الحِوارُ والانحِدار... والعَلمُ والألَمُ...

أربعاء, 12/10/2016 - 01:02

يخوض الرئيس الفلبيني "رودريغو دوتيرتي" حربا شعواء ضد تجار المخدرات في بلاده، وفات أن قتل منهم العديد، وصرح أخيرا أنه يتمنى لو قتل مليونا من ذلك الصنف البشري....
أتمنى أنا لو وجد الموريتانيون رئيسا يشعلها حربا ضد المتملقين في بلاده، ويقتل منهم نحو ثلاثة ملايين.

في حلقته الأخيرة من برنامجه - الذي لا أذكر اسمه الآن - سأل الصحفي ولد آمَّه ضيفه عن ما إذا كان يخشى أن يكتب التاريخ أنهم بأساليبهم تلك يصنعون الدكتاتور؟ مسكين التاريخ!! ومسكين ولد آمِّه!! ومالِ الضيف وللتاريخ والجغرافيا والعلوم الطبيعية والتربية الإسلامية والتربية المدنية....؟ إن الضيف هو التاريخ عينه لو درى ولد آمَّه تاريخا!

رجعت إلى الإمارات مستهل عام ألفين وخمسة بعد إجازة في موريتانيا، وخلال مقيل سألني أحد الحكماء من علية القوم، عن الوضع في البلاد، فأطنبت في ذكر سيئات ما كان ذاتها من حال، والحكيم يومها من أشد المعارضين لنظام "الملك" السابق معاوية ولد الطائع، فخاطبني قائلا: لنحمد الله على ما نحن عليه، ففي آخر الزمان لا يأتي بعد السيء إلا الأسوء، اتخذت قوله هزؤا!! فما كنت أحجو أن سيبقى بعد "انقلاب ولد حننا" وحادثة "لَـمْغَيْطي" من خير لموريتانيا تحت نظام "المملكة الطائعية"، واليوم أستبين الرشد في قول ذلك الحكيم بعد سنوات عجاف من حكم "الملك عزيز" لموريتانيا.

في موريتانيا تتحول المفاهيم عن مدلولاتها، وتنزاح المعاني عن ألفاظها، وتُنعت الأشياء بأضدادها!! ففي زمان "الملك معاوية" كنا نقول للفساد بركة ووفرة في الخير! وللظلم وسرقة المال العام شجاعة وذكاء!! وفي عهد "الملك الحالي" يقولون لـملك الثراء ملك الفقراء! كان شعاره محاربه الفساد، ودثاره أهلُ فساد في البر والبحر، فما سمعت أذن سامع من يفتخر علنا بجنيه المليارات من غير حلها، قبل نظام هذا "الملك" وما أقيل الرجل وما استقال!!

وكما لم نسمع بمثل ما سبق، ما سمعنا في السابق ولا الآني حوارا بين متفقين، وأصحاب وجهة نظر واحدة، فالمعتاد أن يقام الحوار مخشاة التفرق، وطلب التفاهم، وانعقد الإجماع قديما على أن لا حوار بين متحدين في الرأي، إنما يراد الحوار لتفاهم واتفاق مختلفين، والكل يعلم اتفاق وعدم اختلاف الذين يلبسون الحق بالباطل في قصر المؤتمرات هذه الأيام، فأقصاهم الذي يريدها ملكا لآل العزيز، وأدناهم من يطالب بالعبث بالثوابت الرمزية لبلد لم يبق له هذا "الملك" غير بقية رموز وشيء من التاريخ، تود زبانيته وسفهاء بلاطه لو كان كأمس الدابر!

أضحك ملء فمي إذا سمعت عن تغيير العَلم، وكأنه الشيء الوحيد الحؤول عن ازدهار بلد يستورد كل حاجياته، نظامه التعليمي منهار، وكذا الصحة، والغذاء والأمن، وخدمات الإدارة... ولا شيء يتقدم فيه إلا البطالة والتملق، لكن لا ضير فعندما تضاف "الخطوط الحمراء" إلى العَلم المسكين فسيكون ذلك بداية حل لمشاكل البلد!

قال الضيف لولد آمَّه إن الولاية الثالثة مطلب لكل الموريتانيين والعجب أنه لم يسثن حتى شخصي الكريم، فكيف ألحقني بالمطالبين بمأمورية ثالثة لـمن مللناه سنته الأولى، وكرهناه في الثانية.... وكل سنة له كسابقتها والتي تليها!!

قد أظلكم اليوم زمان انهيار موريتانيا إذا أكمل "الملك العزيز" ولايته الثانية، أما إذا ولَّوه ثالثة فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله.

من صفحة المدون Ahmedou Bazeid