ولد بلعمش : ولد غدة لم يكن مهما وولد محمد فال وولد حرمة الله تمت تصفيتهما

جمعة, 03/11/2017 - 18:14

قال الكاتب المعارض سيدي عالي ولد بلعمش إن السيناتور محمد ولد غدة لم يكن مهما إلا في ما يسعى إليه ولد عبد العزيز من توريطه لأعضاء مجلس الشيوخ و إصدار مذكرة اعتقال ضد ولد بوعماتو و هو ما لم يفلح فيه .

وأضاف ولد بلعمش في مقال رد فيه على مقال محمد يحظيه ولد ابريد الليل “الرأي السياسي” إن الأخير لم يمر في مقاله  على المادة 38 و لا على حل مجلس الشيوخ عنوة و لا على سجن البرلمانيين و النقابيين و الصحفيين و لا على تزوير الاستفتاء و لا على تغيير العلم و النشيد و لا على فساد ولد عبد العزيز على كل الأصعدة و لا على دخول البلد في التصفيات الجسدية التي راح ضحيتها الرئيس السابق المرحوم اعلي ولد محمد فال و المحامي الشهم و الاستاذ الجامعي الشهيد ولد حرمة الله الذي تمت تصفيته على أيادي بارونات المخدرات ورفضت الدولة التحقيق في قضيته و الشاب زيني الذي وقفت الدولة عن بكرة أبيها دون ظهور حقيقة اغتياله ؟؟ فعن أي رأي و أي سياسة يتكلم ولد ابريد الليل؟

وهذا نص مقال ولد بلعمش :

مثل رأس أورفي (ميثولوجيا) الذي ظل يصرخ بعد قطعه، يطل علينا اليوم الاستاذ ولد ابريد الليل في مونولوغ جديد يفكر فيه بصوت عال عن سوء وضع داخلي ، يحاول ـ مثل كل من يقفزون اليوم من قارب ولد عبد العزيز الذي بدأ يغرق ـ تبرئة نفسه من المساهمة فيه ، مع مسحة غموض ، يغذيها أمل “المجهول” (كما يسميه) في إيجاد مخرج محتمل ، حتى لو بدا في قبضة المستحيل، يعيد ولد عبد العزيز إلى الكرسي ، يحول دون قطع حبل الود معه.

مهمة صعبة لا شك، بدأها ولد ابريد الليل بتقديم رشوة لولد عبد العزيز من خلال “اتبشبيش” المعارضة (كما نسميه نحن بدورنا في ثقافتنا التقليدية) و التهكم من وضعها و حتى إلغائها من أي حساب ليحتفظ لطفله المدلل بفزاعة “كوكوه” ذلك المارد “المجهول” الذي ظل يحذر ولد عبد العزيز من ظهوره يوما فجأة من تحت الأرض ، إذا لم يستمع جيدا إلى ما يقول له ولد ابريد الليل.!!

و لأن “المجهول” لا تحديد للونه و لا شكله و لا قدرته، ظل من السهل على ولد ابريد الليل أن يغرس في جمجمة ولد عبد العزيز ما يريد أن يحكي عنه لترويعه ؛ مرة بما حصل لزين العابدين بن علي رغم وضوح أسبابه و تكامل منطقه و ترابط تسلسل مسرحه و مرة من خلال ما حدث للقذافي (و إذا كان ولد ابريد الليل يسمي العداء الفرنسي و الأمريكي للعرب بالمجهول فلا شك أن ضحكه على عقل ولد عبد العزيز بلغ مراح الخطر) ، و مرة بما حدث لحسني مبارك و المجهول الوحيد فيه يرتبط أكثر بالحفرة الخاوية في جمجمة ولد عبد العزيز التي يحاول ولد ابريد الليل دائما تمرير ما يريد من منحدرات تضاريسها السالكة .

