تعليق الأستاذ يعقوب ولد السيف على مقترح تعديل التوصية 2020-001 المتعلق باللجنة البرلمانية

أربعاء, 22/07/2020 - 10:56

كثرة الخروقات التي تضمنها مسار عمل لجنة التحقيق البرلمانية التي نشر مقترح ثان لتعديل توصية الجمعية الوطنية رقم 2020-001 بتاريخ 30 يناير 2020، المعدلة، المتضمنة لإنشائها، تمس في الصميم مصداقية التقرير الذي سيتوج عملها وما يفترض أن يتضمنه من استنتاجات وتوصيات حول ما كلفت به اللجنة بحسب نص النظام الداخلي للجمعية الوطنية في الفقرة الأولى من المادة 123 من "جمع للمعلومات حول وقائع محددة ":
أولا:
1-النظام الداخلي للجمعية الوطنية من حيث القيمة القانونية هو بمرتبة القانون النظامي، باعتبار تعلق اعتماده وجوبا بعرضه على المجلس الدستوري (المادة 86/جديدة)؛ ولأنه كذلك، فكل توصية للجمعية لا تراعى مقتضياته تقع خارج القانون.
تخرق التوصية رقم 2020-002 بتاريخ 16 إبريل 2020، التي وسعت نطاق عمل لجنة التحقيق بشكل سافر هذا النظام؛ فمجال عمل لجان التحقيق يجب أن يحدد في مقترح إنشائها حسب النظام الداخلي للجمعية الوطنية بشكل حصري؛ استخدمت (المادة 123/ف1) لتأكيد حصريته عبارتي الوجوب والدقة:" ويجب أن يحدد هذا المقترح، بدقة، الوقائع التي استدعت التحقيق والمصالح أو المؤسسات العمومية التي سيتم فحص تسييرها ..." 
إن هذا التحديد هو ذاته الذي تم به ضبط عدد أعضاء اللجنة: تسعة (9) أعضاء، وكذلك مدة عملها: ستة أشهر، ومن غير المنطقي أن يصانا دونا عن وجوب تحديد المصالح والمؤسسات العمومية التي يتم فحصها!
2-التوصيات بتوسيع نطاق مجال عمل اللجنة لا تخضع لذات الإجراءات التي خضعت لها التوصية بإنشاء اللجنة؛ فالنظام الداخلي للجمعية الوطنية ينص على أن إيداع مقترح التوصية بإنشاء لجنة برلمانية للتحقيق يشعر به وزير العدل (124/ف1)، وهو ما لا، ولم يتم مع التوصيات بتوسيع نطاق مجالات تدخل اللجنة، رغم أن الوقائع التي سيوسع لها تدخل اللجنة قد تكون محلا لمتابعات قضائية مانعة لتدخل لجنة التحقيق البرلمانية، وموجبة لتوقيفه "سبب الإشعار"، إذا كان بدأ فعلا متى أفاد وزير العدل بوجود تلك المتابعات (المادة 124/ف2)
3-التوصية 2020-002 بتوسيعها لمجال عمل لجنة التحقيق البرلمانية لمسائل بتت فيها الجمعية الوطنية سلفا يخرق (المادة 124/ف4) التي تنهى وجود لجنة التحقيق "فور بت الجمعية الوطنية بشأن المسألة التي أنشئت من أجلها " وهو ما ينطبق على الاتفاقيات التي عرضت على الجمعية لإجازتها؛ فليس من بت أقوى من النقاش والمصادقة (هوندوغ نموذجا).
ثانيا:
ستطال نفس الخروقات التوصية 2020-003، لكن هذه التوصية تنفرد بأكثر من ذلك:
1-لم يوقع المقترح بالتوصية الذي يفترض أنه جاء على أساس تقدير وطلب لجنة التحقيق باعتبارها الجهة الوحيدة المحيطة بالتحقيق ومجرياته من اللجنة، بل وقع من رئيس الفريق البرلماني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
صحيح أن تحلية المقترح بتوقيع رئيس الفريق البرلماني لحزب الاتحاد ينتظر أن يرتب التصويت التلقائي لنواب الحزب ودون تردد، لكنه بالمقابل يسلب اللجنة استقلالية يتعين أن تتمتع بها عن البرلمان الذي انتخبها. وتحتاجها ضمانا لمصداقية عملها، وتحصينه من تهمة الطرفية. 
2- سبب مقترح التعديل بالحصول على معلومات تتعلق بالمساس بالحوزة الترابية للجمهورية الإسلامية الموريتانية ، وهو سبب واه ؛ فمنح القطع الأرضية شيء ، والتنازل عن جزء من الحوزة الترابية شيء آخر
لكن ، حين ينص قرار المنح على مجرد حق الاستغلال فهو ليس حق ملكية حتى

أما حين يستظهر بمجرد التعبير عن إرادة المنح دون أن يقترن ذلك باستيفاء الإجراءات القانونية المرتبة لتمامه أو تحقق نقل الحيازة ،فالأمر عدم ، والعدم لا ينتج أثرا من الناحية القانونية.
التنازل عن جزء من الحوزة الترابية يعنى؛ نقل السيادة على ذلك الجزء لدولة أخرى بالحيازة القانونية المستكملة لكافة شروطها في وجود السند ، أو وضع اليد والتصرف فيه بشكل عادي وعلني مع استمرار الحيازة والخلو من الالتباس.  
وحده ذلك التنازل بتلك المواصفات ما يشكل خيانة عظمى لأنه يمثل خيانة لمسؤولية الحفاظ على سلامة الحوزة الترابية التى يقسم رئيس الجمهورية على صيانتها والحفاظ عليها قبل تسلمه لمهامه.
لكنه احتمال غير وارد لسبب بسيط:" الاتفاقيات المتعلقة بحدود الدولة لا يصدق عليها إلا بقانون" (المادة 78)، ولأنه عند وجود مثل ذلك القانون ستكون المسؤولية برلمانية للتفريط أو لا تكون للأهلية!
3-التسبيب الثاني أوهن من سابقه، حيث يعيد الرغبة في التوسيع ل:"وجود خروقات فادحة للقانون رقم 2016-014 المتعلق بمحاربة الفساد"!
القانون رقم 2016-014 بتاريخ 15 إبريل 2016 المتعلق بمحاربة الفساد ينص في المادة الأولى منه على: يهدف هذا القانون إلى 
تجريم الفساد في جميع صوره؛
تسهيل ودعم التعاون الدولي من أجل مكافحة الفساد واسترداد الأموال المتحصل عليها بطريقة غير شرعية"، ما يعنى أن توسيع عمل لجنة التحقيق هذه المرة لا يتعلق بإضافة مجالات أخرى، بل سيتعلق بالجرائم الموصوفة في هذا القانون، وهي الجرائم التي لا يكاد قطاع من قطاعات الدولة يخلو منها. 
هذه المرة ما تحتاجه اللجنة ليس مجرد توسيع مجال تدخلها لقطاعات إضافية بل إلى التحقيق في كل المصالح والمؤسسات والقطاعات لتتمكن من إنجاز تقرير عن مهمة بدت أصعب من ما كان متصورا عند تشكيل اللجنة.