ضباط وباحثون وصحفيون يكتبون عن فَيّاه ولد المعيوف في يوم رحيله (تدوينات )

جمعة, 17/03/2017 - 06:51

نوافذ (نواكشوط ) ــ امتلأت صفحات الفيس بوك بالتدوينات الناعية للضابط البطل والقائد المقدام فياه ولد المعيوف غداة رحيله أمس بعد عمر حافل بالبطولات .

وكان من بين من كتبوا عن الراحل معددين شمائله ومتحدثين عن بطولاته ضباط وكتاب وباحثون .

الكاتب الصحفي حبيب الله ولد أحمد كتب ناعيا فياه  :

رحم الله القائد الفذ المقدام فياه ولد المعيوف

لينم بهدوء تحت أرض يحبه ثراها لأنه حمل السلاح مقبلا غير مدبر لحماية علم وسيادة وارض وشعب الجمهورية الاسلامية الموريتانية

ستظل ذكراه ماثلة أبدا مادامت كدى الشمال شامخة تحتضن عظاما وخوذا وأحذية لجنود موريتانيين دافعوا بشراسة حد الموت عن وطنهم الجميل

فياه كان عربيا أصيلا محاربا لايلتفت خلفه نسج من غبار المعارك دفاعا عن الكيان الوطني الموريتاني رداء لايبلى وبصم على حجارة الوطن وحصاه بصمة حب ووفاء وولاء

اللهم اغفر لفياه ولد المعيوف وارحمه وتجاوز عنه

====

أما الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله فدون : 

رحم الله رجل الشجاعة والوطنية فياه ولد معيوف ... كان علاَمة وطنية سامقة، وعنوانا للبطولة والاقدام ...

====

وكتب الرائد محمد الأمين ولد الواعر

فقدت اليوم القوات المسلحة الوطنية أحد ابرز واشجع قادتها العقيد فياه ول المعيوف ولحكمة يعلمها الله جل جلاله فقد صادف يوم وفاته يوم استشهاد -ولا ازكي علي من احد- أبطال 16/مارس/1981 ....

وبهذه المناسبة الأليمة أعزي نفسي وكافة أفراد الجيش الوطني و أرفع تعازي القلبية الخالصة الي أسرة اهل المعيوف واسرة أهل سيدي ول محمد لحبيب وأسرة أهل عبد القادر والي كافة أسر شهداء القوات المسلحة الوطنية....

=====

وكتب الأستاذ عبد المجيد ولد إبراهيم

16 مارس بالأمس فقدنا فيه خيرة ضباط جيشنا بعدما أعدمهم ولد هيدالة بدم بارد .

واليوم نفقد فيه أحد أبرز فرساننا الذين ذادوا عن حمى الوطن العقيد فياه ولد المعيوف وكأنه أخذ عهدا مع أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا عليه أن يرحل يوم رحيلهم .

رحم الله السلف وبارك في الخلف وأحسن عزاءنا وعزاء الأسر الكريمة .

=====

أما الباحث والصحفي محمد محمود أبو المعالي فكتب :

رحل "فياه".. فلا نامت أعين الجبناء

"والله ما في جسدي موضع شبر إلا وبه ضربة سيف أو طعنة رمح، أو رمية سهم، وها أنا أموت على سريري كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء" .

هذه مقولة لخالد بن الوليد رضي الله عنه قالها حين حضرته الوفاة، تذكرتها حين نعى الناعي اليوم المرحوم فياه ولد المعيوف وقد فارق الدنيا وهو على فراش المرض، ذلك الهمام الذي ارتسمت في المخيلة الجمعية لنا صورته، وهو يخوض نقع الوغى، ويقارع العدو بإقدام وشجاعة، دفاعا عن حوزة هذا البلد وبيضة حماه، وقد صدق أحمد شوقي حين قال:

وما في الشجاعة حتف الشجاع.. ولا مد عمر الجبان الجبن

وقديما قيل ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة: الشجاع في الحرب، والكريم في الحاجة، والحليم في الغضب، وقد عرف المرحوم فياه ولد المعيوف في الحرب، فطارت العقبان بمآثر شجاعته، وسار الركبان بقصص جسارته، وتواترت أحاديث الرواة عن بطولاته، فطالما استرقنا السمع ونحن صغار، لما يحكيه الكبار عن ذلك البطل الكمي، ويرويه القاصي والداني، فاستقرت جسارته في الأذهان، ولهج بذكر مناقبه كل لسان، فكان رحمه الله أمة وحده، واسما إذا ذكر استحضرت النفوس قيم الشهامة والنجادة والشكيمة في الهيجاء.

لو لم يقد جحفلا يوم الوغى لغدا .... من نفسه وحدها في جحفل لجب.