ـ منذ 4 سنين (خطاب شنقيط) يحاول ولد عبد العزيز ترميم واجة نظامه المشوهة من خلال حوار وطني ، رفضت المعارضة أن يكون ما لم يكن الهدف منه إنقاذ البلد لا إنقاذ ولد عبد العزيز. و حين نصحتموه بأن يقتحمه “بمن حضر” قاطعه سفراء العالم و لم يتحفظوا حين سئلوا عن أسباب مقاطعتهم (و تصريحات السفراء موجودة)

ـ جمع ولد عبد العزيز “من حضر” من قمامة نواكشوط في قصر المؤتمرات و مرر إملاءاته على الجميع و طلعت مخرجات الحوار معدة مسبقا و انتقل إلى تنفيذها بعد مراضاة مسعود و بيجل و الإشارة إلى البقية بالانصراف ، ليقع في مطبة مجلس الشيوخ : كان على من يدعي أنه صاحب رأي مثل ولد ابريد الليل أن يدلي بدلوه دفاعا عن مؤسسات الدولة و المكتسبات الديمقراطية، أم أن ضميرك الوطني لا يستيقظ برأيه السياسي إلا لصالح من يحكم؟

ـ قفز ولد عبد العزيز على المادة 38 وقال بملء فيه أنه لن يأخذ رأي المجلس الدستوري لأنه غير معني بالتغييرات الدستورية و أنه هو غير معني بالمادة 99 ـ 100 ـ 101 و أدخل موريتانيا في ورطة تغيير العلم و النشيد لتدمير آخر ما يجمع عليه هذا الشعب : كان ولد ابريد الليل آخر من يعنيه ما تقع فيه البلاد من اضطرابات خطيرة بسبب بحث ولد عبد العزيز عن مخرج ، سدت المعارضة بحكمة و حنكة و رؤية واضحة و طرق لا تخر الماء ، كل أبواب احتماله.

ـ أعلن ولد عبد العزيز النفير و قال حي على الاستفتاء و اختلط صراخ الوزراء مع المنتخبين و ضباط الجيش و الأمن و غوغاء العامية في حملة مسعورة (لم يفتنا رفض الكثيرين من مقربي النظام الدخول فيها حين وصلت الأمور إلى هذا المستوى من الاستهتار ) ؛ هل يعلم ولد ابريد الليل أن ولد عبد العزيز ألغى مجلس الشيوخ في مهرجانه الأخير ، قبل ظهور النتائج بل قبل الدخول في عملية التصويت؟

ـ كانت نتائج الاستفتاء فضيحة غير مسبوقة في تاريخ الدول : العالم أجمع يتفرج على مكاتب تصويت يغط المشرفون عليها في نومهم من دون أي مراجع ، لتخرج علينا اللجنة الانتخابية بفوز “نعم” كما توقعنا تماما لأننا نعرف أن لد عبد العزيز محصن ضد الخجل و نعرف أيضا أن ولد ابريد الليل يعرفها أكثر منا ، لكن “رأيه السياسي” الذي كان ينبغي أن يرسله إلى ولد عبد العزيز في البريد لا إلى وسائل الإعلام ، ما هو في الحقيقة إلا جزء من بروباغاندا نظام محاصر ، يتلمس طريقه بعصا أعمى.

لم تكن المعارضة الموريتانية في يوم من الأيام أقوى و أكثر إقناعا و تحملا للمسؤولية أكثر مما هي عليه اليوم و مهما فعل ولد عبد العزيز و استنقص ولد ابريد الليل، ستظل العصابة المختطفة للبلد الآن ، تعيش حالة اختناق آسرة داخليا و إقليميا و دوليا و لا يمكن أن يخرجها من مأزقها إلا “حوار مع المعارضة” . و “المعارضة” هنا تقال داخليا للتكتل و إيناد من جهة و المنتدى من أخرى. الحديث عن معارضة بيجل و مسعود تم تجاوزه . أما خارجيا ، فتقال فقط للتكتل و إيناد، لأن أي حوار وطني لا يشمل هذا الجناح لا عبرة به لدى العالم. هنا يكون ذكاء المنتدى على المحك ؛ بين أن يدخل حوارا ، على خطى مسعود و بيجل لينتهي الحديث عنه هو الآخر غير مأسوف عليه أو يرفض دخوله بمبررات تواصل و جناح حمائم قوى التقدم ليخسر الاثنين (المعارضة و الموالاة).

