تعليق قانوني على خبر اتجاه الوزارة إلى معاقبة القضاة

سبت, 11/02/2017 - 12:19

حيث إن الظاهر من الخبرين التوجه في مواجهة هذا التغيب الى إعمال مقتضيات المادة 36 من الأمر القانوني رقم 2006 -016 الصادر بتاريخ 12 يوليو 2006 المتضمن تعديل بعض مقتضيات القانون النظامي رقم 012-94 الصادر بتاريخ 17 فبراير 1994 المتضمن النظام الأساسي للقضاء التي تنص على : " إذا أسندت إلى أحد قضاة الحكم وقائع أو تصرفات على درجة من الخطورة يمكن التعرف عليها بوضوح فلوزير العدل في حالة الاستعجال وبعد أخذ الرأي المطابق من رئيس المحكمة العليا والمدعي العام لدى نفس المحكمة أن يحظر عليه ممارسة وظائفه إلى أن يتخذ قرار نهائي في المتابعة التأديبية.

ويمكن أن يشمل هذا الحظر المؤقت في حالة الخطأ الجسيم حرمانه من مرتبه باستثناء التعويضات العائلية.

ولا يحق أن ينشر هذا القرار الذي لا يمكن أن يتجاوز مفعوله ستة أشهر "

فإنه يتعين التنويه لما يلي:

أولا-إن هذه المادة غير دستورية بقرار المجلس الدستوري رقم 007/ ا م؛ لأنها أهملت مبدأ استقلالية القضاء بإعطائها لوزير العدل أهلية توقيع عقوبة على القضاة، كما أنها فوق ذلك أغفلت مبدأ افتراض البراءة الذي تضمنته المادة 13من الدستور.

ثانيا -إنه حتى في ظل سريان هذه المادة غير الدستورية فإن:

1-مقتضياتها لا تتعلق بحالات التغيب، فرغم أنها وردت في سياق "الانتظام " إلا انها تتعلق ب "وقائع أو تصرفات " وهي وإن كانت بطبيعتها متصورة إلا أنها بصفتها غير قابلة للحصر نصيا. وترتكب احتمالا بمناسبة مباشرة القضاة لعملهم ولذلك كان الحرج في منح إقرار عقوبتها للجهة التنفيذية. على خلاف التغيب الوارد تصورا والقابل للتبرير مبدئيا والمنصرف إلى المجال الإداري المسلم بالتبعية فيه لوزير العدل حيث النص الصريح: " كل القضاة تابعون إداريا لوزير العدل " (المادة 6 ن أ ق) .

2-إن غياب النص على الإجراءات التي يجب اتخاذها في حق القضاة الذين يتخلفون عن أماكن عملهم في النظام الأساسي للقضاء يرتب الإعمال التلقائي لنصوص القانون الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة حسب ما جاء في (المادة 20 ن أ ق) التي تنص بالحرف على: " تطبق أحكام القانون الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة على القضاة في الحالة التي لا تتعارض فيها مع أحكام هذا القانون."

وفى هذا الخصوص فإن المادة المنطبقة هي (المادة 69) من القانون رقم 93 -09 المتضمن النظام الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة، بتاريخ 18-يناير -1993 التي تنص على: " يكون الموظف الذي يتغيب دون مبرر عن عمله أكثر من ثمانية أيام موضع إنذار بالالتحاق بوظيفته. موجه إليه من قبل السلطة التي يتبع لها.

ويجب ابلاغ الإنذار للمعني او نشره عن طريق الصحافة، وإذا لم (يتمثل) المعني للإنذار، قيما عدى حالة قوة قاهرة، في أجل اثنتين وسبعين ساعة، فإنه يتم شطبه من الإطار بسبب ترك العمل دون مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في المجال التأديبي. ويعتبر بمثابة ترك العمل وتترتب عليه الآثار نفسها عدم التحاق موظف بمقر عمله الذي تم تحويله إليه في الخمسة عشر يوما."

3-إن الممارسة كشفت اعتماد وزارة العدل لهذا الفهم حيث عمدت إلى توجيه إنذارات بالالتحاق بالوظيفة عن طريق الصحافة إلى قضاة قررت الوزارة أنهم في حالة تغيب، فقدرت بناءا على ذلك إعمال مقتضيات المادة 69 من القانون رقم 93 -09 المتضمن النظام الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة، بتاريخ 18-يناير -1993، وليس أي نص آخر.

4-إنه في حالة إعمال هذه المادة (م36) -غير الدستورية – فإن الأمر يتعلق بعقوبة يقرها الوزير بعد أخذ الرأي المطابق من رئيس المحكمة العليا والمدعي العام لدى نفس المحكمة، وهو قرار لا ينقضي سريان أثره إلا بانقضاء ستة أشهر على صدوره. أو بالتئام الهياة التأديبية صاحبة الاختصاص خارج حالة الاستعجال الواردة في المادة (36) .

5-إن إعمال تلك المادة يقتضي تفعيل كامل مقتضياتها، ومن بين تلك المقتضيات ما جاء في الفقرة الأخيرة بالحرف: " ... ولا يحق أن ينشر هذا القرار...".

والواقع في الوضعية المثارة في الصحافة على ما تقدم أن النشر اذا كان لما يحصل بما تم

فلن يكون بعد الآن !!

من صفحة الدكتور يعقوب ولد السيف