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ـ وكلنا أهله ـ جميل الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

-------

فيما كتب المدون اكس ولد اكس اكرك  :

الرمز الوطني فيّاه ولد المعيوف في ذمة الله

فياه ولد لبات ولد المعيوف الآكشاري، أحد أبرزالقادة العسكريين في المنتبذ القصي، ولد سنة 1935 بمدينة أطار.

بدأ فياه حياته المهنية في الخمسينات معلما ومديرا في مدرسة ابتدائية في مدينة ودان التاريخية وفي سنة 1958، وأثناء فترة الاستعمار الفرنسي، التحق بالقوات الفرنسية العاملة آنذاك في موريتانيا، ليكون أحد أبرز الضباط الذين ساهموا في تأسيس الجيش الموريتاني.

و كان أول المكتتبين في القوات المسلحة الموريتانية (الجيش الوطني) أمبارك ولد بون مختار وفياه ولد المعيوف ومولاي ولد بوخريص.

و بعد الاستقلال عهد اليه بتشكيل وحدة الدرك الوطني الموريتاني التي ظل قائدا لها إلى غاية سنة 1978.

أثناء حرب الصحراء بين موريتانيا وجبهة البولساريو سطع نجمه كأحد أهم القواد الميدانيين حيث أبلى بلاء حسنا في معركتي بير گندوز و آوسرد الشهيرتين في تيرس الغربية و دخلت كتيبته مدينة الداخلة الصحراوية، بعدها تمت ترقيته إلى رتبة عقيد.

مع بداية دجمبر سنة 1975 أصدرت القيادة الموريتانية أوامرها لقواتها لاحتلال مدن ومراكز وادي الذهب، لتبدأ بذلك حرب الصحراء الغربية التي استمرت 3 سنوات متتالية.

ومن دجمبر 1975 حتي فبراير 1976 تركزت العمليات العسكرية الموريتانية في الجزء الجنوبي من الصحراء الغربية وتحديدا مناطق وادي الذهب، حيث كانت القوات الموريتانية تحت قيادة العقيد فياه ولد المعيوف، وقد دارت أولى المعارك في 11 دجمبر سنة 1975 واستهدفت السيطرة على مدينة لگويره الحدودية واستمرت هذه المعركة عدة أيام أعلن بعدها في 20 دجمبر، أن القوات الموريتانية قد استولت على المدينة.

بعد ذلك بأيام قليلة أعلنت القيادة العسكرية الموريتانية أن قواتها في الصحراء بقيادة العقيد فياه قد دخلت تشلة الواقعة في جنوب الإقليم، وأرغمت المقاتلين الصحراويين على إخلائها نهائيا في 22 دجمبر وبعد ذللك بثلاثة أسابيع عمدت القوات المسلحة الموريتانية إلى فرض حصار عسكري على مدينة العرگوب الواقعة بمحاذاة المحيط الأطلسي إلى الجنوب من الداخلة والتي دافعت عنها قوات البولبزايو دفاعا مستميتا، ولم تستطع القوات الموريتانية أن تدخلها إلا في 11 يناير 1976، وفي هذه الأثناء كانت المعارك العنيفة تدور بين المقاتلين الصحراويين في عين بنتيلي شمال شرق الصحراء.

وكانت أكثر المعارك ضراوة في الصحراء تلك التي جرت حول مدينة أوسرد الواقعة في وسط تيرس الغربية والتي توجد بها أكبر قواعد جبهة البوليزاريو في المنطقة، وقد هجرها أغلب سكانها مع بدء الاجتياح للإقليم، وهي محاطة بحصون منيعة أقامها الإسبان منذ بداية احتلالهم للمنطقة وبسلسلة جبلية تحيط بها من كل الجهات تقريبا مما يعني بالمقاييس العسكرية الدفاع عنها بسهولة واقتحامها بصعوبة، خصوصا في ظل تواضع الإسناد الجوي للقوات المسلحة الموريتانية المهاجمة مع أن هذه المدينة مهمة بالنسبة للصحراويين وتمثل أهم و آخر معاقلهم في المنطقة، لذلك كان لابد للقوات الموريتانية من احتلالها لوقوعها على الطريق الصحراوي الرابط بين مدن الشمال الموريتاني والمدن الصحراوية ولتكمل بذلك حملتها العسكرية وتقضي على الخطر الذي يمثله مقاتلو جبهة البوليساريو فدارت معركة تحرير عنيفة قادها العقيد فياه دامت خمسة عشر يوما وفي 6 فبراير1976 رفعت القوات الموريتانية علمها خفاقا فوق مدينة أوسرد معلنة تحريرها.

