بالأسماء والوثائق العلماء يتراجعون عن موقفهم من توبة المسيء

جمعة, 12/07/2019 - 16:53

الدين والتدين وولد امخيطر

اعتمد الفقهاء الذين شكلوا مرجعية قانون العقوبات الموريتاني الصادر بالأمر القانوني رقم 83 -162 بتاريخ 9 يوليو1983 مبدأ استتابة الساب للأنبياء، ومن ثم قبول توبته مطلقا ما قبل تنفيذ الحكم، كما جاء في المادة 306 من ذلك القانون:" كل مسلم ذكرا كان أو أنثى... استهزأ بالله وملائكته أو كتبه أو أنبيائه يحبس (3) أيام يستتاب أثناءها، فإن لم يتب حكم عليه بالقتل كفرا وآل ماله إلى بيت مال المسلمين - وإن تاب قبل تنفيذ الحكم رفعت قضيته بواسطة النيابة العامة إلى المحكمة العليا وبتحقق هذه الأخيرة من صدق التوبة تقرر بواسطة قرار سقوط الحد عنه أو إعادة ماله إليه."

مع نهاية العشرية الفاتحة للقرن ودخول خدمة الأنترنت إلى البلاد بدأ بعض الشباب من أوساط مجتمعية عالمة، بل وأحيانا من سليلى مشايخ متسيدة، في نشر تدوينات ونشريات تتغنى بالإلحاد وتسب الرسل ورسالاتهم ، هنا فتح النقاش، رغم حسم النص القانوني، حول قبول توبة الساب للرسل.

استباقيا وحرصا على ذلك الشباب صدرت في 11ـ 12ـ2013 فتوى نسبت لمجموعة من أهم علماء القطر بقبول توبة من سب الأنبياء (ودون تحديد لأحد!) وأسقطوا عنه حد القتل اتباعا للإمامين: أبى حنيفة والشافعي وجاء في محكم الفتوى : " ... فإننا نختم بثلاث رسائل:

الرسالة الأولى موجهة للمرتدين ولا نعيّن أحدا و لا نكفر أحدا مالم يُقرّ بالكفر أو يثبت عليه بشاهدي عدل يفصلان الشهادة في الكفر فلا نكتفي بقول الشاهد إنه كفر بل لا بد من أن يبيٍّن ما كفر به بيانا واضحا لا إجمال فيه بأن يقول كفر بقوله كذا أو فعله كذا ، لاحتمال أن يكون الشاهد يعتقد أن ما وقع منه كفر وهو في الواقع ليس كذلك، ولا نتشوف لكفر أحد و لا نرضى لأحد الكفر فلا نحمل كلمة من مسلم على الشر ونحن نرى لها طريقا في الخير فالخطأ في إدخال ألف كافر في الإسلام أولى من الخطإ في إخراج مسلم واحد من الإسلام فإذا وجدنا مائة وجه تسعةٌ وتسعون منها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد يشير إلى بقائه على إسلامه عمِلنا بذلك الوجه.

الرسالة الأولى للمرتدين الذين {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة : 32 ، 33]} ومحتوى هذه الرسالة: أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى ويعلموا أن ما عند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون سواء في ذلك من أسرّ منهم الكفر ومن جهر به وننبههم أن من سب الأنبياء لا يخرج من الردة بنطقه بالشهادتين فهو لم يكفر من جهة جعله مع الله إله آخر ولا من جهة نفيه الرسالة وإنما كفر من جهة استهزائه بالأنبياء فلا يردّه للإسلام إلا أن يتوب من سب الأنبياء، فإن تاب قُبلت توبته إجماعا ونحن هنا نسقط عنه حد القتل اتباعا للإمامين: الشافعي وأبي حنيفة... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته اللهم هل بلغنا اللهم فاشهد. "

حرر آخر ليل الأربعاء الثامن من صفر عام1435 من الهجرة الموافق 11ـ 12ـ2013م الساعة الرابعة والدقيقة الرابعة عشرة بالتوقيت العالمي الموحد. "

