ليذوق رجال مر ما صنعوا .../ أحمد الشيخ

خميس, 17/03/2016 - 16:51

حقق تكتل القوى الديمقراطية برئاسة أحمد ولد داداه، رغم القول بأنه قد ضعف جدا، انتصارا حقيقيا، حيث نظم، قبل بضعة أسابيع، مهرجانا جذب الآلاف من المناضلين والمناصرين معهم. ومنذ ذلك الوقت، لم يعود النظام ينام بكل راحة بال. ووعيا منه، بدون شك، أن الخلافات، وتقلبات المزاج وانعدام الإجماع حول مسألة الحوار، والتي تسببت بالفعل في "انسحاب" تكتل القوى الديمقراطية، ستكون قاتلة للمعارضة، فقد اضطر إلى مراجعة خططه على وجه الاستعجال. لم تمت المعارضة فحسب، ولكنها لا تزال قادرة على تعبئة الجماهير بأعداد كبيرة. لقد أظهرت مهرجانات المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وتكتل القوى الديمقراطية أن السكان تعبوا من مواعيد عرقوب ولا يفوتون فرصة ليعلنوا استياءهم على رؤؤس الأشهاد ورفضهم لوضعية لم تعد تطاق، حيث أصبحت البطالة وارتفاع الأسعار والظلم، والإفقار والاستيلاء على موارد البلاد هي الميزة اليومية. وللتعبير عن استياء أصبح عرضيا، فإن جميع الوسائل جيدة: الشعر، الراب، شبكات التواصل الاجتماعي، المظاهرات في الشوارع والاعتصامات... كل شيء مباح لشجب نظام يتردد أكثر مداحيه تحمسا في الدفاع عنه. فإلى من يعود الخطأ ؟.. إلى رئيس لا يظهر سوى ازدراء أنصاره ولا يترك لهم أية أرباح ولا مكافآت. ولزيادة الضجة، قررت المعارضة نقل أنشطتها إلى الشرق، من خلال عقد ثلاثة مهرجانات في النعمة ولعيون كيفه. ومنذ إعلان هذه الجولة للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة تم الاستنفار في كل القيادات السياسية. تتوالى اجتماعات الأزمة ويستدعى الوجهاء للنجدة، كما جرى في الطينطان قبل بضعة أسابيع عندما نشر حزب تواصل معلومات بأنه سينظم مهرجانا في تلك المدينة. هرع اثنان من الوزراء وعدد من كبار المسؤولين لمواجهة الشائعات. ولكن هذه المرة، لا يتعلق الأمر بحزب واحد بل إن جميع أحزاب الجبهة هي التي قررت بدء هجوم لاقتحام الشرق. أصيبت السلطات المحلية بالذعر، حيث يدعو الولاة شخصيا أبناء مختلف المدن والقرى للحضور ومد يد المساعدة، في حين ينبغي أن يكون مهرجان المعارضة مظهرا طبيعيا من مظاهر الديمقراطية وأن تتبنى السلطات موقف الحياد التام، لأنها لا تمثل حزبا من الأحزاب، بل الدولة، فقد وقع العكس تماما. أرسلت الحكومة الوزراء وكبار المسؤولين وشيوخا صغارا في محاولة للحد من تأثير هذه التجمعات، من خلال تنظيم مهرجانات موازية تماما، انتهت بإخفاقات مدوية، سواء النعمة أو لعيون أو كيفه، رغم توزيع الأسماك واللحوم على كل أولئك الذين تخلوا عن المشاركة في مهرجانات المعارضة. إنها طريقة بالية، تم تجريبها سابقا في نواكشوط ولم تسفر عن أية نتيجة مقنعة. وحتى في عهد ولد الطايع، لم تستخدم قط مثل هذه الأساليب. لماذا الآن حيث لا تلوح أية عملية انتخابية في الأفق؟ لماذا يراد أن تثبت، مهما كلف الثمن ولكل أحد، أن المعارضة لم تعد تمثل شيئا يذكر؟ من يختبئ وراء هذه المناورات غير الديمقراطية ؟ لماذا لم ينزل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية إلى الميدان "للمقارعة"، وهو الحزب الحاكم والذي يفترض أنه ند لهذه الأحزاب ؟ هل تم استبعاده طوعا؟ من قبل من ولمصلحة من؟ إذا كان ذلك لقياس شعبية لوزراء عبر إرسالهم إلى ميدان المعركة، ومن ورائهم الحكومة، فإن المعاينة مريرة. يجب رمي الطفل مع ماء الحمام. لم يصل قط فريق إلى هذه الدرجة من عدم الشعبية. إن الشرق، الذي كان بالأمس حصنا حصينا للحزب الحاكم، أيا كان، ومجالا مفضلا للزعماء التقليديين وغيرهم من الوجهاء، على وشك تغيير موقفه لسبب بسيط: لقد سئم مواطنوه.. تعبوا من اعتبارهم الضحية التي لا تدعى إلا عند اقتراب موعد الانتخابات وننسى فور وضع البطاقة في صندوق الاقتراع، بل شرحوا ذلك بوضوح لمبعوثي الحكومة. الوعود، والوعود، ودائما الوعود. فما ذا يقول المثل الشهير، أيها السادة المبعوثون؟ ليذوق رجال مر ما صنعوا...

نقلا عن صحيفة تقدمي