وزراء وكتاب ومسرحيون من موريتانيا وخارجها يكتبون عن فاجعة رحيل كابر هاشم

ثلاثاء, 13/02/2018 - 12:57

نعى العديد من الكتاب والمسرحيين والوزراء من خارج موريتانيا وداخلها الأديب الراحل كابر هاشم في تدوينات مختلفة ، عبروا فيها عن حزنهم على فراقه وعددوا شمائله .

الكاتب أحمد أبو المعالي كتب :

ورحل كابر هاشم.. رحمه الله تعالى

فجر اليوم كان استثنائيا في بلاد المليون شاعر بكل المقاييس .. وكان يوما من أيام المصائب في حقل الأدب والإعلام بكل الموازين ..وسرى الحزن الشديد في أرجاء الوطن كما يسري الوجع المض في أعضاء الجسم المصاب..وتاه الحرف كما يتيه العطشان في صحراء تيهاء لاماء فيها ولا مرعى.

لكنها إرادة الله ولاراد لقضائه وقدره .. ولن تجد لسنة الله تبديلا..ولن تجد لسنة الله تحويلا...إنك ميت وإنهم ميتون..

لدوا للموت وابنوا للخراب.. فكلكم يصير إلى تباب

لما نعى الناعي كليبا أظلمت.. شمس النهار فما تريد طلوعا.

أجل.. صرحت جهينة بالخبر اليقين ..وجف القلم بماهو كائن ..

حتى إذا لم يدع لي صدقه أملا.. شرقت بالدمع حتى كان يشرق بي

 

لكل أجل كتاب.. الشاعرالكبير والأديب النبيل ولإعلامي الفاضل محمد كابر هاشم في ذمة الله

 

توقف قلب كانت نبضاته حب الخير للجميع ..والتواضع للجميع.. واحترام الجميع... يالف ويولف..

نعى الناعون للشرف المعلى.. فتى الأشراف سيدها النقيبا..

 

توقف قلب كان يعانق شرف النخيل حين يبوح له بسر مصون لايفهمه ولا يحفه غيره يحدثه عن عراقة أصيلة وعن مجد أثيل لتسمو الكلمات في حديث النخيل .وها هو الآن يخاطب الخابور

أيا شجر الخابور مالك مورقا..كأنك لم تجزع على ابن طريف

لقد تشابه الشاعرمع النخل في كبريائه لذلك خصه بالمناجاة فهو أبدا "شامخ الهام لو يكون قتيلا" وتشابها في العطاء والوفاء للأرض فكل منها يرتل:

طبتُ فرعـاً وموطنـاً وفصيــــــــلاً ..وقبـيـلاً ومنبـتـاً ومَـسـيــــــــــــــــــلا

لقد توقف قلب كان ينبض بحب هذه الصحراء وقد زينها" عبق من دم الشهدا" ويتغنى بالفتح ومضارب تتضوع هدي ابن ياسين ..وينشد شعره العذب الرقراق حين "يسري في الرمل هدي ياسين "

كان كابر هاشم يمتلك من البشاشة ما لو وزع على ساكني تلك المضارب لكفاهم .. ولفاض عنهم خلقا رفيعا وتواضعا جما

كان يوزع البشاشة على من يلقاه كأنما قدره أن يكون ساعي بريد لها وكانت شنشة لاتفارقه محياه أبدا

كأنما نتجت قياما تحتهم..وكأنما ولدوا على صهواتها

مكتبه في مباني الجمعية الوطنية كان محط ومأوى أفئدة التائهين حينها في عالم الحرف الباحثين عن موطئ قدم في وقت عز فيه الخلصاء والصادقون.. فكان كابر هاشم رحمه الله تعالى ذلك العون والسند لأجيال متعددة في محراب الحرف.. يلقاهم بحنان الأبوة وصراحة الأخوة لكل منهم ظل ظليل وموطن خاص ..يهش في التحية ويصدق في النصيحة..

 

أتذكر مرة مع مجموعة من الشعراء في مكتبه من أجيال متفاوتة فدخل رجل من سكان البلاد السائبة وسلم وبادله الشاعر كابر هاشم التحية بأحسن منها كدأبه وداعبه بما يرى أنه مناسب للمقام ..فقال الرجل أنا أبحث عن النواب فقط لأنهم هم أهل"الفظة" بينما تبحث أنت عن الشعراء وتجلس معهم كما عودتنا.. فضحك كابر هاشم رحمه الله تعالى وقال له هؤلاء نواب عن الشعب في مجال آخر مهم ..

ذلكم هو كابر هاشم الذي أحس منذ بداية مسيرته أن للشعر رسالة نبيلة وأن له دورا في هذه الحياة ..

اليوم تودع موريتانيا علما من أعلامها وأحد أبنائها البررة الذين أخلصوا لها الحب والوفاء ..

والنعش على الأعناق يودعهم ويهمس:

سيذكرني قومي إذا جد جدهم.. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

رحم الله كابر هاشم وأبدله دارا خيرا من دره وأهلا خيرا من أهله.. وألهم ذويه وأحبته الصبر والسلوان

=====

أما المسرحي بون ولد اميده فكتب :

تناهى الى سمعي خبرُ رحيل الايقونة كابرْ هاشم ، أولَ الأمر اقنعتُ نفسي انها كذبةٌ كبرى اختلقها احدهم ، لكنني بعد سويعاتٍ من التحري ايقنتُ ان سيدَ الحرفِ والصابرين والمُتقين قد انتقل إلى جوارِ ربه وأن دولةَ الشعرِ هُدت أركانها بعدما توارى عن انظارنا فارسُها الذي ناطح العلياء وهيئ لشعبها من سدنة الحرف كل أسباب النجاح.