العلماء الموقعون

مقتطف من فتوى رفض توبة المسيء 2017وفى2014 جاءت الإساءة للنبي عليه أفضل الصلوات والسلام في مقال على الحساب الشخصي لشاب من غير تلك الأسر العالمة، كما ونشر المقال فى بعض المواقع الالكترونية. لتظهر لاحقا وتحديدا في يوم 07 / 11/ 2017 " فتوى جديدة حول نفس الموضوع (مع تحديد شخص بعينه وفى قضية معروضة أمام القضاء!) ولكن بحكم مغاير: قتل الساب وعدم قبول توبته : " ... نحن علماءَ هذا البلد الذي ابتلاه الله -إفتاءً وقضاءً-بهذه البيلة هذا البلد الذي لا يفصلنا فيه عن الحكم على ساب خير البرية – صلى الله عليه وسلم – إلا ضحى أو عشية نقول -معذرةً إلى الله -: إن مما لا تسع المخالفة فيه: أن الذي يجب به العمل إفتاءً وقضاءً في هذا الزمان الذي رقّت للملحدين ومَن خلفهم فيه الزريبةُ من جانب الإسلام فأصبح الاستهزاء بالله وآياته ورسله بضاعةً رائجة في سوق أعداء الدين والسوق قائمة يلجأ إليها كل من يبيع دينه بعرض من الدنيا فحسبنا الله ونعم الوكيل.

نعم نقول: إن مما لا تسع المخالفة فيه: أن الذي يجب به العمل إفتاءً وقضاءً في هذا الزمان هو ما قوي دليله وكثر قائله بل تواطأ عليه السواد الأعظم من علماء المسلمين حتى كاد يكون إجماعيا بل نُقل عليه الإجماع: وهو وجوب قتل ساب النبي صلى الله عليه وسلم وتشريد من خلفه به وإن تاب وحسن إسلامه.

وذلك لثلاث كلها تكفي وحدها وأحرى مجتمعة: - 1- أدلة الكتاب والسنة القاضية بذلك المقررة في محالها. 2- ظنُّنا بل يقيننا – وغلبة الظن توجب الحكم هنا: أن المخالفين في درء الحد عن الساب بالتوبة – وقليل ما هم -لو أدركوا زماننا لما وسعتهم المخالفة. 3- سد الذرائع إلى الإلحاد والاستهزاء بالله وآياته وكتبه ورسله وحماية وصون الجناب الطاهر الرفيع. لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى .... حتى يراق على جوانبه الدم. وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وإليه ننيب. الموقعون 

لم تؤثر الفتوى على المسار القضائي للقضية؛ فقبلت التوبة في النهاية، لكن حركة الشارع تأثرت بتلك الفتوى ما دفع لتعديل نص المادة 306 من قانون العقوبات، متقدمة الذكر، التي أصبحت تنص على:"... كل مسلم ذكرا كان أو أنثى استهزأ أو سب الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو ملائكته أو كتبه أو أحد أنبيائه يقتل ولا يستتاب وإن تاب لا يسقط عنه حد القتل..."

قبل أيام استقبل رئيس الجمهورية لفيفا من العلماء للتباحث حول إخراج لتنفيذ حكم المحكمة بقبول التوبة وإطلاق سراح المدان بعد انتهاء محكوميته ،  اشترط العلماء المشاركون في إخراج تنفيذ الحكم القضائي توبة متلفزة للمدان بالإساءة للنبي عليه الصلاة والسلام، فهل يعنى ذلك العودة لفتوى الإستتابة وقبول التوبة التي وضعها العلماء بداية ثمانينيات القرن المنصرم في نص المادة 306 من قانون العقوبات. ما يعنى أن تعديل المادة 306 بعدم قبول توبة الساب لا أساس له من الناحية الشرعية.

عموما وجود المادة هدف منه ردع الإساءة للرسل عليهم أفضل الصلوات والتسليم، وكذلك حال فتوى قبول التوبة عن الإساءة لوجود بعض من فصلت لمصلحتهم تحت طائلة المساءلة القا نونية لا يمنعهم منها غير الغيابية. الكتابة عن التدين من خلال مواقف العلماء من "التوبة " تكشف أن الدين قد يؤتى من مأمنه أكثر من أي مكمن آخر ، وفعلا فقد كان حين طوع دين العدل والانصاف على أساس القرابة والمنزلة.

في الرابط التالي تجدون الفتوي التي نشرت 2013 بقبول توبة المسيء مع موقعيها : 

http://mourassiloun.com/www/node/13938

موقعوا فتوى قبول توبة المسيء من العلماء 2013
موقعوا فتوى رفض توبة المسيء 2017 وفيها تتكرر كثير من أسماء موقعي القبول

تصفح أيضا...