لا شيء يزعج ولد عبد العزيز اليوم أكثر من صمت المعارضة الراديكالية : و صحيح أن ولد داداه ما زال يرفض الطريقة الأسرع لإسقاط العصابة بمبررات دينية و اجتماعية الله حسيبه فيها (رغم أن من يموتون في موريتانيا يوميا من الجوع و الظلم و التهميش و التشرد و السطو و الاغتصاب و الانتحار و المخدرات و حوادث الطرق المتهالكة و البحث عن الذهب في الفيافي و الأدوية المزورة و المواد الاستهلاكية منتهية الصلاحية و الأدوية الحيوانية المؤدية للفشل الكلوي و العمليات الجراحية الفاشلة و الوصفات الطبية الخاطئة و الحميات الفيروسية و النزيفية المعتم عليها، أكثر بكثير ممن يموتون في اليمن و سوريا مجتمعتين)، لكن ثباته على مقاطعة العصابة بهذه الدرجة من طول النفس و الصبر على الأذى و تفهمه لمواقف منتقدي توجهه و تفهمه أكثر لانتقادات الحركات الشبابية الواقفة على عتبة ثورة غاضبة ، جعلت منه ـ شئنا أو أبينا ـ القطب الآخر في المعادلة السياسية : اليوم تسيطر العصابة “نسبيا” على الواقع الذي تفرضه على البلد و يسيطر قطب التكتل و إيناد كليا، على المسار العام ؛ و مهما حلل المحللون و مهما حصل من تحولات غير متوقعة ، ستكون لهذا القطب كلمة الفصل في ما سيحدث في موريتانيا غدا و كل المؤشرات الآن تؤكد أن بقية المعارضة في الداخل و الخارج تتجه إلى تبني موقف مقاطعة العصابة و التحكم في المسار و التمسك بزمام المبادرة .

 

موريتانيا اليوم وصلت إلى مرحلة “وقاحة الجدية” أي الحقيقة المرة : لم يعد يسمح لولد داداه أن يتكلم ببراغماتية و لا لولد مولود أن يغطي على نزوع “حمائم” قوى التقدم إلى مبررات اللقاءات السرية و لا لـ”قيادة” تواصل المفصولة عن رأسها، أن تمضي بالحبر غير اللاصق على التزامات المعارضة المشروطة بتفهم الأخيرة بتمسك مجلس شوراها ـ الغائب الحاضر ـ بشمعها الأحمر.

و تدرك المعارضة اليوم جيدا أن الإسلاميين أو الإسلامويين يعدون العدة لدخول الانتخابات التشريعية ، و ليس من مصلحة النظام أن يكونوا أقرب من ذلك و ليس من مصلحتهم هم أن يكونوا أبعد منه ، كما انهم بذلك ينفذون أوامر الحركة العالمية (الأم) المختفية خلف مجس الشورى المختفي خلف القيادة الأمنية في البلد.

 

الحركة الإسلاموية في موريتانيا ليست تشكيلة سياسية لها مبادئ واضحة يمكن التعامل معها من خلالها . و ما أحدثته من ريبة و انشقاقات داخل صفوف المعارضة ، هو ما جعلنا اليوم على هذا المستوى “ظاهريا” من التخاذل و التردد و تشكيك بعضنا في البعض : إن لهذه الحركة حسابات خارج الفضاء الوطني و التزامات خارج الفضاء الوطني ، تمنع إمساكها بمعروف و تدعو اليوم بإلحاح إلى تسريحها بإحسان. لكن المعارضة الموريتانية اليوم تدرك كل شيء و تتعامل معه بذكاء و حكمة و بأقصى درجات التوقع و الحذر.

