون لك..
سلام عليك، كما عشت في سلام، ورحمة الله تحفك في ذَاك المرقد الذي أحببت تربته، ومن عليها، في جوار من فرط من الغليان..
اللهم إن أحمد ولد الزبير في ذمتك، وحبل جوارك، فقه فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمهُ إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم كما أدخل السرور على كثير من خلقك، أدخل عليه السرور والنور في قبره..
علمتُ قبل قليل، وكتبتُ على عجل وشغل..
أ. ع. المصطفى

تصفح أيضا...