سيدي عبد الله بن أبي بكر التنواجيوي بين اختفاء الأثر، وإهمال الباحثين

أحد, 31/01/2016 - 21:24

لم ينل سيدي عبد الله بن أبي بكر التنواجيوي حقه في الذكر من قبل الباحثين وحتى الذين ذكروه لم يذكروه بالقدر الذي يستحق الرجل بل أغمطوه حقه إما عن قصد أو من دون قصد ويتعلل المنصفون منهم بان غياب آثار الرجل ومؤلفاته هي السبب وراء إهماله ونسيانه وحذفه شبه الكامل من من ذاكرة تاريخ منطقة غرب الصحراء التي يعد من أهم الدعاة والأئمة والعلماء الذين أثروا في الوجه العام للحياة العلمية والثقافية والفكرية فيها.

 وعموما فإننا نقول لأصحاب التعليل الأخير أي الذين يتعللون في إهمالهم لهذا العلم بغياب أثره العلمي أن غياب الأثر واختفاءه ليس بحجة كافية لأن الأئمة والدعاة الذين عرفت لهم الصحراء حضورا مماثلا غاب الكثير من آثارهم لكنهم حظوا باهتمام كبير من قبل الباحثين فالفت مؤلفات ونظمت ندوات ومؤتمرات حول المرادي الحضرمي قاضي الدولة المرابطية وحول عبد الله بن ياسين فقيه المرابطين وصاحب دعوتهم ايام قيامها وعلي الرغم من أن صاحبنا لايقل أهمية عن هؤلاء من حيث تأثيره إلا أنه لم يحظ بأدنى قدر من الاهتمام، وما علق في ذاكرة المجتمع من الأدوار التي لعبها هو كونه شيخ القراء في البلاد حيث أن أهل القرآن وخاصته حافظوا علي سنده القرآني جيلا بعد جيل إلى أن أوصلوه لنا وهنا أنبه الى أن تصدره للسند القرآني يجعله مؤسس المحظرة الشنقيطية بامتياز وان لم تذكره الدراسات التي بحثت في التأصيل للمحظرة بوصفه مؤسسا لها ولتقاليدها العلمية، وهنا أشير الى أن ترجمة مؤلف كتاب فتح الشكور للرجل كانت كافية للفت انتباه الباحثين الى الدور المهم والمحوري الذي لعبه الرجل في تنوير أهل الصحراء وتثقيفهم ثقافة عربية إسلامية أصيلة تجاوزت مجرد تعميق المعارف الإسلامية لدي أهل الصحراء إلى رفع المستوي العلمي وتعميق المعارف المتخصصة لذي النخبة العلمية في الصحراء كما ساهم بشكل كبير في حركة التعريب التي تمت في منطقة غرب الصحراء وساهم في اثراء المكتبة الإسلامية في المنطقة بما استجلبه معه من كتب من جنوب المغرب وأنعش الحياة الفكرية في المنطقة بنوازله وفتاويه خاصة مسالة الجيم المعروفة وما قادت اليه من سجال فكري وكذلك نشره لسند الفرع الناصري من الطريقة الشاذلية ويعبر صاحب فتح الشكور عن هذا الدور الثقافي البارز للرجل بعد إشادته بالتكوين العلمي العالي والمرتفع الذي تلقاه الرجل وشهرته وشيوع أخباره بقوله ( وأتى بخزانة نفيسة فوجد الناس يلحنون في القراءة ويصحفون في الحروف فأزال اللحن والتصحيف عنهم ولاسيما مسألة الجيم المشهورة ، وصحح القرآن وجوده وقصده الناس وانتفعوا به ، وانتفع به خلق كثير ، فصاروا أئمة يقتدى بهم ، جعل الله بفضله ذلك حسنات وضياء في القبر ودرجات في الآخرة ، انتهت إليه رئاسة الإقراء في بلاد التكرور في زمانه وبعد صيته ، كان رحمه الله إماما جليلا ، صدرا من صدور العلماء ، بحرا من مفاخر النجباء ، بحر لا تكدره الدلاء ، محييا للسنة مميتا للبدعة ، جامعا لعدة علوم منها القرآن والحديث والفقه والعربية وغير ذلك ، برع في الفقه ورسخ فيه وفي العربية وفنون شتى ما رأيت أحسن نقلا ولا أكثر اطلاعا على المسائل منه ، له فتاوى في الفقه تدل على وسع باعه وكثرة اطلاعه ، يدعم الجواب بالنصوص الصريحة والنقول المعتمدة ، يفسر الشاطبية والخلاصة ومختصر خليل رحمه الله تعالي ) وعموما فاننا من باب الانصاف وتثمين الجهود العلمية التي قام بها بعض الباحثين الموضوعيين نثمن عاليا تلك الإشارة التي ضمنها الدكتور محمد المختار ولد اباه في كتابه تاريخ القراءات في المشرق والمغرب حيث اعترف لهذا العلم بدوره الرائد في تأسيس المحظرة الشنقيطية قائلا (إن تأسيس مدارس قرآنية لم يتم في شكل منتظم ومتواصل إلا بعد رجوع التنواجيوي (يقصد سيد عبد الله ولد أبي بكر المتوفى1145) من تافلالت ، ومنذ ذلك العهد انطلقت حركة نشاط تدريس هذا العلم وازدهرت في عدة مناطق من شرق إقليم شنقيط) كما نثمن إشارة الدكتور عبد الودود بن عبد الله "ددود" إلى الرجل ورحلته في مقاله (الفقيه والمجتمع في الحواضر الصحراوية : محمد يحي الفقيه ومجتمع ولاته نموذجا ) حيث اعتبر ددود أن التنواجيوي يعتبر ممن أثرت الرحلة في مسارهم الفكري ورجعوا بدعوات جديدة

 

كما نثمن أيضا جهود الدكتور يحي بن البراء في الكشف عن بعض آثار الرجل وترجمته له في موسوعته القيمة المجموعة الكبري حيث أورد فتاويه حول مسالة الجيم وترجم له في الجزء الخاص بالتراجم ترجمة أضافت بعض المعلومات إلى ترجمة فتح الشكور

وعموما فاننا نري بان السبب في إهمال الرجل من قبل الباحثين هو راجع الى إهمال أهله له أولا حيث إننا في بلاد لا يحظي العلماء والعظماء فيها بالاهتمام الا من ذوي القرابات وهو مالم يحظ به سيدي عبد الله بن ابي بكر من قبل النخبة من مجتمعه التنواجيوي فطمس ذكره ولم ينل اهتماما من قبل أقلام الباحثين لعدم وقوفهم علي آثاره ولعل ظهور الرجل في النصف الاول من القرن الثاني عشر هجري كان ايضا سببا في عدم احتفاظ الذاكرة خاصة ذاكرة مجتمعه بالكثير حوله لان هذه الفترة من التاريخ عرفت فيها منطقة الشرق والوسط من بلاد شنقيط تقلبات كبري ادت الي تغيير مجتمعه التنواجيوي لمناطق سكنه وانتجاعه كما أن المجتمع التنواجيوي في هذه الفترة بالذات خاض اعنف حروبه وأخطرها حسب الرواية التنواجيوية وهي حرب أرمه (الرماة) التي كانت نتائجها كارثية علي هذا المجتمع وربما تكون آثار الرجل فقدت في هذه الحرب

الشيخ ابراهيم بن آ گيه