ـ أمام ولد عبد العزيز اليوم ثلاث سيناريوهات يعمل عليها :

ـ أن يبقى في الحكم (و هو أمر بدأ منذ فترة يفهم أنه من عاشر المستحيلات، لكنه لم يلغه حتى الحين بسبب غياب حل بديل)

ـ أن يخلف أحد مقربيه الأسوأ منه (و ليس من بين جميع من يستطيع أن يقدمهم لهذه المهمة ، من يثق فيه حين يتربع على الكرسي أمام صراخ جماهير هائجة يدعمها العالم أجمع ، تطالب بالمحاسبة و إعادة ممتلكات الدولة الصارخة بوجودها في كل مكان و فتح ملفات الفساد الكبرى (على الأقل) .. لا أحد يستطيع حماية ولد عبد العزيز مما ارتكبه من آثام في حق نفسه و في حق هذا الوطن. و حتى لو قطع ولد عبد العزيز موريتانيا من كل محيطها ، لن يستطيع أن يزور انتخابات لن تكون إلا باكتمال شروط شفافيتها (و هذا التزام و وعد من المعارضة للشعب الموريتاني). و قد كان الاستفتاء الأخير اختبارا حقيقيا ـ و هذا ما فات لكثيرين ـ فهمت المافيا منه أن الحل لن يكون في انتخابات رئاسية : لن يذهب ولد عبد العزيز إلى الانتخابات بعد الاستفتاء حتى لو حصل على تعهد من أمريكا و جميع دول الغرب بغض البصر عن تزويره.

ـ أن يضع البلد في حالة طوارئ أي في حرب : كان يحاول بدفع من الجزائر التي تريد التخلص من ورطة البوليساريو ـ و لو مؤقتا ريثما تخرج من ورطتها الداخلية هي الأخرى ـ أن يختلق مشاكل مع المغرب لكنه فهم أو أفهم أن هذه المواجهة تفتقر إلى عاملين حاسمين ؛ التكافؤ في القوة و هو ما لا تستطيع الجزائر تأمينه له و دوافع مقنعة للجيش للدخول في حرب مع أشقاء مسلمين، لا يملك أي نسبة احتمال في كسبها. و يفكر منظرو العصابة من “القوميين العرب” الآن أن الحرب مع السنغال ستكون أسهل؛ أولا لأن الجيش الموريتاني ـ حسب اعتقادهم ـ له ثأر مع الجيش السنغالي و ثانيا لأنه بلد فقير و جيشه ضعيف ـ كما يعتقدون ـ و له مدن عديدة على الحدود يسهل احتلالها أو الضغط عليها على الأقل بسهولة.

كل هذا التفكير الشيطاني.. كل هذا الجحيم الذي يعد لموريتانيا، يأتي في إطار التفكير في البحث عن مخرج لولد عبد العزيز ؟؟

قبل هذا كله فكر ولد عبد العزيز مليا في حرب أهلية داخلية و عمل طويلا على إشعال نيرانها لكنه وقف أمام عقبتين : الأولى أن مقومات الحرب الأهلية في موريتانيا غير موجودة ؛ القوميون من الجانبين أو الثلاثة لا يصلون إلى 1200 شخص و أكثرهم في مراحل متأخرة من العمر و هؤلاء لا يستطيعون إدخال شعب مسلم ، تداخلت علاقاته في أعمق و أدق تفاصيلها في نسيجه حتى النخاع، في حرب أهلية لا مبرر لها و لا مقومات و لا شرعية لها : لقد فهم الشعب الموريتاني بكل فئاته أن ما حدث في سنوات الجمر ( 66 ـ 89 ـ 91 ـ 92 )، كان عملا شيطانيا شريرا أنانيا و حقيرا ، خال من أي مستوى من المسؤولية من كل الجهات التي شاركت فيه و دعت له و تلطخت حتى النخاع بدماء أبريائه . و الثانية ، بعد سقوط صديقه الأوحد الساحر السفاح يحيى جامي، فهم ولد عبد العزيز أن الهروب لم يعد لا ممكنا و لا منجيا ؛ فبالكاد حصل يحيى جامي على اللجوء مؤقتا في غينيا الاستوائية و حتما سيعود قريبا في القيود للمحاكمة في آبيدجان.

