الدكتور الحسين ولد مدو يكتب : ذكريات سلام على بغداد

أحد, 12/04/2020 - 09:39

ذكريات 

سلام على بغداد 

الزمان 2011  
 المكان بغداد 

الطائرة   التركية  تستعد  للهبوط  بمطار بغداد ،  على متنها  عراقيون  تعتليهم  سجايا  القوم  القديمة   واحزان  الاحفاد الجديدة  ، وموريتانيون  يحملون  في قلوبهم    بغداد  الرشيد   و يرتلون  المدينة  أشعارا مع عبد الرزاق  عبد الواحد ...

في  الاستقبال  بالمطار  أوجه مستبشرة  باللقاء ،  فرحة عارمة   بالتواصل،    كرم  ونبل  وشهامة  ومحبة   ... انه  العراق    بإنسانه 

  وفي  الطريق   الى   فندق  الرشيد  تجلى  العراق  بأشيائه ..   تبدلت  الارض  غير  الارض  وتغيرت الصورة  ... باسقات النخيل   بدت حزينة  تعتمر  غبار  الاوراش ... السيارات  المصفحة  تحيط بالموكب    وعلى  امتداد  الطريق    اسوار مسورة  وكلاب مدربة ونقاط تفتيش  في كل زاوية   ،

 نقاط التفتيش  تفحص  وابراج المراقبة  ترقب كل شيء   ...زميلتنا  التي كانت تصطحب  باقة ورد هدية   لصداقات  كانت تاتيها   اياما  قديمة   ، اضطرت لاخضاع   الباقة  لكل  الات الفحص واتلفتيش  واخرها   الكلاب المدربة  ،فقالت  الا هذه  ..  قبل ان تستسلم   ...سلمت  الورد للكلاب    تدس  انفها بالباقة  فاحتارت بعد الفحص   أتبقيها  لتهديها  ام تدسها  في التراب  .

 وصلنا  مقر  الاقامة .. فندق  الرشيد     ما زالت قصائد  ابن ابي ر بيعة   وابن الجهم   محفورة على   خديه ، ولكن ذكريات  الحاضر  الحزينة  تنام مستسلمة  كالاطفال  بين يديه  ... صالات الفندق   شاغرة تحن  لمرابدها  الشعرية   ومرابعها  القديمة  ، 

حضرت في  اليوم  الموالي  لقاء مع الوزير  العراقي  الدباغ  يستعرض فيه    استتاب  الامن  ببغداد  فقال  زميلنا   المصري  بطرافته  المعهودة   سيدي الوزير   هذه  الصورة الامنيةمغايرة  لما  نتصوره  عن العراق في  مصر  فقد اتصلت اليوم بالست  في القاهرة   و كانت  اول كلمة  تقولها باندهاش  عندما فتحت الخط : انت لس عايش،.

 
  وفي  هذا  المناخ  الامني   الرازح زرنا  معالم  بغداد  المتدثرة   بالاسي  ..   متاحف  العراق    تعلك  اسفها   ودجلة    تبكي ماءها  الغور ، 
 
سلام   على بغداد  شاخت  من الاسي    شناشيلها ابلامها وقفافها  
وشاخت شواطيها   وشاخت قبابها          وشاخت لفرط  الهم حتي  سلافها 
  
  
 زرت  دجلة    فالقيت  عليها   تحية  شاعرها الجواهري  

حييت سفحك عن بعد فحييني     يا دجلة الخير .. يا ام البساتين
حييت سفحك ظمآنا ألوذ به        لوذ الحمائم  بين الماء والطين
يا دجلة الخير يا اطياف ساحرة       يا خمر خابية في ظل عرجون
يا سكتة الموت يا اعصار زوبعة    يا خنجر الغدر يا اغصان زيتون
يا ام بغداد من ظرف ومن غنج      مشى التبغدد حتى في الدهاقين
يا ام تلك التي من الف ليلتها       للان يعبق عطرا في التلاحين
يا مستجم النواسي الذي لبست       به الحضارة ثوبا وشي هارون
يا دحلة الخير ما يغليك من حنق    يغلي فؤادي وما يشجيك يشجيني
يا  دجلة الخير شكوى قد امررها     ان الذي جئت اشكو منه يشكوني

انشغل   العراق بذاته    باشكالاته  الامنية  . وخذله  العالم  من حوله،وتبددت  صورة  العراق التليد  .

بدا  عراق  اليوم  الذي  فرطنا فيه  وخذلنا ه   في   صورة نسر   ابو ريشة  

هجر الوكر ذاهلا وعلى عينيه    شـيء مـن الـوداع الأخـير
تـاركا خـلفه مـواكب سحب       تـتهاوى مـن افـقها المسحور
هـبط السفح طاويا من جناحيه     عـلـى كـل مطمح مـقبور
فـتبارت عصائب الطير ما بين      شــرود مـن الأذى ونـفور
لا تـطيري جوابة السفح فالنسر     إذا مـا خـبرته لـم تـطيري
نـسل الـوهن مـخلبيه وأدمت           مـنـكبيه عـواصف الـمقدور
والـوقار الـذي يـشيع عـليه       فضلة الإرث من سحيق الدهور 

ما عادت  بغداد مدينةالسلام    وماعاد العراق  عراقا    ....ابتلع  الامن والخوف  صورة  المدينة   وروحها  وبقي   المواطن  العراقي وحيدا    يكافح   وينافح    كي    يستعيد  امن  العراق   وذاته  وصفاته  رغم المثبطات   

ووجدتني  في موقف  عاتب  حان  وحادب   مع  عبد الرزا ق   اردد مقطعا  من قصيدته التي القاها  ذات  ليلة  بخيمة  وبر  على اوتار  ديمي   بنواكشوط 

سلام على بغداد  لست بعاتب      عليها  واني   لي وروحي  غلافها 
فلو نسمة  طافت   عليها  بغير ما    تطوف به أدمى فؤادي طوافها 

اه  بغداد .....  كم  فرطنا  في   العراق

الدكتور الحسين ولد مدو