 

اليومَ وانا اتلقفُ أخبارَ الرحيل ادركت ان كابر كانَ صادقاٌ حين قالَ إن النخل يموتُ واقفا ، وإن الرجال مواقف ، وإن المُدثرين بالرفعة لن ينالَ منهم خونةُ الحرفِ والتاريخ .

 

تعرفتُ على حرفِ الرجل من خلال قصيدته "حدَّث النخلُ" التي حفظتها قبل ان اكمل العاشرة من عمري لأتلوها عليه بعد عشرين سنة من ذاك التاريخ في مقر "اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين" ومنذ ذلك اليوم بدأت رحلتي مع الرجل الذي جعلني من "المُقربين" دليلُ ذلك انه كان يخُصني – دون غيري- بقراءة نصوصه في المحافلِ الرسمية ، وكنتُ حين اطلبُ منه الاستماع الي "للتَّدقيق" يردُ بالقول ما اخترتُك إلا بعد "تدقيقِ" .

 

حين كان يشرفُ على مهرجان اتحاد الأدباء كان يقولُ لي هذا "موسمُ الكيطنة" فهل املكُ من الشجاعةِ حرمانَ احدٍ منه ، تلكَ ليستْ اخلاقَ "اهل النخيل" ، وقد صدق واوفى وخرجَ من الاتحاد طاهرا كما دخله اولَ مرةٍ.

 

لا اتذكرُ البتة ان الرجل تنكرَ لأحد ، ولا خان أحدا ولا طعن في الظهر كما يفعل اهل الشعر في هذا المنكب ، كان كابر – رحمه الله – خيلا تسابقُ الريح ، ومجدا تليدا شيده بأخلاقه التي وسع بها الناس جميعا ، كان استثناء في زمن التشابه ، كان كابر نصيرَ الضعفاء والمحرومين والحيارى ، والوحيد الذي تلقف شعر الأجيالِ الجديدة بالاحتفاء عكس من جحدوا فضل الجديد وتميزه.

 

بهي الطلعة والطلة سيدُ الصابرين يودعنا اليوم – الى جنات النعيم - تاركاً ورائه تاريخاً حافلا بالفتوحات ، وسيفا شعريا صقيلا حاربَ به الدخلاء والأدعياء والمنتشرين في سوح الشعر جراداً لا يبقي ولا يذر ، يتركُنا كابر بعدما ضرب لنا في بحر الشعر اللجي طريقا يبسا لا نخافُ فيه دركاً ولا نخشى غرقا ..

 

رحم الله من ساسَ دولةَ الأدب بالأدب وإنا لله وإنا اليه راجعون ..

 

المسرحي والصحفي / بون ولد اميده

======

وزير الثقافة الجزائري نعى كابر هاشم رغم صمت وزارة الثقافة في بلده وكتب :

رزئنا جميعا في فقد قامة أدبية متميزة، وفجعنا في رحيل اسم كبير منح الأدب والثقافة والابداع في موريتانيا حضورا متألقا، بأخلاقه العالية، وأدبه الجمّ، وهدوئه اللافت. نعم، غادرنا محمد كابر هاشم دون أن يمنحنا فرصة توديعه إلى جنان الخلد، وهو الذي لم يتأخر أبدا في تمثيل بلده وثقافة شعبه بأجمل ما يكون التمثيل، ملتحفا أصالة أبناء شنقيط، وحاملا تطلعات أجيال من الكتاب والمبدعين التواقين إلى مقاسمة إخوانهم في جهات الوطن العربي همّ الفكر والثقافة والابداع، والبحث عن غد أكثر إشراقا لأمة متعبة. نعم رحل صديقي ذو العباءة الساحرة، التي تختزل تاريخا من الحضور في حضارة النخلة والخيمة واللغة الدافئة. نعم رحل صديقي الذي تبادلت معه أحاديث القصيدة والماضي والمستقبل، وعرفت منه ما كنت أجهله عن وطن الشعراء، فقد كان من أكثر الساعين والعاملين على إنشاء اتحاد كتاب المغرب العربي، وأكثر الداعين إلى تفاعل أعمق بين الكتاب والأدباء العرب، وأذكر أنني قضيت معه أياما في فرانكفورت عام 2004 حيث كانت الثقافة العربية ضيف شرف المعرض الدولي للكتاب بألمانيا إلى جانب قامات الشعر والأدب العربيين درويش وأدونيس والأبنودي وبنيس والكوني والمسيحي وقاسم حداد

 

وغيرهم.. كان يقول لي الْكِتَاب هو من يصنع الحضارات العظيمة.. والشعر يسمو بالنفوس العظيمة فمتى يأخذ الكتاب والشعر موقعهما في أوطاننا؟.

 

رحمة الله عليك يا صديقي الشهم، الكبير، الأديب المؤدّب. لا أملك إلاّ أن أدعو الله العلي القدير أن يتغمد روحك الطاهرة بواسع رحمته، وأن يظل عزاؤنا في فقدك أنك ماثل بيننا بأدبك وتاريخك المضيء، وأتقدم لعائلتك والخواتم من الأدباء في موريتانيا بأخلص عبارات التعاطف والمواساة. ولَك الرحمة والخلود.. إنَّا لله وإنا إليه راجعون

 

عزالدين ميهوبي

 

وزير الثقافة الجزائر