 

و منذ عدة أشهر الآن بدأ الصراع داخل العصابة يأخذ منحى آخر بين من يحاولون إنقاذ مركب عزيز و لو بإحراق كل البلد و من يحاولون القفز منه ، إما من التائبين من الانخراط في أجندة شيطانية لم يكتشفوا بشاعة أصحابها إلا مؤخرا و إما من الساعين بجلودهم بعدما فهموا أن طريقه مسدود. و في هذا الإطار بالذات يأتي مقال ولد ابريد الليل اليوم . ينبغي أيضا أن أشير هنا و أنبه و أؤكد أن من أصعب ما يعانيه النظام الآن أنه لأول مرة يجد نفسه محجوب عنه بالكامل كل ما تفكر فيه المعارضة و لا أستبعد أن يكون هذا من أهم دوافع كتابة مقال ولد ابريد الليل ، هذه هي مهمة كتاب الأنظمة و الازدراء بالمعارضة على الشكل الذي جاء على لسان ولد ابريد الليل الذي حولها إلى جزء من الماضي المنسي لا يستبعد أن يكون استفزازا يبحث عن ردة فعل لتحريك المياه الآسنة .

لم يبق إذا أمام ولد عبد العزيز سوى سيناريو الحرب مع السنغال و هذا حلم القوميين من كل الجهات لكن المعارضة الموريتانية يا ولد ابريد الليل ذهبت بعيدا بعيدا و من لم يستطع أن يجرها إلى استفتاء و لا إلى حوار وطني و لا إلى انتخابات تشريعية و محلية لن يستطيع أن يجرها إلى حرب ؛ صحيح أن بيدكم شهاب النار لكن بأيدينا بحارا و أنهارا من الماء و من الحنكة و المسؤولية و الاستعداد للتضحيات.

 

تتشكل المعارضة الموريتانية اليوم من G 8 و جناح التكتل و إيناد و المنتدى و الحركات الشبابية و االشتات في الخارج ؛ هذه التشكيلة التي توحي لولد ابريد الليل بالفرقة و التشرذم و التصارع داخل المعارضة هي التي أخفت أسرار المعارضة عن النظام بالكامل و لأول مرة في تاريخها: أصبحت المعارضة اليوم تعرف بدقة ما يجب أن يصل إلى كل جهة و متى يصلها و كيف يصلها : و قد اكتشف ولد عبد العزيز بعد السطو على هواتف ولد غدة و التجسس على ما بداخلها رغم أنه لم يكون مهما إلا في ما يسعى إليه ولد عبد العزيز من توريط لأعضاء مجلس الشيوخ و إصدار مذكرة اعتقال ضد ولد بوعماتو و هو ما لم يفلح فيه، أن مخابراته و منافقيه و جواسيسه و أجهزة أحميدة المغشوشة ، لا تعرف أي شيء عن المعارضة و لا عن الموالاة و لا حتى عن نفسها .

ـ من أفشل كل برامج ولد عبد العزيز غير المعارضة ؟

ـ من حشره في زاوية لن يخرجا إلا إلى السجن غير المعارضة ؟

ـ من حول استفتاءه إلى أضحوكة غير المعارضة؟

ـ من أفشل حواره و جعل سفراء العالم يرفضون حضور افتتاحه غير المعارضة؟

ـ ما هو المطلوب من المعارضة أكثر من هذا؟

ـ و إذا لم تكن المعارضة هي من قامت بكل ذلك فما هي إذن كانت أسبابه؟

ـ ما هي مشكلة ولد عبد العزيز اليوم إذا كانت المعارضة لم تعد موجودة كما يقول ولد ابريد الليل؟