في 5 من يونيو 1976 انطلقت قوة من تيندوف يقودها الولي مصطفي السيد، كان هدفها محاولة السيطرة على المناطق الاستراتجية لإرباك القوات الموريتانية وتوسيع الجبهة للتأثير في معنويات الخصم، و وصلوا انواكشوط وبعد مقتل الولي ودليله لعروصي وفرار بقية المجموعة قطعت عليها قوات المنطقة العسكرية الأولى بقيادة العقيد فياه الطريق عند بلدة تورين. فقتل من قتل واستسلمت البقية، فغنت لفياه الشوادي في المنتبذ القصي:

الله الله الله - طلّع درجت فياه

ليلتْ خبطتْ تورين :: أظهر فيها مزّاه

ماصلَّ بعد إلين :: ما خلَّ حد إوراه

ابتداء من أغسطس عام 1976 وفي أعقاب مقتل قائدها الولي السيد مصطفى بدأت جبهة البو ليزايو عملية ثأر أطلقت عليها "هجمة الولي".

ففي السابع من أغسطس 1976 قامت البوليزاريو بمحاولة اغتيال فاشلة لسفير موريتانيا في فرنسا الدبلوماسي المحنك والسياسي النشط أحمد ولد اغناه الله وذلك في باريس.

في يناير 1977 شنت هجمة على مواقع في الشمال الموريتاني، مثل لمسربيين و الشاكات في الحنك.

و في يوم العشرين من يناير عام 1977 وقع أول هجوم على ازويرات و بعد ذلك تمت مهاجمة تيشيت وتجكجة وأطار وشنگيطي و وادان.

وفي فاتح مايو تمت مهاجمة ازويرات للمرة الثانية حيث أسرالبوليزاريو عدة فرنسيين. مما جعل طائرات "الجاگوار" الفرنسية تنطلق من قاعدة "وَكام" بالعاصمة السنغالية دكار، لمهاجمة البوليساريو حيث قضت على الوحدات المنسحبة منها في منطقة "اعظم لحمار".

كانت البوليساريو تلجأ الى التوغل داخل التراب المالي بهدف التمويه و ضرب بعض المواقع في العمق الموريتاني.

وفي أغسطس سنة 1977 هاجمت مجموعة مكونة من 150 مقاتلا مدينة "باسكنو".

وفي 12 ديسمبر تمت مهاجمة قطار نقل الحديد القاعدة الأساسية لاقتصاد موريتانيا، وتم تعطيل تسع من عرباته

وفي نهاية ديسمبر قامت البوليزاريو بمهاجمة "اتميميشات".

كانت الحرب كرا وفرا وكان أغلبها يدور في الأراضي الموريتانبة نظرا لاتساعها، كما قالت الحكومة الموريتانية إن طابورا خامسا في المنتبذ القصي كان يساعد البوليزاريو ويوفر لها العون المالي واللوجستي إضافة لدور الجزائر المحوري.

كانت الأنباء القادمة من الشمال تتحدث عن بطولات العقيد فياه ولد المعيوف في سوح الوغى، وتصديه لوحدات البوليزاريو وكان مصدر قلق لهم، كسلفه لحزام ولد المعيوف لخصومه:

يللَّ عندي مگربْ لحزيم :: من لحزام وما ابعد لحزام

يقول الحماسي:

اسك مفصلن يالمعبود:: إفيّاه إفمَشِ فياه

عنّ هك، إفياه إعود :: تلْ ابعيد ءُ فياهْ إلاه

كان العقيد فياه من الضباط المخلصين للرئيس المرحوم المختار ولد داده ورفض بشكل قاطع المشاركة في الانقلاب الذي قاده بعض ضباط المؤسسة العسكرية في 10 يوليو 1978 على نظامه، فتم وضعه تحت الإقامة الجبرية.

يعرف فياه بين زملائه بالصرامة والانضباط والشجاعة والإقدام واحترام العسكرية.

في المحاولة الانقلابية 16 مارس 1981، قرر الانقلابيون جعله رئيسا لموريتانيا لفترة انتقالية، وبعد فشل المحاولة لجأ فياه للسفارة الفرنسية ثم رجع إلى منزله فجاء الدرك للقبض عليه، فنصب سلاحه ونثر ذخيرته، فأمر العقيد يال الحسن الدرك بالرجوع فرجعوا عنه وتم التفاوض معه وسويت المشكلة سلميا.

16 مارس 2017 يرحل البطل الرمز عن دنيانا الفانية ليقول لنا التاريخ إن لهذا اليوم المميز سر مع القائد المتميز.

له مجالٌ في الحروب حسنُ :: والعُرْبُ عندهم بألفٍ يوزَنُ

تغمده الله بواسع رحمته وأدخله فسيح جناته.

كامل العزاء للوطن

تصفح أيضا...