ضعف المعارضة الموريتانية الوحيد في حفاظها على حد أدنى من السلم الاجتماعي و تعي المعارضة جيدا أن العصابة الحاكمة تستغل هذا الضعف الذي يمثل قوة المعارضة الحقيقية، إلى أبعد حد لكن المعارضة بدورها تلعب على إنهاك العصابة و إظهار حقيقتها المافيوية للعالم و للشعب الموريتاني الذي أصبح يدركها جميعا ، كما أظهرت نتائج الاستفتاء بجلاء و كما يظهر في أبهى تجلياته من استياء الناس و صراخها و استعدادها الكامل و المعلن للدخول في أي مواجهة تنهي تحكم العصابة مهما كان ثمنها. هذا هو عمل المعارضة و قد أنجزته على أكمل وجه و النتيجة ستكون مؤكدة حين يأتي وقتها

إن من يقول لولد عبد العزيز إن المعارضة خائرة و مشتتة و منهكة و فاقدة للثقة و الشرعية هو من يدفعه إلى الوقوع في مهلكة ، إذا لم يكن يحضر انقلابا عليه، يبحث له عن انتفاضة شارع لتبريره و هنا نقول له ، تستطيع أن تلعب بعقل ولد عبد العزيز لكنك لا تستطيع أن تفعلها بالمعارضة. و المعارضة الموريتانية يا ولد ابيد الليل لم تعد تعتبر ولد عبد العزيز خصما سياسيا و إنما تعتبره عدوا للشعب الموريتاني و العدو لا يعارض و إنما يقاوم و سنقاوم ولد عبد العزيز و من معه حتى ندخلهم جميعا جحيم جرائمهم .

لا يمر “الرأي السياسي” لولد ابريد الليل على المادة 38 و لا على حل مجلس الشيوخ عنوة و لا على سجن البرلمانيين و النقابيين و الصحفيين و لا على تزوير الاستفتاء و لا على تغيير العلم و النشيد و لا على فساد ولد عبد العزيز على كل الأصعدة و لا على دخول البلد في التصفيات الجسدية التي راح ضحيتها الرئيس السابق المرحوم اعلي ولد محمد فال و المحامي الشهم و الاستاذ الجامعي الشهيد ولد حرمة الله الذي تمت تصفيته على أيادي بارونات المخدرات ورفضت الدولة التحقيق في قضيته و الشاب زيني الذي وقفت الدولة عن بكرة أبيها دون ظهور حقيقة اغتياله ؟؟ فعن أي رأي و أي سياسة يتكلم ولد ابريد الليل؟

من يقرأ مقال ولد ابريد الليل بتعقل يكتشف بسهولة أنه لا يحاول تقديم رأي سياسي و إنما يحاول احتواء ولد عبد العزيز و إعادة ثقته فيه و قد أرغمه غباء ولد عبد العزيز أن يقولها بوضوح في نهاية رأيه السياسي الأقرب إلى القصيدة المديحية . و مع أن ولد ابريد يدرك ـ في الحالات الطبيعية ـ أن الحديث عن قوة المعارضة و تنظيمها و كسبها لكل رهانات المرحلة الماضية ، يخدمه في إقناع “النظام” بضرورة اللجوء إلى مفكريه و منظريه للخروج من الوضع، إلا أن معرفته الدقيقة لنفسية ولد عبد العزيز جعلته يتهجم على المعارضة و ينفي وجودها أو أي تأثير لها و هذا ما أفقد المقال قيمته و منطقه : إنجازات ولد عبد العزيز لا تحصى و لا تعد و المعارضة غير موجودة، فما هي إذن مشكلتكم ؟

” لنبدأ بالمعارضة” (لأنها الحائط الأقصر عند ولد ابريد الليل). لقد كان ولد ابريد الليل مضحكا فقط في تلاعبه بعقل ولد عبد العزيز ، لكن و لأننا في موريتانيا ، سيظل مقاله رأيا سياسيا لا يطال، تحتاجه البلاد و الأمة و تظل كل عيوبه نقصا في فهمنا نحن و في وعينا و قلة تجاربنا و ربما ذهب البعض إلى الحسد و الحقد و العداء المبيت ..

ـ كان التعريب كارثة على التعليم في موريتانيا ، لم يستطع النهوض بعدها ، لأنه كان مثل شعار “رئيس الفقراء” مبني على كذبة دعائية سقيمة .. التعريب كان مثل حكم الإسلاميين لمصر : جماعة لم يسبق لأي من كوادرها الحزبية أن تولى منصب رئيس مصلحة، تهيمن على إدارة بلد ضخم مثل مصر؛ فتبدأ بتغيير خياراتا و محاكمة مبدعيها و تهميش كبار مفكريها و تدخل الجيش و الأمن الذين مثلا دور “المجهول” في طرح ولد ابريد الليل، في دائرة التجاذبات الضيقة.

لم يكن العيب في مطلب التعريب و لا في عجز و لا تخلف العربية كما يدعي البعض و إنما كان في كذب المطالبين به و ضعف المستجيبين لهم و جهل الجميع بخطط الإصلاح و أهمية المناهج و خطورة الاستجابة للعواطف. كيف يطالب ولد ابريد الليل اليوم بتعريب الإدارة و هو وزير إعلام (منذ السبعينات) و منظر كل العصابات العسكرية التي تعاقبت على تدمير البلد و هو نفسه ما زال يبحث عن من يترجم له مقالا من صفحة أو اثنتين ، كان أصون لماء وجهه أن يكتبها بالحسانية؟ ألم يكن هذا أقرب إلى بناء ولد عبد العزيز لسوق ميدان رماية مدرسة الشرطة و بيع بلوكات و المدارس العتيقة و ادعاؤه محاربة الفساد؟

بعد 8 سنين من حكمه و اقتراب نهاية مأموريته الثانية، يبدأ ولد عبد العزيز في إعطاء العهود للناس و رسم أولويات المراحل القادمة و بعد 8 سنين من تخبطه الاعمى و جرائمه الاقتصادية و فضائحه السياسية و انفراده بالقرار، يقول لنا ولد ابريد الليل ” لم نَرَ أيَّ صيغة – مهما كانت بدائيتُها – للعمل السياسي وإشراك الأصدقاء والمخلصين في الرأي والقرارات السياسة”، لو كان ولد ابريد الليل يحترم عقول الناس في أي حدود لما قال هذه العبارة في هذا الوقت لكننا تعودنا في هذا البلد على أن كل ما يعتبره العالم موبقات يتم في بلادنا “مر الكرام” كأن شيئا لم يكن.!

لو كان ولد ابريد الليل سياسيا بسيطا (دون لحاجة إلى أن يكون منظرا سياسيا و صاحب رأي) ، لكان يعرف أن كل فكرة هيمنة تحتاج إلى خطاب دعائي مثالي و ما تذرع اليوم بمثل قوله: “كذلك من العوامل الأساسية التي جذبتنا – وغيرنا كثير – إلى تأييد ومساندة النظام الحالي، تلك الشعارات الجميلة التي رفعها أولَ مجيئه، مثل: شعار محاربة الفساد، الذي طرحه الرئيس محمد ولد عبد العزيز بلهجة واضحة وبسيطة وقوية، لم نعَهدها قبله في هذه البلاد…” / هل كان ولد ابريد الليل سيقبل أن يركب في طائر يقودها ولد عبد العزيز ؟ إنهم يكذبون و يعرفون أنهم يكذبون ، أما تبرير المواقف، فمنذ قتل قابيل هابيل لم يقف مجرم أمام القضاء إلا وقال فعلتها لأن و لأن و لأن.. لكن أيضا و أيضا ، إذا صدقنا أن ولد عبد العزيز خطف عقولكم بروعة أفكاره و سحر بيانه و عظمة طموه كما تدعون ، فبماذا سحركم المرحوم المصطفى ولد محمد السالك و ولد هيدالة و معاوية ؟

لقد كان مقال ولد ابريد الليل هنا ضعيفا على غير عادته : ضعيفا في مبررات ظهوره .. ضعيفا في عدم القدرة على إخفاء مآربه .. ضعيفا في درجة استخفافه بعقول الناس .. و كان ضعيفا أكثر حد الشفقة، في استجدائه لولد عبد العزيز في نهاية مقاله.